يبدو أن مضاعفات الأرق المزمن (Chronic Insomnia)والحرمان من النوم السليم تتجاوز المعاناة من الاكتئاب واضطرابات المزاج، وزيادة خطر.. الإصابة بارتفاع ضغط الدم وأمراض شرايين القلب، وتأثر نظام مناعة الجسم بشكل سلبي، فقد أشار تقرير حديث إلى ارتباط الأرق المزمن بارتفاع خطر الموت المبكر لدى المصابين به، بحسب الدكتور أيمن بدر كريّم استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النوم. وأوضح كريم أنه من خلال دراسة قام بها الباحثون في جامعة "وسكونسن" الأمريكية، على عينة من 2242 شخصا، تم تحليل بياناتهم المتعلقة بأعراض الأرق المزمن، تبين أن احتمال وفاة الأشخاص الذين عانوا من أرق بداية النوم، وكثرة التململ أثناءه، أو صعوبة العودة إلى النوم بعد الاستيقاظ، إضافة إلى الاستيقاظ في وقت مبكر غير اعتيادي، قد ارتفع بمعدل 3 أضعاف مقارنة بغيرهم من الأشخاص غير المصابين بهذه الأعراض المزعجة. وقد عُرضت نتائج هذه الدراسة مؤخرا خلال فعاليات مؤتمر " النوم 2010 " في شهر يونيو من السنة الحالية. وأفادت الدكتورة "لوريل فن" إلى أن ارتباط الأرق المزمن بالوفاة المبكرة، لم يتأثر بعدد من العوامل الأخرى المرتبطة باحتمال الوفاة مثل أمراض شرايين القلب التاجية، والسكري، وارتفاع ضغط الدم، وغيرها، في إشارة إلى العلاقة الوثيقة بين الحرمان من النوم الجيد الناتج عن الأرق المزمن وخطر الموت. واستنادا إلى مسح شامل أجراه "مركز التحكم في الأمراض" الأمريكي خلال العام 2009، فإن واحدا من كل عشرة أمريكيين يعانون من أعراض الأرق المزمن، و 30 % منهم لا يأخذون كفايتهم من عدد ساعات النوم المطلوبة (7 إلى 9 ساعات يوميا). تجدر الإشارة إلى أن عدد الأمريكيين المصابين باضطرابات النوم المزمنة (كالأرق وانقطاع التنفس أثناء النوم) يقدر بخمسين إلى سبعين مليون شخص. وقال الدكتور أيمن كريّم إن "الأرق السلوكي المزمن" يعد أهم أنواع الأرق، لارتباطه بزيادة التوتر والخوف من عدم القدرة على النوم السليم، ويكون في العادة نتيجة صدمة نفسية، أو مشكلة عائلية أو اجتماعية طارئة، تسبب أرقا حادا ورداءة في النوم لعدة أيام، لكن سيطرة الخوف من عدم القدرة على النوم السليم، وغلبة التوتر والتفكير المؤرقين، على الرغم من انتهاء آثار المشكلة المؤقتة، يؤديان إلى صعوبة النوم. ويجذر كريم من بعض السلوكيات الخاطئة التي يتبعها المريض سعيا للتحفيز على النوم، كإجهاد الفكر في محاولة النوم، مما يزيد من صعوبة الاسترخاء ويرفع درجة التوتر ويفاقم الأرق، فيحبس الشخص نفسه في حلقة مفرغة من الأرق والتوتر المزمنين. ويؤدي تكرر هذه التجربة الليلية إلى الحرمان المزمن من النوم، والشعور بفرط الخمول والنعاس وسوء التركيز أثناء النهار، واضطراب المزاج وحتى الاكتئاب، مما ينعكس سلبا على التحصيل الأكاديمي والمهني وسلوك الشخص تجاه عائلته ومجتمعه. ويصيب الأرق المزمن المكتسب 1 – 2 % من الأفراد في المجتمع - وغالبهم من النساء متوسطي الأعمار - وهو يمثل 10 إلى 15 % من الحالات التي تعالج في مراكز اضطرابات النوم بوسائل سلوكية معرفية ودوائية مختلفة. ومن الضروري تشخيص وعلاج بعض الأمراض العضوية، كأمراض الروماتزم أو مشكلات التنفس كالربو، أو أحد اضطرابات النوم كمتلازمة الساقين غير المستقرة وانقطاع التنفس أثناء النوم، وغيرها من الأمراض النفسية كالاكتئاب، نظرا لارتباط تلك المشكلات بظهور وتفاقم أعراض الأرق. وأبان كريّم أنه من المتوقع أن تساعد هذه دراسة الحديثة وغيرها من الدراسات المماثلة في نشر الوعي بخطر الإصابة بالأرق المزمن، والاهتمام بعلاجه بصورة فعالة، تجنبا لمضاعفاته الخطيرة على صحة الأفراد، ومقدرات المجتمعات.