تسعى صحيفة "الأهرام" المصرية للتهدئة والتفاهم وديا مع شبكة "الجزيرة" القطرية، إثر تقرير مثير للجدل نشرته الصحيفة في ملحقها الخاص بالفضائيات "الأهرام على الهواء"، بعد استقالة خمس صحفيات من قناة الجزيرة. واعتبرت "الجزيرة" التقرير متحاملا وموجها للإساءة بشكل مباشر وصريح لدرجة دفعت القناة، لرفع دعويين قضائيتين ضد "الأهرام" بتهمة السب والقذف، دون وجه حق، ودون تقديم المستندات والأدلة التي تبرر اللهجة التي تحدث بها الصحفي في تقريره المذكور، وبهذا الشكل من الإثارة التي تجاوزت حدود اللياقة حسبما نقلت صحيفة "الشرق" القطرية عن مسئولين بالقناة. ووفقا لمصادر مصرية تحدثت عن حيثيات القضية، فإن "الجزيرة" أقامت الدعوى الأولى أمام محاكم القاهرة، متهمة "الأهرام" بسب عدد من قياداتها، على خلفية استقالة المذيعات الخمس ، أما الدعوى الثانية فقد رفعتها القناة أمام المحاكم البريطانية، ووكلت محاميا بريطانيا كبيرا لإدارتها، مطالبة بتعويض مبدئي يصل لخمسة ملايين جنيه إسترليني. وأوضحت المصادر المصرية، أن السبب في اختيار "الجزيرة" لرفع الدعوى الثانية أمام القضاء البريطاني، أن "الأهرام" تملك مكتبا كبيرا في لندن، بالإضافة إلى أن الصحيفة تطبع طبعة دولية من هناك، تضمنت هي الأخرى ألفاظ السب والقذف بحق قيادات "الجزيرة"، إضافة إلى أن القضاء البريطاني في غاية التشدد بخصوص قضايا السب والقذف. وتسلمت "الأهرام" بصفة رسمية إنذارا قضائيا برفع الدعويين، الأمر الذي تسبب، حسب المصادر المصرية ذاتها، في إحداث حالة من القلق والترقب داخل أروقة الصحيفة، بدأت على إثره اتصالات موسعة مع جهات عدة أملا في احتواء الأزمة بشكل ودي، ودون الاضطرار للدخول في صراعات قضائية خاسرة. وأكبر مخاوف "الأهرام" في حال صدور حكم ضدها، أن يتم الحجز الإداري على مكتبها في لندن، كما يمكن أن يشمل الحكم أيضا منع صحفيي "الأهرام" من دخول الأراضي البريطانية. وفي لهجة تصالحية، حرص رئيس تحرير صحيفة "الأهرام" المصرية، اسامة سرايا، في حديث أجرته معه صحيفة "الوطن" السعودية أمس على التهدئة مع قناة "الجزيرة"، معتبرا أن "النزاع مفتعل"، و"لا يجب أن يكون موضوعا للتقاضي في لندن". وفي إشارة للتقليل من صدى "التقرير المسيء"، قال سرايا إن "ملحق الأهرام على الهواء ملحق محلي، يصدر في مصر فقط، ولا ينشر على الإنترنت، ولا يوزع خارج البلاد". وتحدث سرايا خلال حديثه والذي وصفت "الشرق" ب "التطبيعي، عن "علاقة جيدة تربطه شخصيا بالقناة وعدد من العاملين فيها" كما تحدث عن احترامه لمهنية "الجزيرة" وتقديره الكبير لها. وتأكيدا للميل إلى التهدئة، تحدث مسؤول ملحق "الأهرام على الهواء" عاطف حزين، وأبلغ صحيفة "الوطن" السعودية كذلك أنه بصدد توسيط الشيخ يوسف القرضاوي لحل الأزمة، وأنه طلب إجراء حوار مع مدير القناة وضاح خنفر، وقال حزين إنه نشر موضوعاً في الملحق نفسه تحت عنوان "الجزيرة أفضل قناة إخبارية في الشرق الأوسط حسب استطلاع رأي"، بعد أسبوع من نشر "التحقيق المسيء" للقناة. ولم تعط "الجزيرة" ،التي بدت حريصة حتى الآن على معالجة الأزمة قانونيا، إشارة بعد على استعدادها للتنازل عن قضية تراها عادلة، ومنصفة بعد التعرض لها في قضية تتجاوز المهنية إلى قضية تمس العرض والشرف. وتحدث مسؤول بقناة "الجزيرة" عن أن المحطة "ستسعى إلى الحصول على حكم قضائي يظهر المخالفة التي وقعت بحقها، وبعدها يمكن أن تنظر في التنازل أو المصالحة".