ضمن سياق المقال السابق وإيفاءاً للوعد بشأن استيضاح الفرق بين محددات الصحة بالعربية والإنجليزية. قمت بإجراء بحثاً آخرعلى الشبكة العنكبوتيه وأدخلت جملة (Health Determinants) وهي تعني محددات الصحة باللغة الإنجليزية. فأسفر البحث عن الألآف من الكتب والمقالات العلمية, بل تعدى ذلك إلى تخصيص وزارة في مقاطعة أونتاريو بكندا تحت مسمى وزارة تعزيز الصحة من مهامها العمل في مجالات الصحة العامة ومحددات الصحة وأخرى تحت مسمى وزارة الصحة والرعاية الطبية الطويلة المدى. كما أن كثيرًا من الدول مثل كندا واستراليا وبريطانيا وغيرها قامت بإنشاء وتطويرأدلة عمل ليسترشد بها المختصين والمهتمين بالصحة عند تطبيق البرامج المعززة للصحة وقد تم نشرها على موقع "منظمة الصحة العالمية" بلغاتهم. ولكن ماذا عن الدول العربية في هذا الصدد؟ لقد انتابني شعوربخيبة أمل عندما قمت بالضغط على خيار العربية للصفحة الرئيسية لرابط محددات الصحة على موقع "منظمة الصحة العالمية" وكانت المفاجأة .......الصفحة غير متاحة بالعربية!! وعلى صعيد آخر، تقوم دولة مثل كندا بنشر تقاريرسنوية عن محددات الصحة على الموقع الإلكتروني لوزارتها. ويتم من خلال تلك التقاريررصد لعوامل الخطورة المتعلقة بسلوكيات الإنسان الصحية ومنها على سبيل المثال لا الحصر؛ رصد لمعدل التزام الأمهات بالرضاعة الطبيعية ومعدلات التدخين بين فئة المراهقين والمراهقات ومعدل استهلاك الفرد من الفواكه والخضروات ومعدل النشاط الرياضي للفرد وغيرها من السلوكيات الصحية التي من شأنها أن تؤثر على صحة الإنسان. والغرض من نشر مثل تلك المعلومات هو الإستفادة منها فيما يلي: أولاً؛ في توجيه الموارد البشرية والمادية وثانياً؛ في التخطيط السنوي والإعداد لبرامج التثقيف الموجه لتعديل سلوكيات الفئات التي ثبت أن لديها معدلات خطورة عالية. وقد لا يكون هذا الموضوع جديدا على ما تقوم به وزارة الصحة وبعض من كليات الطب في الجامعات. ولكن الجديد هنا هوحصول المهتمين بمحددات الصحة وكذلك المسئولين على المعلومة المناسبة في الوقت المناسب مع تحري الدقة في المعلومات الواردة. وبالتالي تضمن الدولة صناعة القرار في الوقت المناسب واتخاذ الإجراء الوقائي كذلك في الوقت المناسب. وأود التأكيد هنا على الوقت ليس لأنه من محددات الصحة بالطبع ولكن نظرًا لقيمته العظيمة والتي لا تقدر بثمن. يمكننا القول أن كلاً من دولة كندا وأستراليا هما من أكثر الدول التي حققت تقدماً ملموساً في التخطيط والتنفيذ لخدمة هذا المجال منذ إعلان (ميثاق أوتاوا) الخاص بتعزيز الصحة في العام 1986م وتلاه ( ميثاق بانكوك) في العام 2005م. هذا ليس غريباً على مجتمعات قد وعت وتصالحت مع محددات الصحة منذ زمن وتفاعلت مع جميع المحددات بصورة ايجابية وطبقتها في سلوكياتها وتبنت مبدأ الشراكة بين القطاعات الحكومية والخاصة وأدرجتها ضمن خططها الوطنية. يجدر بنا الإطلاع بعمق على تلك التجارب والإستفادة منها و أن ننطلق من حيث انتهى الآخرون ونتصالح مع محددات الصحة ولندرجها ضمن خططنا الوطنية. وبمناسبة التخطيط سنتناول في مقال الأسبوع القادم محددات الصحة والتخطيط للوطن انتظرونا. وأخيراً نسأل الله لنا ولكم التوفيق و السلامة. *رئيسة قسم تثقيف المرضى وعائلاتهم بمستشفى المساعدية للولادة والأطفال *إستشارية طب المجتمع