برهنت اللائحة التي نشرتها صحيفة «الصنداي تايمز« البريطانية، إمكان المقيمين في أي دولة أن ينالوا الحظ من الثروات أكثر من أبناء البلد أنفسهم. حيث أعلنت قبل خمسة أشهر في 25 إبريل الماضي، أن سبعة أجانب من بين أغنى عشرة أشخاص في بريطانيا، وأن 24 أجنبيا من أغنى 53 شخصا، في لائحة تضم ألف شخص من أصحاب المليارات والملايين بالإسترليني. ولم يكن يخطر في بال الكثيرين، أن المقيمين في السعودية، الذين ينتمون إلى أكثر من 200 جنسية عربية وأجنبية من مختلف أنحاء العالم، دخلوا في باب المنافسة على الأغنى، فضلا عن دخولهم في قائمة أغنى أجانب يعيشون خارج أوطانهم، إذ كشف التقرير السنوي الثالث الذي يموله إتش.إس.بي.سي بنك انترناشونال، ونشرته رويترز، أن العمالة الوافدة في السعودية تمثل المرتبة الثالثة بعد روسيا وسنغافورة ممن يتمتعون بأكبر قدر من الثروة. ولعل اللافت للنظر اختلاف النسبة بين المتعلمين الوافدين في السعودية، حيث أعلنت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات ارتفاع نسبة التعليم في أوساطهم، بينما أشارت إحصاءات وزارة العمل إلى ارتفاع الأمية بين الوافدين. الوافدون الأغنياء المسح الذي أجراه البنك الدولي أظهر أن العمالة الوافدة في روسيا والسعودية والبحرين الأغنى في العالم بينما تأتي دول منطقة اليورو في مرتبة متأخرة فيما يتعلق بأجور الخبراء الأجانب. وكشف التقرير أن الأوضاع المالية للمغتربين إيجابية بوجه عام حيث: «ثلثا من شملهم الاستطلاع أو 66 % أصبح لديهم مزيد من الدخل للادخار والاستثمار منذ سفرهم إلى الخارج». لكن المسح وجد أن المغتربين في روسيا والسعودية والبحرين والإمارات وسنغافورة يتمتعون بأكبر قدر من الثروة بوجه عام، إذ إن رواتبهم أعلى ويمتلكون دخلا أكبر بعد خصم الضرائب، وقدرا أكبر من الكماليات الفخمة مثل أحواض السباحة والعقارات واليخوت. وتصدر المغتربون في روسيا القائمة للعام الثاني على التوالي: «ثلثهم أو 36 % يتجاوز دخلهم السنوي 250 ألف دولار سنويا، بينما كان الدخل السنوي لثلثي المغتربين في إسبانيا أو نحو 62 %، منهم أقل من 60 ألف دولار. أعلى تحويلات ولعل ما يلفت النظر في الفترة الأخيرة داخل السعودية ارتفاع تحويلات الأجانب العاملين في المملكة خلال الربع الأول من العام الجاري 2010 لتصل إلى26.7 مليار ريال «7.12 مليار دولار»، مقارنة مع 23.6 مليار ريال خلال الفترة المقابلة من العام الماضي 2009 بنسبة تبلغ 12.8 %.. والرقم على الرغم من أنه خلال ثلاثة أشهر فقط من العام الجاري، إلا أنه يقترب من إجمالي ما حولته هذه العمالة في عام 2000 بأكمله والبالغ 39.42 مليار ريال «10.51 مليار دولار»، كما أنه يساوي نحو10 % من إجمالي الإيرادات السعودية ونحو ما يزيد على 3.5 % من إجمالي الناتج المحلي. ولا تشمل هذه الأرقام كامل تحويلات العمالة الأجنبية في السعودية، حيث يقوم بعض العاملين بإرسال أموال إلى دولهم بشكل نقدي مع الأفراد المسافرين في إجازاتهم، كما شهدت السوق عمليات تحويل غير نظامية تمارسها بعض العمالة الأجنبية متسترة وراء نشاط تجاري بسيط جدا. وحسب تقرير صادر عن البنك الدولي فإن العمالة المغتربة حولت من أمريكا العام الماضي 341 مليار دولار، فيما بلغ إجمالي التحويلات من السعودية نحو 149 مليار دولار. 90 مليارا تحويلات الخبير الاقتصادي طلعت حافظ كشف أن آخر التقارير تؤكد أن تحويلات العمالة الوافدة للأشهر الثمانية الماضية من سنة 2010 بلغت 90 مليار ريال، وعزا ذلك إلى زيادة الاستقدام: «زيادة التحويلات في كل سنة نتيجة الإسراف في استقدام العمالة التي وصلت العام الماضي إلى نحو 1.5 مليون تأشيرة، فيما لم يتم توظيف سوى 144 ألف مواطن في العام نفسه». ولم يستغرب حافظ من حصول العمالة الوافدة على ثالث أغنى عمالة في العالم: «المؤشرات تؤكد ذلك، ففي عام 2004، بلغ حجم العوائد التي تجنيها العمالة الوافدة في السعودية الأكثر على مستوى العالم، وفي عام 2006 بلغ عدد الحوالات 60 مليار ريال، وتصاعدت في عام 2008 إلى 78 مليارا، وذلك التصاعد نتيجة زيادة العمالة الوافدة، وأعلى معدلات الزيادة ناتجة على نسبة العوائد والمنافع». وأشار إلى أن الإحصاءات والدراسات في التحويلات تركز على ما حول عن طريق القنوات الرسمية وقد تكون الأرقام في ازدياد أكبر: «كل ذلك يعود إلى وجود خلل في السعودة، حيث يعمل في خطوط الإنتاج 80 % من العمالة الوافدة وفي قطاع التجزئة 16 % فقط من المواطنين ما يدل على أن هناك خللا واضحا يجب تداركه». التعليم بين الوافدين كشفت إحصاءات مصلحة الإحصاءات العامة، التي أعلنتها أخيرا حول نسبة البطالة في السعودية، تناقضا في الأرقام التي أعلنتها وزارة العمل لإحصاء التصنيف النوعي للعمالة الوافدة للعام الماضي. وبرز بشكل واضح اختلاف النسبة بين المتعلمين الوافدين، حيث أعلنت المصلحة ارتفاع نسبة التعليم في أوساطهم، بينما أشارت إحصاءات وزارة العمل إلى ارتفاع الأمية بين الوافدين. وحسب بحث القوى العاملة الأخير الصادر عن مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، فإن النسبة الإجمالية للمتعلمين 91.7 ، منها 91.2 % للذكور، 94.6 % للإناث، ما يعني أن نسبة غير المتعلمين لا تزيد على 8.8 %، أشارت إحصاءات وزارة العمل إلى ارتفاع نسبة الأمية بين الوافدين، حيث بلغت من بين المشتغلين في القطاع الخاص إلى ما يزيد على 15.58 %. الكفاءة أولا تبحث المؤسسات التي تعمل في السوق عن الكفاءة أولا. رئيس مؤسسة الجاسم للإلكترونيات المهندس جمال الجاسم يقول: إن التوظيف يعتمد على المتقدم الكفء، سعوديا كان أو أجنبيا: «لو افترضنا أننا بحاجة مثلا إلى موظف في قسم المبيعات أو أي قسم آخر، وبحثت ولم أجد، وتقدم لي العشرات من جنسيات مختلفة ووظف أحدهم، فإن هذا لا يعني أنني فضلت الأجنبي على السعودي، المشكلة لدينا أن الشباب يطالبون بالتوظيف وهم غير أكفاء، عليهم التسلح بالدورات وتعلم المهارات الأساسية لإتقان العمل»، موضحا أن الشخص المناسب سيكون حاضرا في المكان المناسب: «المجاملة لن تصل إلى العمل إطلاقا، رغم غيرتنا على شبابنا، لكن الحق يقال». وعن سيطرة العمالة الأجنبية على غالبية الشركات يبرر: «العمال الأجانب هم المسيطرون منذ أعوام على وظائف كبرى بحكم وجودهم منذ أعوام على رأس العمل في هذه الوظائف، ما يجعل التفريط فيهم على حساب الشاب السعودي حديث التجربة أمرا صعبا». شباب البلد أولى واعتبر المدير العام عضو مجلس إدارة شركة أسمنت الرياض الدكتور ناصر فضل عقيل، أن توظيف السعودي حتى لو كان راتبه أعلى ذا فائدة اقتصادية على البلد: «لو توافرت وظيفة شاغرة وتقدم لها شاب سعودي وأجنبي فإن الأولوية للسعودي لاعتبارات عدة، أهمها استفادة البلد منه وإشراكه في عملية التنمية والإسهام في القضاء على بطالة الشباب». وأكد عقيل أن شركته حريصة على أن يكون مديروها من الشباب السعوديين، مشيرا إلى أنه ليس هناك فرق بين الشهادة العلمية، سواء للشاب السعودي أو الأجنبي الذي يبحث عن عمل، ولكن الشاب السعودي قد تنقصه الخبرة في مجال العمل المتقدم إليه في شركات الأسمنت أو الشركات الأخرى: «إذا وجدنا الشاب السعودي الذي لديه الخبرة الكافية قد يكون هو الأولى بالتوظيف». وأكد عقيل أن رواتب السعوديين تعتمد على مجال الوظيفة التي يعمل بها، فهناك مهندسون وفنيون ورواتبهم تتراوح ما بين 3400 إلى 30 ألف ريال، ونسبة السعودة في الشركة تصل 39 %. عراقيل السعودة ولم يستفد الشاب إبراهيم بن أحمد من شهادة هندسة الإلكترونيات الصادرة من معهد فني متخصص: «لم أعثر على وظيفة، ومئات الشركات تعج بالعمالة الوافدة، أعمل حاليا حارس أمن في شركة أمنية وحزين جدا للوضع الذي أعيشه». وعلق على التقرير الصادر بشأن ثراء الأجانب: «هذه مشكلة، فنحن أبناء البلد وأولى بما يتم صرفه على الكثير منهم، مشكلتنا أن شركات القطاع الخاص لا تدعمنا ولا تعطينا الثقة، كما هو حاصل مع الأجانب». وأوضح أنه تحصل على الشهادة منذ سبعة أعوام وتقدم لعدد من الجهات الحكومية والخاصة ولم يحصل على وظيفة «تقدمت إلى إحدى الشركات وأجرى لي الاختبار مقيم عربي، وشعرت بأنه لا يريدني أن أوظف، هؤلاء هم الذين زرعوا الأشواك في طريقنا وحرمونا لقمة العيش ودفعونا إلى العمل في أماكن يفترض ألا نكون فيها الآن». وأكد أنه تقدم لعدد من شركات القطاع الخاص وطالبوه بشهادة خبرة، متسائلا «من أين آتي بها وأنا لم أدخل مجال العمل»، مطالبا أصحاب الشركات بفتح المجال للشباب السعودي للعمل كي يكتسبوا الخبرة حتى لو لفترة من الزمن. وعود وقال الشاب حسن معيد، وهو عاطل عن العمل: إن أصحاب الشركات يحملون الشاب السعودي كل السلبيات، وهو قادر على العمل، مشيرا إلى أنه تقدم لإحدى الشركات منذ أكثر من عامين وقدموا له 1500 ريال راتبا: «لم أعارض.. أخذوا ملفي ووعدوني بأن الوظيفة من حقي.. ومنذ عام ونصف العام وأنا أنتظر اتصالهم». وأوضح أنه تقدم أخيرا لشركة أمنية ويعمل في أحد البنوك السعودية وهو مهدد بالطرد بحجة أن مشرف الفترة يلاحظ عليه تأخرا في العمل، مؤكدا أنه يقوم بواجبه على أكمل وجه