عقد مؤخرا مكتب الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع بالمنطقة الشرقية ندوته العلمية الأولى لهذا العام 1431 ه تحت عنوان : "الرعاية الصحية الأولية : الآن أكثر من أي وقت مضى" صرح بذلك لعناية الدكتور عبدالله ين سرور الجودي أستاذ طب المجتمع المساعد المشرف على مكتب الشرقية. بدأ اللقاء بترحيب من الدكتور الجودي بالحضور مبينا أن سبب إختيار الموضوع يعود إلى أهميته وحيوتيه إذ يكاد يجمع الخبراء على أن أفضل طريقة لتقديم الخدمات الصحية هي الرعاية الصحية الأولية وأكد ضرورة الفصل بين النظرية والتطبيق فالقصور الذي نشهده في تطبيق الفكرة ليس لخلل فيها بل لقصور في فهمها وتطبيقها على أرض الواقع وقال إن هذا اللقاء يهدف إلى فتح قنوات الاتصال بين العاملين في تخصص طب الأسرة والمجتمع والرعاية الصحية الأولية في مختلف القطاعات المقدمة للخدمات الصحية وبين المجتمع بهدف نشر الوعي الصحي المبني على البراهين بين الجميع والوصول إلى أفضل السبل لتعزيز صحة المجتمع ووقايته من الأمراض عن طريق تطبيق المفهوم الحديث لطب الأسرة والمجتمع والرعاية الصحية الأولية . وقد بدأ اللقاء بمحاضرة للدكتور شاهر الشهري استشاري طب الأسرة والمجتمع بجامعة الدمام لخص فيها تقرير منظمة الصحة العالمية عن الرعاية الصحية الأولية في العالم منذ إعلانها قبل ثلاثين عاما وتطرق إلى التغييرات التي حدثت في العالم وأدت إلى تطور مفهوم الرعاية الصحية الأولية كمفهوم شامل يركز على المريض وليس على المرض فقط وركز على أهمية أن تكون خدمات الرعاية الصحية الأولية متوفرة لجميع الناس ومتجاوبة مع احتياجاتهم وأن تكون بجودة تناسب التقدم العلمي ألذي وصل إليه الطب ولفت أنظار الحاضرين إلى أهمية إلى أن يكون تقديم الخدمة بواسطة أطباء أسرة مؤهلين يقودون الفريق الصحي المؤهل الذي لا غنى عنه إذا أردنا تقديم رعاية صحية أولية حقيقة . ثم بعد ذلك قام الدكتور هادي العنزي استشاري طب الأسرة بأرامكو السعودية بإدارة النقاش وكان أول المتحدثين سعادة الأستاذ الدكتور سميح الألمعي عميد كلية الطب بجامعة الدمام ورئيس الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع حيث أكد على أن الدراسات أثبتت بما لا يدع مجالا للشك بأن النظام الصحي المرتكز على الرعاية الصحية الأولية ساهم في تحسين المستوى الصحي في الدول المتقدمة والنامية على حد سواء وأشار إلى خبرته السابقة في تطبيق الرعاية الصحية الأولية في القطاعات العسكرية وأنها أثبتت جدارتها وأشاد بالإستراتيجية الصحية للمملكة العربية السعودية التي وافق عليها المقام السامي مؤخرا وقال إنها نظرا لارتكازها على طب الأسرة والطب الوقائي وطب المجتمع فإنها لو طبقت على أرض الواقع فستحدث نقلة نوعية كبيرة في الصحة في المملكة. وبعد ذلك تطرق سعادة الدكتور نواف العتيبي مدير شئوون المراكز بوزارة الصحة إلى الوضع الحالي للمراكز الصحية بالمنطقة الشرقية وذكر بأن أهم عوائق تطبيق المفهوم الصحيح يرجع إلى عدم قناعة الناس بالخدمة المقدمة والتي يرجع قصورها إلى أسباب من أهم قلة الإمكانيات المادية تدني مستوى القوى العاملة وتعثر الكثير من المشاريع بسبب مركزية وزارة الصحة وربط ميزانية الرعاية الصحية الأولية بالمستشفيات التي تستحوذ على نصيب الأسد من الميزانية واعترف بوجود تفاوت كبير في الخدمات بين المدن والقرى بسب ظروف الحياة في المدن وعدم رغبة الفريق الصحي في العمل في المناطق الطرفية . وتحدث الدكتور أحمد الشعيبي مدير مستشفى الإمام عبد الرحمن الفيصل والمراكز الصحية بالحرس الوطني مثنيا على تجربة الحرس الوطني واصفا إياها بالجيد ولكنها دون المأمول لافتا النظر إلى أن التطوير مستمر للوصول إلى نظام نموذجي للرعاية الصحية الأولية ودعمه بالبرنامج السعودي لطب الأسرة . كما أشار الدكتور عادل المدني مدير مستشفى قوى الأمن بالمنطقة الشرقية إلى أن تشغيل مستشفى قوى الأمن والمراكز التابعة له سيكون باعتماد نظام درجات الرعاية الصحية الثلاثة الأولية والثانية والثالثة مما سيساهم في رفع المستوى الصحي لمنسوبي وزارة الداخلية بالمنطقة الشرقية . من جهته ذكر الدكتور عثمان الغامدي مدير قسم طب الأسرة بمجمع الملك فهد الطبي العسكري بالمنطقة الشرقية أن أهم العقبات التي تواجه تطبيق المفهوم الجديد للرعاية الصحية الأولية والذي يناسب العصر الحديث هو غياب التصور الصحيح عند المسئولين وفقدان مفهوم العمل الجماعي مشيرا إلى أن الميدان كبير والطريق طويل للوصول إلى تطبيق مثالي للرعاية الصحية الأولية . وعن دور القطاع الخاص تحدث الأستاذ الدكتور قاسم الداوود من جامعة الدمام عن أن أهم ما يجب عمله على أطباء الأسرة والرعاية الأولية هو إقناع أصحاب المستشفيات الخاصة بما يمكن أن يقدمونه من خدمات ربحية وأن تخصص طب الأسرة يمكن أن يساهم في خدمة التخصصات الأخرى ومن جهته شدد الأستاذ الدكتور نبيل القرشي رئيس منظمة أطباء الأسرة بالشرق الأوسط على أن أفضل طريقة لدعم طب الأسرة والمجتمع والرعاية الأولية هي خصخصت هذا القطاع وتبني التجربة الإسترالية حيث يملك أطباء الأسرة والمجتمع المراكز الصحية في شركات مساهمة تتعامل معا الدولة وبالتالي يصبح التنافس لتقديم أفضل خدمة بين أطباء الأسرة أنفسهم . من جهة أخرى أشاد الأستاذ الدكتور حسن بله الأمين رئيس تحرير مجلة طب الأسرة والمجتمع العلمية بالمستوى الصحي الذي وصلت إليه المملكة العربية السعودية مشيرا إلى أن كثيرا من المشاكل الصحية القديمة قد اختفت تاركة المجال لمشكلات أحدث مما يحتم على العاملين في الرعاية الصحية الأولية إعادة النظر في مفهوم الرعاية الصحية الأولية وطب الأسرة والمجتمع ليتناسب مع التطورات الحديثة . وإيمانا من الجمعية بأهمية مشاركة المجتمع فقد تم دعوة فضيلة الشيخ سعد المدرع مستشار صاحب السمو الملكي أمير المنطقة الشرقية وعضو شرف الجمعية للمشاركة في الندوة والذي أشار إلى أهمية التركيز على الجانب الوقائي في الرعاية الصحية الأولية لأن "الوقاية خير من العلاج" كما حث الجمعية بالتعاون مع الجامعة لعمل بحوث ودراسات معمقة لتشخيص وضع الرعاية الصحية الأولية شريطة أن تكون هذه البحوث ذات صبغة عملية وتخرج بتوصيات يمكن تطبيقها في أرض الواقع وشدد على إشراك المجتمع أفرادا وجماعات في مثل هذه الدراسات . من جهته تحدث الأستاذ أحمد المنيع أحد أبرز الناشطين في مراكز الأحياء بمنطقة الدمام إلى أهمية التواصل بين الجمعيات العلمية ومراكز الأحياء لنشر المفهوم الصحيح للرعاية الصحية الأولية وطب الأسرة والمجتمع بغية الوصول إلى ثقافة مجتمعية تؤدي إلى تعزيز الصحة والوقاية من الأمراض وأشار إلى مشروع طبيب الحي والذي يهدف إلى لإقامة عيادة استشارية في كل من تبرعات الأهالي في ضل غياب التوزيع العادل للمراكز الصحية بين الأحياء . وفي الختام خرج الحضور بتوصيات تتلخص في : ضرورة التواصل مع المسئولين على جميع المستويات لتوضيح مفهوم النظام الصحي الجديد المرتكز على الرعاية الصحية الأولية بمفهومها الحديث الذي يتناسب مع التطور العلمي والطبي الكبير الذي حدث في الأعوام الأخيرة وضرورة استفادة وزارة الصحة من تجربة القطاعات الناجحة في تطبيق طب الأسرة والرعاية الأولية مثل القطاعات الصحية وأرامكو وتفعيل دور مراكز الأحياء في دعم هذا التوجه من خلال إشراك المجتمع في اتخاذ القرار والقيام بدراسات واسعة للوضع الحالي للرعاية الصحية الأولية في المملكة .