بقيمة 8 مليارات دولار.. بايدن يُسلّح إسرائيل ب«صفقة الوداع»    ضبط 19541 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    السعودية تدفع بالطائرة الإغاثية ال5 لمساعدة سورية    البيرو.. سقوط حافلة من ارتفاع 150 متراً ومقتل 6 أشخاص    الرماح والمغيرة يمثلان السعودية في رالي داكار 2025    غرفة أبها تطلق مبادرة عيادات الأعمال الاستشارية بمجموعة خدمات متعددة    إيران.. استخراج 100 عبوة مخدرة من معدة شاب    مايكروسوفت تعتزم إنفاق 80 مليار دولار أمريكي على مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي في السنة المالية 2025    بعد انتشاره في الصين ..مختصون يوضحون ماهية فيروس HMPV ومدى خطورته    طقس شديد البرودة مع تكوّن الصقيع على عدد من مناطق المملكة    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    «ظفار» احتضنهما.. والنهائي يفرقهما    افتتاح طريق التوحيد بمنطقة عسير    عُمان أمام البحرين.. دوماً في أمان    ترامب يشتكي من تنكيس الأعلام في يوم تنصيبه    وكيل وزارة الشؤون الإسلامية لشؤون الدعوة يزور فرع الوزارة في جازان ويتابع سير العمل فيه    ريال مدريد ينتفض في الوقت الضائع ويهزم فالنسيا ب 10 لاعبين    ميلان يقلب الطاولة على يوفنتوس ويتأهل لنهائي السوبر الإيطالي    جمعية التنمية الأسرية تعرض خدمات مركز الأنس بصبيا    حازم الجعفري يحتفل بزواجه    الأرصاد: حالة مطرية بين المتوسطة والغزيرة على مناطق المملكة    الشرع يبحث مع ميقاتي العلاقات بين سوريا ولبنان    غرفة جازان ومركز الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني يعززان شراكتهما لدعم التنمية الإعلامية في المنطقة    وكيل وزارة الشؤون الإسلامية لشؤون الدعوة يزور مسجدي التابوت والنجدي الأثريين بجزر فرسان    مدير الأمر بالمعروف يزور مدير فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية    الأخضر السعودي تحت 20 عاماً يكسب أوزباكستان وديّاً    أمير عسير يستقبل رئيس جمهورية التشيك في بيشة    حرس الحدود يحبط تهريب (56) كجم "حشيش" و(9400) قرص من مادة الإمفيتامين المخدر    موقف الهلال من قيد نيمار محليًا    العُلا تستضيف نخبة نجوم لعبة «البولو»    انطلاق ملتقى الشعر السادس بأدبي جازان الخميس القادم    القيادة تعزي الرئيس الأمريكي في ضحايا الحادث الإرهابي الذي وقع في مدينة نيو أورليانز    خطيب المسجد النبوي: نعم الله تدفع للحب والتقصير يحفز على التوبة فتتحقق العبودية الكاملة    «الجمارك» تُحبط 3 محاولات لتهريب أكثر من 220 ألف حبة محظورة    مغادرة الطائرة الإغاثية السعودية الرابعة التي يسيّرها مركز الملك سلمان للإغاثة لمساعدة الشعب السوري    مظلات الشحناء والتلاسن    الكلية الأمنية تنظّم مشروع «السير الطويل» بمعهد التدريب النسائي    كيف تتجنب ويلات الاحتراق النفسي وتهرب من دوامة الإرهاق؟    لتعزيز سعادتك وتحسين صحتك.. اعمل من المنزل    كيف ستنعكس تعديلات أسعار اللقيم والوقود على الشركات المدرجة؟    الغضراف    ذلك اليوم.. تلك السنة    خشونة الركبة.. إحدى أكثر الحالات شيوعاً لدى البالغين    الصراعات الممتدة حول العالم.. أزمات بلا حلول دائمة    عام جديد بروح متجددة وخطط عميقة لتحقيق النجاح    محمد الفنتوخ.. الهمّة والقناعة    عبير أبو سليمان سفيرة التراث السعودي وقصة نجاح بدأت من جدة التاريخية    سوق العمل السعودي الأكثر جاذبية    ابتسم أو برطم!    سُلْطةُ الحُبِّ لا تسلّط الحرب    لماذا لا تزال الكثيرات تعيسات؟    عام الأرقام والتحولات الكبيرة السياسة الأمريكية في 2024    السعودية تأسف لحادثة إطلاق النار التي وقعت في مدينة سيتينيي بالجبل الأسود    استقبله نائب أمير مكة.. رئيس التشيك يصل جدة    محافظ محايل يلتقي مدير عام فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية    المملكة تنظم دورة للأئمة والخطباء في نيجيريا    أمين الرياض يطلق مشروعات تنموية في الدلم والحوطة والحريق    نائب أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الرياضة بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأخطاء الطبية .. مقص ب 40 ألف ريال
نشر في عناية يوم 11 - 01 - 2011

غرائب الأخطاء الطبية تتكرر في كل مكان، وتبقى مساحة من الاختلاف مرتبطة بطبيعة الإجراءات والممارسات المهنية التي تحد من الأخطاء الطبية، ثم المعالجة القضائية العادلة لضحاياها على نحو يجبر الضرر الذي أصابهم. قرأت قبل سنة تقريبا أن امرأة في محافظة جدة أجرت عملية جراحية في البطن لمعاناتها من السمنة، وظلت بعد العملية تعاني لأشهر مشكلات صحية لم تتبين أسبابها, حتى ظهر سبب كل ذلك وهو وجود مقص نسيه الجراح أثناء إجراء العملية الجراحية. رفعت دعوى أمام الهيئة الصحية الشرعية؛ فحكم لها بمبلغ 40 ألف ريال كتعويض عما لحقها من مقص الجراح المفقود! إذا كانت هذه المرأة قد وكلت محاميا؛ فالغالب أن التعويض لا يفي بأتعابه فضلا عما لحقها من جراء هذا الخطأ الطبي. عدم ملاءمة التعويض للضرر ترتبط بتقدير الدية حاليا ب 100 ألف ريال على أساس أن الدية شرعا 100 من الإبل. وصرح وزير العدل أن المحكمة العليا تراجع ذلك لرفع قيمة التقدير، وأرجو ألا تطول دراسة ذلك، وأن يكون التقدير واقعيا يتفق مع أسعار الإبل حاليا.
أعتقد أن الأخطاء الطبية جزء من ضعف عديد من الإجراءات المتعلقة بالممارسة المهنية للعمل الطبي لدينا. في حالات كثيرة لا يطلع المريض على تفاصيل وضعه الصحي بشكل يمكنه من فهم كل التبعات المتعلقة بالعلاج أيا كانت طبيعته. وإذا اطلع المريض على وضعه الصحي فإنه يبلغ بذلك شفاهة ولا يمنح أي وثيقة تثبت ما دار بينه وبين الطبيب. شاهدت في الولايات المتحدة أن الطبيب يثبت كل التفاصيل والنقاش الذي يتم بينه وبين المريض ليس في الملف الطبي فقط, إنما يعطي المريض نسخة من ذلك في كل مرة يقابله فيها دون أن يطلب المريض ذلك. هذه الوثيقة تشمل كل التفاصيل من تشخيص وعلاج وتساؤلات المريض. هذا التوثيق صورة للمهنية التي يعمل بها الطبيب، وحق للمريض في معرفة ومراجعة حالته الصحية مستقبلا مع الطبيب نفسه أو مع طبيب آخر. المادة 15 من نظام مزاولة المهن الصحية (1426) تعطي المريض الحق في الحصول على تقرير عن حالته الصحية, أي يجب على الطبيب تقديم ذلك إذا طلبه المريض, والأولى أن يكون ذلك جزءا من الممارسة المهنية بغض النظر عن طلب المريض. بسبب غياب هذا النوع من التوثيق لدينا؛ فإن بعض ضحايا الأخطاء الطبية يعانون إثبات الخطأ الذي وقع عليهم، وليس أمامهم إلا الملف الطبي.
كما أن المؤسسات الصحية لا تتبنى إجراءات واضحة وشفافة للمراجعة والمراقبة الداخلية؛ لكشف الأخطاء الطبية والتعامل مع تبعاتها بكل حياد دون انتظار ردة فعل المريض أو ذويه. بل في حالات كثيرة لا تعبأ بالمعاناة النفسية للمريض أو ذويه بسبب الخطأ الطبي، ويتحول المشتكي في نظرهم إلى خصم يجب الحذر منه وعدم تمكينه من أي معلومات أو وثائق تتعلق بموضوع الشكوى. هل سمعتم أن مؤسسة صحية بادرت بالاتصال بمريض تعترف فيه بخطأ طبي وقع في حقه دون علمه؟
دخول شركات التأمين في العمل الطبي أدى إلى تطوير الإجراءات المتعلقة بحقوق المريض والطبيب على حد سواء. تأمين الأطباء ضد الأخطاء المهنية يحمل شركات التأمين على العمل الدائم مع المؤسسات الصحية لتطوير أداء الطبيب والإجراءات المحيطة بالعمل الطبي لتلافي أي أخطاء محتملة ربما تكلفها الكثير. كما أن شركات التأمين يعنيها سن إجراءات لضمان حقوق المريض تلافيا لأي مخاطر تعقبها خسائر مادية. هذا الخليط بين المعايير الطبية القياسية والإجراءات القانونية الصارمة هي التي ولدت توثيقا دقيقا لكل إجراء طبي يتم؛ حيث يُعنى باستكمال بياناته والمحافظة عليه أكثر من طرف؛ لأنه يضمن حقوق المؤسسة الصحية والممارس الصحي والمريض وشركات التأمين على حد سواء. هذا التأثير الإيجابي لا يزال محدودا لدينا؛ لأن صناعة التأمين حديثة نسبيا.
الخطأ لا يقع دوما بسبب العمل الطبي بمعناه الفني, لكن ربما يكون بسبب جملة من الإجراءات المحيطة به. أجريت منذ عدة سنوات عملية لتصحيح النظر والاستغناء عن النظارة الطبية، سألت الطبيب عشرات الأسئلة، حتى أنني سألته أن يخبرني بأسوأ موقف واجهه. كنت أود أن أقف على أسوأ الاحتمالات. أفادني الطبيب بأنه كان بصدد إجراء عملية تصحيح نظر لأكثر من مريض بعد يوم من إجراء الفحوص الأولية, خاصة أنها لا تستغرق إلا دقائق معدودة، وعندما كان يتم استدعاؤهم للدخول قام أحدهم بالدخول مكان مريض آخر لم يحضر، وأجريت له العملية على أساس قياس نظر المريض الغائب، إلا أنه تم اكتشاف الخطأ لاحقا، وأعيدت العملية ونجح المريض في التخلص من النظارة بعد عمليتين إحداهما خطأ. الواقعة لا تتعلق بخطأ يتعلق بأداء الطبيب للعملية ذاتها؛ لكنها تتعلق بطبيعة الإجراءات المصاحبة لكثير من الأعمال الطبية في مستشفياتنا العامة والخاصة.
د. ناصر بن راجح الشهراني
أستاذ القانون المساعد في جامعة الملك سعود


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.