قال وزير الصحة المهندس خالد الفالح، في اجتماعات اللجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية بدولة الكويت، إن السعودية تقوم بقيادة تحالف علمي تقني للوصول إلى علاج مناعي ولقاح ضد فيروس "كورونا"، يضم خبراء من منظمة الصحة العالمية ومعهد الأبحاث الصحية الأمريكي (NIH) ومعهد التطعيمات الدولي، وبعض الشركات الرائدة في تصنيع اللقاحات، مشيرة إلى أنه تم تحديد 14 نوفمبر لعقد اجتماع علمي لهذا الغرض في الرياض. وأكد الوزير، خلال كلمته، أنه لطالما اعتبرت المملكة العربية السعودية خدمة ضيوف الرحمن شرفاً لا يضاهيه شرف، وتجند الغالي والنفيس للحفاظ على سلامة الحجاج وتمكينهم من أداء مناسكهم على أكمل وجه، مبيناً أن تنظيم موسم الحج يشكّل تحدياً صحياً ضخماً، وفي هذا العام بالذات واجهت المملكة تحديات إضافية كبيرة تمثلت في ارتفاع درجات الحرارة وزياد خطر الإصابة بضربات الشمس والإجهاد الحراري، بالإضافة لأخطار تفشي الأوبئة.
وتابعت: "وعلى الرغم من تجاوز المملكة ثلاثة مواسم للحج دون أن تتسبب في نقل متلازمة الشرق الأوسط لأي من الدول التي قدم منها الحجاج إلا أن المملكة ارتأت أن التحدي سيكون أصعب هذا العام؛ بسبب تزامن موسم حج هذا العام مع زيادة في عدد حالات فيروس "كورونا" المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية استثنائية قبيل موسم الحج مما أوجب علينا اتخاذ إجراءات احترازية إضافية لم تطبق سابقاً لمنع الحالات سواءً أولية أو ثانوية، وقد شملت تلك الإجراءات الاستباقية منع عدد كبير من المخالطين للمرضى على قائمة المتابعة، بالتنسيق مع وزارة الداخلية ووزارة الحج، وذلك إجراء غير مسبوق".
وبيّن: "قمنا أيضاً بمنع الإبل وهي مصدر الإصابات الأولية بالفيروس من مناطق الحج، ولم يكن هذا بالأمر السهل، واقتضى تنسيقاً وجهوداً مطولة مع عدد من الوزارات الأخرى المعنية قبل أن يتم تنفيذه على أرض الواقع، وعملت الوزارة لأشهر طويلة قبل الحج على تجهيز منشآتها للتعامل مع حالات الاشتباه بفيروس كورونا، حيث أعدّت 121 غرفة عزل تنفسي و500 سرير عناية مركزة، بالإضافة إلى مختبرين ثابتين ومختبر واحد متنقل؛ لإجراء فحص الفيروس في مناطق الحج".
واستطرد في كلمته قائلاً: "في حج هذا العام تم تفعيل نظام الاستقصاء الوبائي الإلكتروني المسمى "حصن" للإبلاغ عن الأمراض المعدية ذات البعد الوبائي، وتم التنسيق مع البعثات الطبية المختلفة لتشارك في عملية الترصد، كما استضفنا خبراء في علم الوبائيات من المنظمة، وأيضاً مركز مكافحة الأمراض بالولايات المتحدة. وتم الإبلاغ عن 1074 حالة التهاب رئوي في حج هذا العام، ولم تسجّل ولله الحمد أي حالة لفيروس كورونا بينها، ورغم التحدي الذي نواجهه مع ظهور العديد من حالات كورونا في المملكة، إلا أن المملكة قد نجحت في أن يكون موسم هذا العام خالياً من كورونا؛ ليكون هذا هو الموسم الرابع على التوالي".
واستكمل: "نجاح هذا الموسم بمنع حدوث حالات كورونا بين الحجاج كان امتداداً للجهود الوقائية الصارمة التي تم تطبيقها هذا العام في المملكة بشكل عام، وقد عكست الإحصاءات ذلك، فقد أشارت إحصاءات عام 2014 أنه لكل حالة تم اكتسابها مجتمعياً (غالباً من المصدر) هناك 9 حالات يتم اكتسابها داخل المستشفيات، ولكن هذه النسبة تغيّرت تغيراً جذرياً في هذا العام (2015)؛ حيث أصبح مقابل كل حالة مجتمعية حالة واحدة ناتجة عن عدوى واحدة داخل المستشفيات بدلاً من 9 حالات، ويعزى ذلك للتطبيق الصارم لاشتراطات مكافحة العدوى".
وقال: "أيضاً لاحظنا أن عدد المستشفيات التي حصل فيها فاشيات، والتي هي تحت مظلة وزارة الصحة تناقص من 7 مستشفيات في عام 2014 إلى مستشفى واحد في عام 2015، مما يحتم علينا توسيع تجربة وزارة الصحة في التعامل مع هذه المشكلة الصحية لتطبق على القطاعات الأخرى".
واستدرك: "وعلى الرغم من هذه الجهود إلا أننا رأينا أنها لا تكفي لتحقيق الهدف المطلوب، وهو استئصال هذه المشكلة الصحية من جذورها ومنع حدوثها في المستقبل؛ ذلك لأنها جهود تتعامل مع النتيجة لا مع أساس المشكلة، ولذلك اتجهت الوزارة منذ 3 أشهر إلى إدخال شريكين رئيسيين هما وزارة الزراعة ووزارة الشؤون البلدية والقروية بشكل فاعل، بحيث تتساوى معنا في المسؤولية؛ ذلك لأن لهما دوراً مهماً جداً في منع الحالات الأولية، وهو ما تسعى إليه وزارة الصحة من خلال إشراك المجتمع بأكمله وبفاعلية للتصدي لهذا الفيروس، ورفع مستوى الوعي للحيلولة دون استمرار الحالات الأولية، والتي هي بمثابة عود الثقاب".
وبعد الاسترسال في موضوع "كورونا" قال الوزير: "من ناحية الوقاية من الأمراض الوافدة أودّ أن أشير إلى أن المنظومة الصحية في المملكة تقدم خدمات وقائية شاملة للحجاج بدءاً من منافذ الدخول الجوية والبرية والبحرية، والتي شهدت مرور أكثر من مليون وثلاثمائة ألف حاج تمّت معاينتهم صحياً وإعطاء ما يزيد على 400 ألف جرعة من اللقاحات اللازمة لشلل الأطفال والعلاج الوقائي للحمى الشوكية.
وواصل: "أودّ أن أشير إلى أننا نقوم الآن بتحليل المعلومات الإحصائية لآخر 10 مواسم حج، وذلك بالتعاون مع الخبراء الذين تمت استضافتهم هذا العام من (WHO and CDC) وسينتج عن ذلك تغيير وتطوير اشتراطات الحج في الأعوام المقبلة؛ بهدف إنقاص عبء المرضى والوفيات. كما أننا نعتزم ابتداءً من العام القادم أو الذي يليه ببدء مشروع بالشراكة مع وزارة الخارجية بجمع بعض المعلومات الوبائية من جميع الحجاج القادمين للمملكة؛ لإنشاء قاعدة بيانات صحية من أكبر القواعد مخصصة للتجمعات البشرية؛ لتساعدنا في اتخاذ القرار المبني على الدليل، ويتضمن ذلك مشروع إنشاء مركز طب الحشود بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية".
وبيّن: "أما من الناحية العلاجية وحيث إن الكثير من الحجاج هم من كبار السن، ولديهم نسب مرتفعة من الأمراض المزمنة، فقد هيأت المملكة 155 مركزاً صحياً و25 مستشفى بين ثابت وموسمي، وجندت 25 ألف عامل صحي للخدمة في الحج؛ حيث أظهرت إحصاءات وزارة الصحة أن واحداً من كل ثلاثة حجاج على الأقل يحتاج إلى الرعاية الصحية أثناء الحج، وأن نحو 42% من المنومين في مستشفيات الحج لديهم أمراض مزمنة متعددة تستدعي توفير خدمات تخصصية متقدمة. ففي هذا العام أجرت طواقم وزارة الصحة 22 عملية قلب مفتوح و513 قسطرة قلبية و32 عملية منظار هضمي، وأكثر من 2700 جلسة غسيل كلوي للحجاج".
وأوضح: "أما فيما يخص الاستجابة لحادثة التدافع فقد باشرت فرق الطب الميداني الحدث مباشرة، وتولت إسعاف الإصابات في موقع الحدث، ومن ثم فرزهم ونقلهم لمستشفيات الوزارة في منى وعرفات ومكة المكرمةوجدة، واستعانت الوزارة بالإخلاء الجوي لنقل أكثر من 350 حالة؛ لتخفيف الضغط عن مستشفيات منى"، مشيراً إلى أنه رغم التحدي الذي واجهناه كقطاع صحي والعدد الكبير من الضحايا لهذا الحادث إلا أن حج هذا العام تميز بخلوه من الأمراض المعدية والمحجرية، كما كان المستوى الصحي بشكل عام جيداً جداً.
واختتم قائلاً: "نأمل من الدول التي يتوافد منها الحجاج استمرار التعاون في ما يخدم الحج والحجاج، خاصة تثقيف الحجاج ورفع الوعي الصحي لديهم، ورفع معدلات التغطية باللقاحات المطلوبة للحجاج"، مؤكداً اعتزاز المملكة بخدمة الحج والحجاج، سائلاً الله العون على أداء واجب خدمتهم على أكمل وجه، مشدداً على الاستعداد لمشاركة الدول الأعضاء في تجربة السعودية لمكافحة واحتواء فيروس "كورونا" والجهود الحثيثة في هذا المجال".