يستغل ضعاف النفوس، في بعض المجتمعات الإسلامية، العاطفة الدينية للناس، لخدمة أغراضهم الشخصية، والتسلط على البسطاء من الناس، وتمرير أفكارهم غير السوية. لكن العجيب حقا، استغلال بعض المتسلطين من المديرين، والمسؤولين، العاطفة الدينية لبعض الموظفين، وتربيتهم الحسنة، في إحراجهم، والتضييق عليهم، فعوضا عن القيام بمسؤولياته الإدارية، يتحول ذلك المسؤول بقدرة قادر إلى واعظ ديني، وشيخ زاهد، يحاضر الموظفين عن تقوى الله، ويشجعهم على بذل زكاة الوقت والعلم، يصبرهم على أحوالهم الوظيفية المتردية، وتعطل صرف مكافآتهم وبدلاتهم، في محاولة مكشوفة لتبرير «تخبيصه» الإداري، وصرفهم عن المطالبة بتطوير أداء المنشأة. ومن نوائب الدهر، ما يقوم به بعض جهلاء الناس وبسطائهم، من طلب الرقية من كل من هب ودب، لدى عوارض مشكلة نفسية، أو اجتماعية، أو بدنية عضوية، ظنا منهم أن كل ما أصيبوا به هو «حسد» أو «عين»، فيسلمون زمام عقولهم إلى بعض المنتفعين والمتسلطين، الذين يستغلون حاجاتهم النفسية، في إقناعهم أنهم محتاجون إلى غيرهم للتعامل مع ربهم، ويقومون بالبصق عليهم، وضربهم، وركلهم، وخنقهم، وأخيرا، صعقهم بالكهرباء حتى الصرع أو الموت، ويمارسون سطوتهم عن طريق الإيهام والإيحاء، حفاظا على مكانتهم الاجتماعية، ومكاسبهم المادية. أما المضحك المبكي، تعدي أحدهم على الجن، بعد تعديه على بني البشر، وادعاؤه تلبس الجن به، والخوض في غيبيات الأمور، واستغلال موروثات ثقافية واجتماعية، لتفسير أخطائه وسوء سلوكه، وتبرير مخالفاته الأمنية والإدارية، وهو ما يثير تساؤلات شائكة، عن مدى تأثير تلك القناعات الموروثة، في صياغة سلوك كثير من الناس، وهروبهم من علاج اضطراباتهم الشخصية، إلى مزيد من التخلف الاجتماعي. من الضروري في رأيي قيام المؤسسات التربوية، والدينية، والتعليمية، والإعلامية، بمضاعفة الجهود، للحد من إساءة استخدام المشاعر الدينية للناس، واستغلالها أسوأ استغلال من بعض المنتفعين، عن طريق نشر الوعي بتلك المشكلات الفكرية، وتربية النشء على سعة الأفق الديني، ومراقبة السلوكيات الاجتماعية والإدارية المنحرفة، واتخاذ إجراءات إدارية وأمنية حيالها، بعيدا عن التأويلات والتفسيرات، التي لا تتفق مع المنطق السليم، والشريعة السمحة. * استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النوم