معالي رئيس الجلسة أخي الدكتور علي العبيدي معالي مدير المكتب الإقليمي لشرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية الدكتور علاء علوان معالي الوزراء السادة الحضور السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وصباح الخير أولًا: أتقدم بالشكر لدولة الكويت قيادة وحكومة وشعبًا على حسن التنظيم وكرم الضيافة لاجتماعنا هذا... كما أشكر معالي المديرة د.مارقرت تشان ومعالي د.علاء علوان على تقديمهم العزاء في ضحايا حادث التدافع الأليم الذي وقع يوم العاشر من ذي الحجة في مشعر منى في حج هذا العام، وأنا بدوري ونيابة عن خادم الحرمين الشريفين وباسم المملكة العربية السعودية حكومة وشعبًا أتقدم بأحرّ التعازي القلبية في من فقدنا في هذا الحادث المؤلم ونحتسبهم عند الله شهداء، وندعو أن يمنّ الله على المصابين بالشفاء العاجل. وأود أن أؤكد أنه لطالما اعتبرت المملكة العربية السعودية خدمة ضيوف الرحمن شرفًا لا يضاهيه شرف، وتجنّد الغالي والنفيس للحفاظ على سلامة الحجاج وتمكينهم من أداء مناسكهم على أكمل وجه. وكما يعلم الجميع فإن تنظيم موسم الحج يشكل تحديًّا صحيًّا ضخمًا، وفي هذا العام بالذات واجهت المملكة تحديات إضافية كبيرة تمثلت في ارتفاع درجات الحرارة وزياد خطر الإصابة بضربات الشمس والإجهاد الحراري، بالإضافة لأخطار تفشي الأوبئة. وعلى الرغم من تجاوز المملكة ثلاثة مواسم للحج بدون أن تتسبب في نقل متلازمة الشرق الأوسط لأي من الدول التي قدم منها الحجاج إلا أن المملكة ارتأت أن التحدي سيكون أصعب هذا العام؛ بسبب تزامن موسم حج هذا العام مع زيادة في عدد حالات فيروس (كورونا) المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية استثنائية قبيل موسم الحج؛ مما أوجب علينا اتخاذ إجراءات احترازية إضافية لم تطبق سابقًا؛ لمنع الحالات سواء أولية أو ثانوية، وقد شملت تلك الإجراءات الاستباقية منع عدد كبير من المخالطين للمرضى على قائمة المتابعة بالتنسيق مع وزارة الداخلية ووزارة الحج؛ وذلك إجراء غير مسبوق. كما قمنا أيضًا بمنع الإبل، وهي مصدر الإصابات الأولية بالفيروس من مناطق الحج، ولم يكن هذا بالأمر السهل واقتضى تنسيقًا وجهودًا مطولة مع عدد من الوزارات الأخرى المعنية قبل أن يتم تنفيذه على أرض الواقع. وعملت الوزارة لأشهر طويلة قبل الحج على تجهيز منشآتها للتعامل مع حالات الاشتباه بفيروس (كورونا)؛ حيث أعدت 121 غرفة عزل تنفسي و500 سرير عناية مركزة، بالإضافة إلى مختبرين ثابتين ومختبر واحد متنقل لإجراء فحص الفيروس في مناطق الحج. وفي حج هذا العام تم تفعيل نظام الاستقصاء الوبائي الإلكتروني المسمى "حصن" للإبلاغ عن الأمراض المعدية ذات البعد الوبائي، وتم التنسيق مع البعثات الطبية المختلفة لتشارك في عملية الترصد، كما استضفنا خبراء في علم الوبائيات من المنظمة وأيضًا مركز مكافحة الأمراض بالولايات المتحدة، وتم الإبلاغ عن 1074 حالة التهاب رئوي في حج هذا العام، ولم تسجل، ولله الحمد، أي حالة لفيروس (كورونا) بينها. ورغم التحدي الذي نواجهه مع ظهور العديد من حالات (كورونا) في المملكة، إلا أن المملكة قد نجحت في أن يكون موسم هذا العام خاليًا من (كورونا) ليكون هذا هو الموسم الرابع على التوالي. فنجاح هذا الموسم بمنع حدوث حالات (كورونا) بين الحجاج كان امتدادًا للجهود الوقائية الصارمة التي تم تطبيقها هذا العام في المملكة بشكل عام، وقد عكست الإحصاءات ذلك، فقد أشارت إحصاءات عام 2014 أنه لكل حالة تم اكتسابها مجتمعيًّا (غالبًا من المصدر) هناك 9 حالات يتم اكتسابها داخل المستشفيات، ولكن هذه النسبة تغيرت تغيرًا جذريًّا في هذا العام (2015) حيث أصبح مقابل كل حالة مجتمعية حالة واحدة ناتجة عن عدوى واحدة داخل المستشفيات بدلًا من 9 حالات، ويعزى ذلك للتطبيق الصارم لاشتراطات مكافحة العدوى. أيضًا لاحظنا أن عدد المستشفيات التي حصل فيها فاشيات والتي هي تحت مظلة وزارة الصحة تناقص من 7 مستشفيات في عام 2014 إلى مستشفى واحد في عام 2015؛ مما يحتم علينا توسيع تجربة وزارة الصحة في التعامل مع هذه المشكلة الصحية لتطبق على القطاعات الأخرى. وعلى الرغم من هذه الجهود إلا أننا رأينا أنها لا تكفي لتحقيق الهدف المطلوب وهو استئصال هذه المشكلة الصحية من جذورها ومنع حدوثها في المستقبل؛ ذلك لأنها جهود تتعامل مع النتيجة لا مع أساس المشكلة؛ ولذلك اتجهت الوزارة منذ 3 أشهر إلى إدخال شركاء رئيسيين هما وزارة الزراعة ووزارة الشؤون البلدية والقروية بشكل فاعل بحيث تتساوى معنا في المسؤولية؛ ذلك لأن لهما دورًا مهمًّا جدًّا في منع الحالات الأولية، وهو ما تسعى إليه وزارة الصحة من خلال إشراك المجتمع بأكمله وبفاعلية للتصدي لهذا الفيروس ورفع مستوى الوعي للحول دون استمرار الحالات الأولية والتي هي بمثابة عود الثقاب. وبالإضافة إلى ما ذكرته سابقًا فإن المملكة الآن تقوم بقيادة تحالف علمي تقني للوصول إلى علاج مناعي ولقاح ضد فيروس الكورونا، وسيضم هذا التحالف خبراء من منطمة الصحة العالمية ومعهد الأبحاث الصحية الأمريكي (NIH) ومعهد التطعيمات الدولي وبعض الشركات الرائدة في تصنيع اللقاحات، وتم تحديد 14 نوفمبر لعقد اجتماع علمي لهذا الغرض في الرياض. وبعد الاسترسال في موضوع الكورونا الذي يهمكم جميعًا.. أعود بكم إلى ما قامت به المملكة بخصوص الحج.. فمن ناحية الوقاية من الأمراض الوافدة أود أن أشير إلى أن المنظومة الصحية في المملكة تقدم خدمات وقائية شاملة للحجاج بدءًا من منافذ الدخول الجوية والبرية والبحرية، والتي شهدت مرور أكثر من مليون وثلاثمئة ألف حاج تمت معاينتهم صحيًّا وإعطاء ما يزيد على 400 ألف جرعة من اللقاحات اللازمة لشلل الأطفال والعلاج الوقائي للحمى الشوكية. كما أود أن أشير إلى أننا نقوم الآن بتحليل المعلومات الإحصائية لآخر 10 مواسم حج، وذلك بالتعاون مع الخبراء الذين تمت استضافتهم هذا العام من (WHO and CDC) وسينتج عن ذلك تغيير وتطوير لاشتراطات الحج في الأعوام المقبلة؛ بهدف إنقاص عبء المراضة والوفيات. كما أننا نعتزم ابتداءً من العام القادم أو الذي يليه بدء مشروع بالشراكة مع وزارة الخارجية بجمع بعض المعلومات الوبائية من جميع الحجاج القادمين للمملكة لإنشاء قاعدة بيانات صحية من أكبر القواعد مخصصه للتجمعات البشرية؛ وذلك لتساعدنا في اتخاذ القرار المبني على الدليل، ويتضمن ذلك مشروع إنشاء مركز طب الحشود بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية. أما من الناحية العلاجية وحيث إن الكثير من الحجاج هم من كبار السن ولديهم نسب مرتفعة من الأمراض المزمنة؛ فقد هيأت المملكة 155 مركزًا صحيًّا و25 مستشفى بين ثابت وموسمي، وجندت 25 ألف عامل صحي للخدمة في الحج. وأظهرت إحصاءات وزارة الصحة أن واحدًا من كل ثلاثة حجاج على الأقل يحتاج إلى الرعاية الصحية أثناء الحج وأن حوالي 42٪ من المنوّمين في مستشفيات الحج لديهم أمراض مزمنة متعددة تستدعي توفير خدمات تخصصية متقدمة؛ ففي هذا العام أجرت طواقم وزارة الصحة 22 عملية قلب مفتوح و513 قسطرة قلبية و32 عملية منظار هضمي وأكثر من 2700 جلسة غسيل كلوي للحجاج. أما فيما يخص الاستجابة لحادثة التدافع فقد باشرت فرق الطب الميداني الحدث مباشرة، وتولت إسعاف الإصابات في موقع الحدث ومن ثم فرزهم ونقلهم لمستشفيات الوزارة في منى وعرفات ومكة المكرمةوجدة. واستعانت الوزارة بالإخلاء الجوي لنقل أكثر من 350 حالة لتخفيف الضغط عن مستشفيات منى. ورغم التحدي الذي واجهناه كقطاع صحي والعدد الكبير من الضحايا لهذا الحادث إلا أن حج هذا العام تميز بخلوه من الأمراض المعدية والمحجرية، كما كان المستوى الصحي بشكل عام جيدًا جدًّا. وفي الختام نأمل من الدول التي يتوافد منها الحجاج استمرار التعاون في ما يخدم الحج والحجاج، خصوصًا تثقيف الحجاج ورفع الوعي الصحي لديهم، ورفع معدلات التغطية باللقاحات المطلوبة للحجاج. ونؤكد مرة أخرى اعتزاز المملكة بخدمة الحج والحجاج، ونسأل الله أن يعيننا على أداء واجب خدمتهم على أكمل وجه، كما أننا مستعدون لمشاركة الدول الأعضاء بتجربتنا بمكافحة واحتواء فيروس (كورونا) وجهودنا الحثيثة في هذا المجال.