بعد أيام من الكشف عن الكارثة المروعة في مدينة الفلوجة ، أكد خبراء عراقيون يوم الأربعاء الموافق 28 يوليو/ تموز أنه يستحيل أن يولد إنسان متكامل الصفات في العراق حتى بعد ثلاثة أجيال بسبب تأثيرات إشعاعات اليورانيوم المخصب الذي خلفته حربا 1991 و2003. ووفقاً لما نشرته "شبكة الإعلام العربية" أشار الدكتور منجد عبد الباقي النائب الخبير في وزارة العلوم والتكنولوجيا العراقية في تصريحات له إلى وجود حوالي مائة موقع ملوث هو عبارة عن خردة أسلحة ومخلفات في جنوبي العراق. وحذر من أن الإصابات السرطانية في مناطق جنوبي العراق ربما تنتقل بعد ذلك إلى الوسط والشمال خلال سنوات قريبة. ونقل التليفزيون المصري عن الخبير العراقي القول أيضا إن بريطانيا والولايات المتحدة استخدمتا في الحربين أسلحة مصنعة من مادة اليورانيوم المخصب بكميات هائلة لم يسبق أن استخدمت في حرب سابقة في العالم. وكانت دراسة أشرف عليها الطبيب كريس باسبي من جامعة أولستر في أيرلندا الشمالية ونشرتها صحيفة " الإندبندنت " البريطانية في 24 يوليو / تموز كشفت أيضا أن الزيادة في معدلات الوفيات في أوساط الأطفال والإصابة بالسرطان واللوكيميا بمدينة الفلوجة التي تعرضت في 2004 للقصف والحصار الأمريكي لأسابيع للقضاء على المقاومة فاقت المعدلات المعروفة في هيروشيما وناجازاكي اللتين قصفتا بقنبلة نووية عام 1945. ورغم أن الأطباء العراقيين في الفلوجة كانوا اشتكوا منذ 2005 من زيادة أعداد الأطفال المصابين بعيوب خلقية تراوحت بين فتاة مولودة برأسين إلى الإصابات بالشلل في الأطراف السفلى ، بالإضافة إلى وجود زيادة كبيرة في أعداد الإصابات بالسرطان مقارنة بالفترة التي سبقت الهجوم الأمريكي على مسلحي الفلوجة ، إلا أن الدراسة الجديدة وجدت أيضا ارتفاعا في جميع حالات السرطان بمعدل أربعة أضعاف و12 ضعفا في الإصابة بهذا المرض لدى الأطفال أقل من 14 عاما. كما أكدت الدراسة التي شارك في إعدادها 11 باحثا وشملت 711 منزلا في الفلوجة خلال يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط من 2010 أن الإصابة باللوكيميا ارتفعت بمعدل 38 ضعفا وأن معدلات سرطان الثدي زادت بنسبة عشرة أضعاف ، إلى جانب الزيادة الكبيرة في أورام المخ لدى الكبار. وأشار باسبي إلى أنه رغم أن ارتفاع معدلات اللوكيميا في هيروشيما زاد 17 ضعفا ، فإن ما يثير الدهشة في حالة الفلوجة هو سرعة الإصابة بالسرطان وليس مجرد انتشاره. وكشف أيضا عن التغيير في نسبة المواليد من الذكور والإناث ، فبينما كانت في الحالات الطبيعية 1050 من الذكور مقابل 1000 من الإناث ، انخفضت نسبة المواليد الذكور بعد 2005 بمعدل 18%، فأصبح كل 850 مولودا ذكرا يقابلهم 1000 فتاة ، موضحا أن التغير في النسبة بين الذكور والإناث يعد مؤشرا على الضرر الوراثي الذي يؤثر على الذكور أكثر منه على الإناث . وأضاف باسبي أن تأثير الحرب على المدنيين كان الأشد على سكان الفلوجة منه على أي مكان آخر وذلك بسبب الاستمرار في محاصرة المدينة وحجبها عن بقية أنحاء العراق بعد 2004. ورغم أنه قال إنه لا يستطيع أن يحدد السبب الحقيقي وراء حالات السرطان والتشوهات الخلقية ، فإنه أكد أن مثل تلك النتيجة تنجم عن تعرض كبير لمؤثرات وقعت خلال الهجوم الأمريكي عام 2004 ، مشيرا إلى أن أنواع السرطان مشابهة لتلك التي أصابت الناجين من سكان هيروشيما الذين تعرضوا ل "الإشعاع المؤين" إثر سقوط القنبلة الذرية. وأضاف باسبي أن مدى التغير الجيني الذي يعاني منه سكان الفلوجة يشير إلى استخدام اليورانيوم والفوسفور الأبيض ، قائلا :" أعتقد أنهم (أي الأمريكيين) استخدموا سلاحا جديدا ضد المباني لتخترق الجدران وتقتل من بداخلها".