تفيد نتائج دراسة جديدة بأن التزايد الملحوظ في نسبة وفيات الأطفال، وعدد مرضى السرطان واللوكيميا في مدينة "الفلوجة" العراقية كان نتيجة للقصف الأمريكي للمدينة عام 2004، وفاق تأثير هذا القصف ذلك الذي خلفته القنبلة الذرية على مدينتي هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين اللتين ألقيت عليهما عام 1945، أثناء الحرب العالمية الثانية. واشتكى الأطباء العراقيون في الفلوجة من كثرة حالات الوفاة بين المولودين حديثاً و من تزايد حالات التشوه والعيوب الخلقية بين المواليد، تفاوتت بين ولادة فتاة مولودة برأسين، إلى شلل في الأطراف السفلى، وأكدوا أنهم عالجوا حالات سرطان أكثر بعد معركة الفلوجة بين القوات الأمريكية والمتمردين. وأكدت دراسة أجريت في مدينة الفلوجة أن حالات السرطان بين الأطفال حتى سن الرابعة عشرة تفوق مثيلتها في الأردن بأربعة أضعاف وفي الكويت بثمانية أضعاف. ورغم أن الطبيب كريس باسبي من جامعة أولستر المشرف على الدراسة التي شملت 4800 فرد في الفلوجة قال إنه لا يستطيع أن يحدد السبب الحقيقي وراء حالات السرطان والتشوهات الخلقية، فإنه أكد أن "مثل تلك النتيجة تنجم عن تعرض كبير لمؤثرات وقعت لدى الهجوم عام 2004". وأضاف باسبي أن مدى التغير الجيني الذي يعاني منه سكان المدينة يشير إلى استخدام الفوسفور الأبيض، وقال "أعتقد أن الأمريكيين استخدموا سلاحا جديدا ضد المباني لتخترق الجدران وتقتل من بداخلها". وقد اعترفت القوات الأمريكية التي حاصرت وقصفت المدينة أنها استخدمت قنابل الفوسفور الأبيض ومواد أخرى في هجومها على الفلوجة في إبريل عام 2004. وخلصت الدراسة إلى أن الأدلة على الزيادة المرتفعة في الإصابة بحالات السرطان والتشوهات الخلقية صحيحة. كما وجدت هذه الدراسة - التي اشترك في إنجازها 11 باحثا وشملت 711 منزلاً في الفلوجة خلال يناير وفبراير من هذا العام- أن الإصابة باللوكيميا ارتفعت بمعدل 38 ضعفاً، وأن معدلات سرطان الثدي زادت بنسبة عشرة أضعاف، إلى جانب الزيادة الكبيرة في أورام المخ لدى الكبار. إن التغير في النسبة بين الذكور والإناث يعد مؤشراً على الضرر الوراثي الذي يؤثِّر على الذكور أكثر منه على الإناث، وأشارت إلى أن هذا التغيير في الجنس قد لوحظ في هيروشيما. واللافت للنظر أنه رغم تراجع استخدام أمريكا للقوة النارية في العراق منذ عام 2007 بسبب استياء المدنيين العراقيين، كان هناك تراجع في الرعاية الصحية والظروف الصحية في العراق منذ 2003. ولقد كان تأثير الحرب على المدنيين من سكان الفلوجة أشد منه على أي مكان آخر، وذلك بسبب الاستمرار في محاصرة المدينة وحجبها عن بقية أنحاء العراق بعد 2004. وإلى جانب البطء الشديد في إصلاح آثار الدمار، كان سكان المدينة يخشون التوجه إلى مستشفيات بغداد بسبب نقاط التفتيش العسكرية على الطريق المؤدية إلى العاصمة.(الإنديبندنت)- البريطانية