لاشك أن الاكتئاب من الاضطرابات الخطيرة المنتشرة والمرتبطة بكيفية عمل وظائف الجسم والإحساس العاطفي والشعور بالذات، وطريقة التعامل مع المؤثرات والاستجابة للمتغيرات الخارجية. ويصيب الاكتئاب قريبا من 14 مليون شخص في الولاياتالمتحدة كل عام، ويتعرض له واحد من بين كل 6 أفراد خلال فترة حياتهم. وبالرغم من أن اضطرابات المزاج الموسمية تنتشر في أشهر الشتاء وتصيب قريبا من 6 في المائة من الأمريكيين، إلا أن 10 في المائة من الذين يعانون من أعراض هذا الاضطراب يصابون به في أيام الصيف، وتتلخص أعراضه في الشعور بالإحباط والعجز، والإحساس الطاغي بالضجر والشعور الزائد بالتوتر، والأرق المزمن ورداءة النوم، وفقدان الاستمتاع بالنشاطات الترفيهية والاجتماعية. ويعتبر الصيف أحد العوامل المساعدة على الاضطرابات النفسية لدى بعض الناس بسبب التغير المفاجئ في روتين الحياة اليومية، كالتعامل مع ضغط الأطفال والمراهقين الذين تخلصوا من روتين الدراسة وأصبحوا يطالبون بنمط ترفيه اجتماعي مكثف. وقد يشكل ارتفاع حرارة الطقس ورطوبة الجو في فصل الصيف أحد أسباب التوتر وتعكر المزاج نظرا للشعور المزعج بالحر والتعرق الشديد، مما يضطر بعض الناس إلى الخلود للنوم معظم أوقات النهار، وقضاء الوقت داخل المنزل بدلا من خارجه، مما يمكن أن يكون أحد عوامل الاكتئاب. ولاشك أن اختلال ساعات النوم والاستيقاظ والحرمان من عدد ساعات النوم المناسبة أثناء الإجازة الصيفية، من أهم أسباب اضطرابات المزاج والشعور بالإحباط وشدة الإرهاق. أما الهموم المالية، فهي أحد أسباب الشعور بالإحباط خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي أثرت سلبا على كثير من خطط السفر والتنزه، فالإجازة الصيفية لدى بعض الناس تعني صرف كثير من الأموال التي يحتاج أحدهم إلى وقت طويل لجمعها، ووقت أقصر بكثير لإنفاقها. وقد يرتبط الصيف لدى بعض الناس بحوادث أليمة أو خبرات سيئة، تعيد إلى النفس ذكرى مؤلمة كوفاة حبيب أو قريب، لا يمكن محوها من الذاكرة بسهولة. وعند الشعور بأعراض الاكتئاب، يجب استشارة الطبيب المختص، لتجنب تحولها إلى اكتئاب مزمن. ويعد التخطيط المسبق للإجازة الصيفية، واختيار وجهة السفر المناسبة، ورصد ميزانية معتدلة غير مرهقة ماديا، من أهم أسباب الراحة النفسية أثنائها. ومن الضروري الاهتمام بعوامل النوم السليم أثناء ساعات الليل وممارسة الرياضة الخفيفة، وعدم الالتزام الشديد بالحمية الغذائية تجنبا للضغط العصبي والتوتر، فالصيف من الأوقات التي من المفترض أن تكون سعيدة. ويفضل دائما قلة الالتزام الاجتماعي المقلق أثناء أيام الصيف، فالتمتع الهادئ بالإجازة الصيفية والشعور بالاستقرار وعدم الارتباط المفروض اجتماعيا قدر الإمكان، من أهم وسائل تجنب التوتر والإحباط. د. أيمن بدر كريم استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النوم