من منطلق اهتمامي بمحددات الصحة شد انتباهي ما ذُكر في تقريرباللغة الإنجليزية صادرفي العام "2005" عن (الشبكة الدولية للسياسات الصحية) وهي مؤسسة غيرربحية تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها، تحت عنوان "المحددات الحقيقية للصحة". حيث أشار التقرير إلى حلقة (الفساد والخدمات الصحية المجانية والمرض) والتي وُصفت "بالحلقة المفرغة". لقد أوضح التقريرأن الفساد ينتج في كثيرمن الأحيان في الخدمات المجانية وأن إساءة استخدام البيروقراطية المستوطنة عادة ما تكون مرتبطة أيضاً بالخدمات المجانية، وأن تلك العوامل مجتمعة تتكاتف وتؤثر سلباً على رضى المراجعين وعلى صحتهم بل وعلى مخرجات الرعاية الصحية من معدلات للمراضة والوفيات. على الصعيد نفسه فقد ذكر التقريرمخرجاً للتخلص من مأزق احتكار الخدمات الصحية المجانية. حيث أشارإلى ضرورة فتح المجال للإستفادة من منافسة القطاع الخاص في سبيل الخروج من تلك الحلقة المفرغة من الفساد والخدمات المجانية وتوفير خدمة صحية أفضل، شريطة أن تكون تلك المنافسة مبنية على المحافظة على مستويات جودة وسلامة عاليتين-انتهى ما ورد في التقرير-. حقيقة إن ما ورد في السياق السابق قد أعاد إلى الأذهان توجه وزارة الصحة المُعلن في الشراكة الإستراتيجية مع القطاع الخاص والمقرون بعدم تنازل معالي وزيرها عن تطبيق أعلى معايير الجودة. بداية، فقد استبشرت بشفافية معاليه بخصوص استراتجية الوزارة، ولا أخفي عليكم مدى سعادتي وغبطتي بما لمسته من مثل تلك القرارات والإستراتيجيات من منهجية علمية مبنية على خبرات عالمية في سبيل تحسين الصحة وشعرت أن صحة البلاد والعباد في حال استمرت على هذا النهج قد أصبحت في أيد أمينة. ونهاية، تمنيت أن تنتقل تلك الجهود والقرارات من مرحلة ماذا...! إلى مرحلة الكيف...! كما تساءلت؛ متى يا ترى سوف نلمس نتائجها على أرض الواقع بالصورة التي تخرجنا جميعاً من "الحلقة المفرغة" المشار إليها في مطلع المقال. أرجو أن لا يُساء الظن بي ويؤخذ على أنه بمثابة إطراء من طبيب لوزير صحة، بل هي كلمة حق أردت أن يسجلها التاريخ من خلال توجهات علمية واضحة لوزارة الصحة. كما أن هذا المقال يُعد وفاءً لما وعدتكم به سابقاً من توجهي في طرح تجارب للبلدان المتقدمة في سبيل تحقيق مؤشرات جودة خدمات صحية أفضل لوطننا الغالي. والله من وراء القصد. *استشارية في الطب الوقائي