شهدت ندوة علمية، شارك فيها اختصاصيون في طب الأسرة والمجتمع، وقياديون في قطاعات صحية مختلفة، انتقادات واسعة لمستوى الرعاية الصحية الأولية في المملكة. كان أبرزها ما ساقه مدير شؤون المراكز في وزارة الصحة الدكتور نواف العتيبي، الذي استعرض الوضع الحالي للمراكز الصحية في الشرقية.واعتبر العتيبي، خلال الندوة العلمية الأولى التي عقدها أول من أمس، مكتب «الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع» في المنطقة الشرقية، بعنوان «الرعاية الصحية الأولية... الآن أكثر من أي وقت مضى»، أن «أهم عوائق تطبيق المفهوم الصحيح، يرجع إلى عدم قناعة الناس بالخدمة المقدمة، التي يرجع قصورها إلى أسباب عدة، أبرزها قلة الإمكانات المادية، وتدني مستوى القوى العاملة، وتعثر الكثير من المشاريع، بسبب مركزية وزارة الصحة، وربط موازنة الرعاية الصحية الأولية في المستشفيات، التي تستحوذ على نصيب الأسد من الموازنة». وأقر بوجود «تفاوت كبير في الخدمات بين المدن والقرى، بسب ظروف الحياة في المدن، وعدم رغبة الفريق الصحي في العمل في المناطق الطرفية». وعزا أستاذ طب المجتمع المساعد المشرف على مكتب الجمعية في الشرقية الدكتور عبدالله الجودي، سبب اختيار موضوع اللقاء الذي عقد في الدمام، إلى «أهميته وحيويته، إذ يكاد يجمع الخبراء على أن أفضل طريقة لتقديم الخدمات الصحية هي الرعاية الصحية الأولية»، مؤكداً على ضرورة «الفصل بين النظرية والتطبيق، فالقصور الذي نشهده في تطبيق الفكرة، ليس لخلل فيها، بل لقصور في فهمها وتطبيقها على أرض الواقع». وأبان الجودي، إن اللقاء يهدف إلى «فتح قنوات الاتصال بين العاملين في تخصص طب الأسرة والمجتمع، والرعاية الصحية الأولية في مختلف القطاعات المقدمة للخدمات الصحية، وبين المجتمع، بهدف نشر الوعي الصحي المبني على البراهين بين الجميع، والوصول إلى أفضل السبل لتعزيز صحة المجتمع، ووقايته من الأمراض، من طريق تطبيق المفهوم الحديث لطب الأسرة والمجتمع والرعاية الصحية الأولية». وبدأ اللقاء بمحاضرة لاستشاري طب الأسرة والمجتمع في جامعة الدمام الدكتور شاهر الشهري، الذي تطرق إلى التغييرات التي حدثت في العالم على صعيد الرعاية الصحية الأولية، والتي «أدت إلى تطور مفهوم الرعاية الصحية الأولية، كمفهوم شامل يركز على المريض، وليس على المرض فقط». وركز على أهمية أن تكون خدمات الرعاية الصحية الأولية «متوفرة لجميع الناس، ومتجاوبة مع احتياجاتهم، وأن تكون بجودة تناسب التقدم العلمي الذي وصل إليه الطب». ولفت إلى أهمية أن «يكون تقديم الخدمة بواسطة أطباء أسرة مؤهلين، يقودون الفريق الصحي المؤهل، الذي لا غنى عنه إذا أردنا تقديم رعاية صحية أولية حقيقة». وأدار استشاري طب الأسرة في «أرامكو السعودية» الدكتور هادي العنزي، النقاش، الذي افتتحه عميد كلية الطب في جامعة الدمام رئيس الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع الدكتور سميح الألمعي، بالتأكيد على أن «الدراسات أثبتت أن النظام الصحي المُرتكز على الرعاية الصحية الأولية، ساهم في تحسين المستوى الصحي في الدول المتقدمة والنامية على حد سواء». وأشار إلى خبرته السابقة في تطبيق الرعاية الصحية الأولية في القطاعات العسكرية. وأشاد بالإستراتيجية الصحية للمملكة التي وافق عليها المقام السامي أخيراً. وقال: «إنها ترتكز على طب الأسرة، والطب الوقائي، وطب المجتمع، لذا لو طبقت على أرض الواقع؛ فستحدث نقلة نوعية كبيرة في الصحة». واستعرض مدير مستشفى الإمام عبد الرحمن الفيصل والمراكز الصحية في الحرس الوطني الدكتور أحمد الشعيبي، تجربتهم، واصفاً إياها ب «الجيدة، ولكنها دون المأمول»، لافتاً إلى أن «التطوير مستمر، للوصول إلى نظام نموذجي للرعاية الصحية الأولية، ودعمه بالبرنامج السعودي لطب الأسرة». كما أشار مدير مستشفى قوى الأمن في الشرقية الدكتور عادل المدني، إلى أن تشغيل المستشفى والمراكز التابعة له سيكون «باعتماد نظام درجات الرعاية الصحية الثلاثة، الأولية والثانية والثالثة، ما سيساهم في رفع المستوى الصحي لمنسوبي وزارة الداخلية في المنطقة». بدوره، ذكر مدير قسم طب الأسرة في مجمع الملك فهد الطبي العسكري في الشرقية الدكتور عثمان الغامدي، أن أهم العقبات التي تواجه تطبيق المفهوم الجديد للرعاية الصحية الأولية هو «غياب التصور الصحيح عند المسؤولين، وفقدان مفهوم العمل الجماعي»، مشيراً إلى أن «الميدان كبير، والطريق طويل، للوصول إلى تطبيق مثالي للرعاية الصحية الأولية». وعن دور القطاع الخاص تحدث الدكتور قاسم الداوود، من جامعة الدمام، عن أن أهم ما يجب عمله على أطباء الأسرة والرعاية الأولية، وهو «إقناع أصحاب المستشفيات الخاصة بما يمكن أن يقدمونه من خدمات ربحية، وأن تخصص طب الأسرة يُمكن أن يساهم في خدمة التخصصات الأخرى».