انتشرت مؤخراً "حملة" سعودية غير رسمية بين بعض المواطنين عن طريق البريد الإلكتروني تحمل عنوان "العمل حق وليس مكرمة" يناشد فيها أصحابها العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز لإيجاد حل لأزمة البطالة في السعودية صاحبة أكبر اقتصاد في المنطقة. وأظهرت بيانات وزارة العمل أن معدل البطالة في السعودية بلغ 10.5 بالمائة في العام 2009 ارتفاعاً من 10 في المائة قبل عام. ووفقاً للنسخة الإلكترونية التي تلقى أريبيان بزنس واحدة منها، تقول الحملة، "بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. حاولنا إيجاد حلول وإيصال صوتنا للملك و المسؤولين لكن الحال لم يتغير والبطالة تزيد سنوياً خريجين ثانوية وكليات وجامعات ومكانهم البيت طبعاً. وإذا توظفنا برواتب قليلة لا تكفي للزواج وفتح بيت وعيش كريم للأسف. الآن يجب علينا جميعاً المطالبة بحقوقنا". ويُعتمَد في السعودية كثيراً على العمال الأجانب التي تفضل كثير من الشركات توظيفهم لأنهم يعملون ساعات طويلة مقابل أجور زهيدة. ووفقاً لرويترز، قال المواطن عبد المعين العيسى (27 عاماً) وهو عاطل عن العمل، ويحمل شهادة لغة عربية منذ ثلاث سنوات، إن الأجانب يقبلون نصف الرواتب التي يقبلها السعوديون، وأن السعوديين لا يكاد يمكنهم العيش بأقل من ألفي ريال (533 دولاراً) في الشهر. وتضيف "الحملة" قولها، " نحن لسنا متطرفين أو إرهابيين. نحن نطالب بحقوقنا. نطالب بعيش كريم". ومن المنتظر نمو سكان السعودية إلى 29.3 مليون نسمة في غضون خمسة أعوام وفقاً لمتوسط توقعات عشرة اقتصاديين استطلعت رويترز آراءهم في الفترة بين 21 أبريل/نيسان و10 يونيو/حزيران، ويتوقع أن يمثل الوافدون الأجانب نحو 8.5 مليون نسمة من بينهم. وتعتمد السعودية على ملايين المغتربين. وفي ظل نظام تعليم حكومي يركز على الدين أكثر من إعداد الطلاب لسوق العمل والمهارات التقنية، فإن كثيراً من السعوديين يجدون صعوبة في العثور على وظائف في القطاع الخاص. كما يمثل عدم رغبة الشركات المحلية في الاستثمار في تدريب السعوديين عقبة أخرى، إذ أن بوسع هذه الشركات الحصول بسهولة على تأشيرات عمل للأجانب الذين يطلبون أجوراً أقل من المواطنين مقابل عدد ساعات عمل أطول. وأظهرت بيانات رسمية أن عدد المغتربين الذين حصلوا على وظائف في القطاع الخاص بلغ تسعة أضعاف عدد السعوديين عند 6.2 مليون موظف في العام 2009. في العام 1994، بدأت الحكومة السعودية في برنامج "السعودة" لإرغام القطاع الخاص على توظيف المواطنين من خلال حصص الحد الأدنى من السعوديين الذين يتوجب على شركات القطاع الخاص توظيفهم. ويعزف كثير من السعوديين شأنهم شأن المواطنين الخليجيين الآخرين عن الأعمال اليدوية مثل عمال المصانع مما يجعل المملكة معتمدة على ملايين الآسيويين الذين يشغلون وظائف مثل عمال النظافة والسائقين. وتحوي "الحملة" صوراً كرتونية تقول، "أكثر من 3 مليون عاطل. وأكثر من 8 مليون فقير. قنبلة موقوتة كارثة ستنفجر في أي وقت بعدها لا ينفع الإصلاح". كما لم تنس "الحملة" موضوع "العنوسة" في المجتمع السعودي الذي يعاني من ارتفاعات متزايدة منها تصل وفقاً لبعض التقارير إلى مليون حالة. وقالت إحدى صور الحملة، "إحصائيات: 2 مليون عانس. شباب وفتيات ضحايا العنوسة واتهامات للتعليم والتقاليد (والبطالة)". وفي العام الماضي، طالب باحث اجتماعي في السعودية بتدريس مهنة "الخطاب والخطابة" في الجامعات السعودية لمواجهة الارتفاعات المتزايدة لحالات العنوسة. كما بدأت مؤخراً بعض القبائل السعودية بوضع ضوابط ملزمة لتحديد مهور الزواج المرتفعة، والتي تشكل عائقاً أمام زواج الكثير من الشباب، الذين يحجمون عن فكرة الزواج لحين تدبر الأمر، ما يرفع عدد العوانس في بلد تحتل القبلية فيه مكانة رئيسية لدى أفرادها. وتطرقت "الحملة" إلى أزمة العقار المتفاقمة التي تعانيها المملكة، ووفقاً لتقرير نشر مؤخراً، فإن المملكة ستحتاج نحو 1.2 تريليون ريال (320.04 مليار دولار) خلال السنوات العشر القادمة لسد العجز الذي تواجهه في الوحدات السكنية والذي يقدر بنحو 200 ألف وحدة سنوياً معظمها لذوي الدخل المتوسط والمحدود. وفي الوقت نفسه، منحت السعودية عقوداً لمشاريع تنموية مؤخراً بقيمة 20.9 مليار ريال (5.6 مليار دولار) في الربع الأول من العام 2010، وذلك بانخفاض نسبته نحو 50 في المائة عن العام الماضي بينما تباشر الرياض برنامجاً لتطوير البنية التحتية مدته خمس سنوات. كما تعتزم السعودية إنفاق أكثر من 400 مليار دولار حتى العام 2013 على مشاريع البنية التحتية الأخرى لخدمة مواطنيها البالغ عددهم نحو 18 مليون نسمة وتكثر فيهم نسبة الشبان. كما تطرقت "الحملة" أيضاً من خلال صورة بجانبها تعليق إلى تقارير إعلامية نشرت في العام الماضي، وأثارت جدلاً حول موضوع "عمل بعض السعوديات خادمات في المنازل". وقال تعليق الصورة، إن "عمل المرأة السعودية كخادمة امتهان لكرامتها". ولكن كذبت تلك التقارير رسمياً فيما بعد. ومع أن "الحملة" تعمر بالأخطاء الإملائية والنحوية إلا أن محتواها يحمل ولو جزءاً من معاناة شباب يعيشون في واحدة من عشرين دولة لأكبر اقتصادات العالم.