أثار الهجوم الإسرائيلي على سفن المساعدات الإنسانية لكسر الحصار على قطاع غزة "أسطول الحرية" موجةَ احتجاجاتٍ شعبية وإدانات عربية ودولية واستدعاءات لسفراء إسرائيل في الدول الغربية، فضلًا عن مطالب أوروبية بفتح تحقيق شامل في الهجوم الإسرائيلي الذي أسفر عن مقتل 20 متضامنًا وإصابة العشرات. ففي تركيا تظاهر الآلاف أمام السفارة الإسرائيلية عقب ورود الأنباء عن الهجوم على أسطول الحرية، وقام العشرات بمحاولة اقتحام القنصلية الإسرائيلية في استانبول، كما رشقوا القنصلية بالحجارة، وردّدوا الشعارات المنددة بإسرائيل، في حين تُحاول الشرطة منعهم من دخول القنصلية، وذلك في ظل أنباء تشير إلى سقوط 9 شهداء أتراك من بين الشهداء الذين سقطوا في المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال. وفي سوريا، تقدم عدد من مسئولي حركة حماس في سوريا صفوف المئات من الفلسطينيين الذين هَبّوا تلبية لنداء حماس بالتظاهر والاعتصام في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيينجنوب العاصمة السورية دمشق، احتجاجًا على الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية الدولي لكسر الحصار. ويعقد مجلس الشعب السوري ظهر اليوم، جلسة طارئة لبحث تداعيات المجزرة الإسرائيلية، وحَمَل المتظاهرون صورةً للشيخ رائد صلاح، أحد مصابي القافلة، كُتِب عليها: "حِقْدهم لن يحرم الأقصى منك". وفي عمان تتجه المسيرات نحو مقر الحكومة الأردنية احتجاجًا على المجزرة الإسرائيلية، وشارك أكثر من ألفي شخص في مسيرة في عمان الاثنين للتنديد بالهجوم الإسرائيلي الدامي على أسطول الحرية الذي كان يحاول كسر الحصار على غزة، حسبما أفاد مراسل وكالة فرانس برس. وتحول اعتصام دعت له النقابات المهنية الأردنية ال 14 إلى مسيرة شارك فيها أكثر من ألفي شخص انطلاقًا من منطقة الشميساني وصولًا إلى مبنى رئاسة الوزراء التي تبعد نحو كيلومترين عن مقر النقابات. وحمل المشاركون أعلامًا أردنية وفلسطينية وهم يهتفون: "فلتسقط إسرائيل"، فيما حمل بعضهم لافتات كتب عليها "معًا لكسر حصار غزة" و"نحن لا نستسلم، نموت واقفين.. أسطول الحرية". وفى مصر، نظمت القوى السياسية والنقابات والأحزاب المصرية وقفةً احتجاجيةً ظهر اليوم أمام وزارة الخارجية المصرية؛ للتضامن مع قافلة "أسطول الحرية" لكسر الحصار عن قطاع غزة، وللتنديد بالموقف المصري الداعم للحصار الصهيوني على الشعب الفلسطيني في القطاع. وأكّدت القوى الوطنية، في بيانٍ لها، استمرار مساندتها لحق الشعب الفلسطيني في المقاومة المسلحة؛ لتحرير كامل تراب وطنه، وحق شعوب الأمة العربية والإسلامية في مساندة الكفاح المشروع، وفك الحصار المستمر ضدها من الكيان الصهيوني وأنظمة عربية "متواطئة". كذلك قررت لجنة المتابعة العليا لشؤون الجماهير العربية في الداخل الفلسطيني المحتل عام 48 إعلان الإضراب العام والشامل غدًا، وذلك في إطار الاحتجاج على المجزرة التي ارتكبتها البحرية الإسرائيلية ضد المشاركين في أسطول الحرية. حداد في فلسطين الهجوم البربري الإسرائيلي على أسطول الحرية خلّف أيضًا حملة إدانات عربية ودولية؛ حيث أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الحداد العام في عموم الأرض الفلسطينية لثلاثة أيام وتنكيس الأعلام، ودان الجريمة التي ارتكبتها سلطات الاحتلال بحق المتضامنين الدوليين على متن "أسطول الحرية". وقال عباس في تصريح لتلفزيون فلسطين: إنه والقيادة الفلسطينية يتابعون هذا الأمر ببالغ الاهتمام، وطالب الأممالمتحدة أنّ تقف في وجه إسرائيل التي تضرب بعرض الحائط بكل القوانين والأعراف الدولية، مؤكدًا أن قرار ضرب المتضامنين العزل واحتجازهم على الموانئ الإسرائيلية كان متخذًا من قبل القيادة الإسرائيلية بشكل مسبق. ومن جانبه دعا إسماعيل هنية رئيس حكومة حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في قطاع غزة إلى اعتبار الثلاثاء القادم يوم إضراب شامل في الضفة الغربية والقطاع بكل مرافق الحياة بما في ذلك التعليم احتجاجًا وتضامنًا مع قافلة سفن المساعدات المتجهة إلى غزة والتي تصدت لها البحرية الإسرائيلية يوم الاثنين مما أسفر عن سقوط قتلى. وتابع قائلًا في كلمة عن المشاركين في القافلة: "تحية إجلال وإكبار لهؤلاء العظماء الذين كشفوا الوجه البغيض للاحتلال من خلال قدرتهم على الصمود وإصرارهم على الوصول إلى غزة لولا هذه الجريمة النكراء. تحية لكل الأبطال المشاركين من مختلف الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي ومن المجتمع الغربي ونقول لهم: أنتم أبطال إن وصلتم وإن لم تصلوا." هجوم إرهابي كما ووصفت الجامعة العربية الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية ب "العمل الإرهابي"، وقالت في بيان صحفي: إنّ الهجوم الذي اقترفته قوات الاحتلال الإسرائيلي يؤكّد بكل جلاء الطبيعة العدوانية لإسرائيل واستخفافها بكل القواعد والقوانين الإنسانية والدولية. ودعت الجامعة المجتمع الدولي ومؤسساته إلى التحرك الفوري لاتخاذ الإجراءات الرادعة "ضد هذه الدولة المارقة، التي تمارس كل أنواع الإرهاب والقرصنة، وإثارة التوتر والاضطراب في المنطقة وفي عرض البحر الأبيض المتوسط". وأعلنت الجامعة عن عقد اجتماع طارئ لمجلس الجامعة العربية غدًا الثلاثاء لاتخاذ موقف عربي من هذا الهجوم الإسرائيلي. كذلك قررت الحكومة الكويتية عقد جلسة طارئة اليوم الاثنين للتداول في النتائج المترتبة على التعرض الإسرائيلي على قافلة الإغاثة البحرية التي كانت تقل 16 كويتيًا بينهم وليد الطباطبائي أحد أعضاء مجلس الأمة الكويتي. إدانات عربية ودولية ومن جانبها دانت وزارة الخارجية اليمنية الهجوم الذي تعرض له أسطول الحرية، وقالت وزارة الخارجية اليمنية: "ندين بشدة هذه الممارسات الإسرائيلية غير الإنسانية وندعو لرفع فوري للحصار المفروض على غزة". وأيضًا دان لبنان على لسان رئيس حكومته سعد الحريري الهجوم وقال في بيان: "إن لبنان يدين هذا الهجوم بشدة ويهيب بالمجتمع الدولي ولاسيما الدول الكبرى التي يفترض أنها مؤتمنة على مسيرة السلام أن تتحرك لوقف هذا التمادي لانتهاك حقوق الإنسان وتعريض السلام الدولي للخطر". أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، من جانبه دعا المجتمع الدولي للتحرك من أجل كسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة بعد الهجوم على أسطول الحرية الذي وصفه بأنه "عمل قرصنة". الإدانات لم تكن عربية فقط بل دولية أيضًا، حيث أعربت المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة نافي بيلاي، عن صدمتها حيال الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية الذي أوقع قتلى وجرحى، كما قررت الحكومة اليونانية وقف المناورات العسكرية المشتركة مع سلاح الجوي الإسرائيلي بعيد الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية. ومن جانبها أعرب وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير عن "صدمته العميقة" حيال الهجوم الإسرائيلي على السفن، مؤكدًا أن "لا شيء يبرر استخدام مثل هذا العنف". وطالب كوشنير اليوم بتوضيح خلفيات الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية. وأضاف كوشنير: "لا يوجد ما يبرر استخدام مثل هذا العنف". كذلك أعرب وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله عن "قلقه البالغ" إزاء عملية الجيش الإسرائيلي ضد "أسطول الحرية" التضامني المتجه إلى قطاع غزة، وقال: "هذه أنباء أولى تدعو للقلق". وذكر أن الخارجية الألمانية تسعى إلى إيضاح شامل لملابسات الحادث. وأيضًا اعتبرت إسبانيا التي تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي الهجوم الإسرائيلي على القافلة التي تنقل ناشطين مؤيدين للفلسطينيين ومساعدات إلى قطاع غزة "غير مقبول". مطالب بالتحقيق كما دعا الاتحاد الأوروبي إلى التحقيق في سقوط قتلى على متن سفن المساعدات، وحثت إسرائيل على السماح بحرية تدفق المساعدات الإنسانية للقطاع. وقال متحدث باسم مسئولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون: " تبدي الممثلة السامية كاثرين أشتون أسفها البالغ إزاء أنباء وقوع خسائر في الأرواح وأعمال عنف وتبدي تعاطفها مع عائلات القتلى والمصابين. وأضافت: "نيابة عن الاتحاد الأوروبي تطالب بتحقيق شامل في ملابسات ما حدث... وتدعو إلى فتح فوري ودائم وغير مشروط للمعبر لكي تتدفق المساعدات الإنسانية والسلع التجارية والأشخاص من وإلى غزة". كذلك يستعد المنتدى الفلسطيني في بريطانيا بالتعاون مع عدد من المؤسسات البريطانية للتظاهر أمام مقر الحكومة البريطانية في لندن غدًا الاثنين للاحتجاج على هجوم إسرائيل على أسطول الحرية. استدعاء السفراء وبجانب التحركات الشعبية، استدعت عدد من الدول الغربية والعربية سفراء إسرائيل لديها للاحتجاج على الهجوم على أسطول الحرية فقد أصدرت تركيا بيانًا قالت فيه: إنها استدعت وزير الخارجية الإسرائيلي لديها للاحتجاج على هذا التصرف الذي وصفته بأنه غير مقبول، اليونان وإسبانيا والسويد أيضًا حذت حذو أنقرة في استدعاء السفراء الإسرائيليين. الدول العربية لم تكن بمنأى عن هذا التحركات، حيث استدعت الخارجية المصرية والأردنية سفراء إسرائيل احتجاجا على هذا الهجوم على أسطول سفن الحرية. وكان التلفزيون الإسرائيلي قال: إن أكثر من ألف جندي من الوحدات الخاصة والكوماندوز البحري ووحدات إسناد هاجموا سفن القافلة، وفي نفس السياق أعلنت الإذاعة العبرية أنّ الشيخ رائد صلاح زعيم الحركة الإسلامية في أراضي 1948 أصيب بجراح خطيرة خلال العملية فيما رفض جيش الاحتلال الإفصاح عن مدى خطورة حالته. ومن جانبه أكّد نائب رئيس الحركة الإسلامية في فلسطينالمحتلة عام 48 الشيخ كمال الخطيب إصابة الشيخ رائد صلاح، وقال: "الأمر يتعدى حالة الإصابة إلى أبعد من ذلك وهو عملية اغتيال مقصودة للشيخ رائد". وأظهرت الصور المباشرة التي بثّت على وسائل الإعلام بأن قوات الاحتلال اقتحمت السفن وعلى نحو مفاجئ في عملية إنزال جوي بعد ساعات من مرافقتها بحريًا وجويًا ومحاصرتها. وذكر التلفزيون التركي: "إنه مع دخول الفجر هاجم جنود الاحتلال السفن بإطلاق الرصاص الحي وقنابل الغاز مما أدّى إلى سقوط شهيدين وأكثر من 60 جريحًا، وصفت إصابات عدد كبير منهم بالبالغة". وحاول المتضامنون توجيه نداءات استغاثة لإنقاذ الجرحى الذين أصيبوا في الاعتداء الإسرائيلي، ورفعوا الرايات البيضاء والتأكيد على أنّهم مدنيون عزل جاءوا في مهمة إنسانية، إلا أنّ هذا لم يشفع لهم أمام تصميم الاحتلال على تنفيذ الهجوم الذي كشفت الصور المباشرة عنه. وكانت السفن تعرضت لتشويش من قِبَل بحرية الاحتلال، وبدأ انقطاع الاتصالات يصيب السفن بفعل التدخل الإسرائيلي شيئًا فشيئًا حتى انقطع الاتصال نهائيًا قبل نحو ساعتين من الاقتحام. وبقي البثّ المباشر وسيلة المتضامنين ومن على ظهر السفينة للاتصال بالعالم الخارجي، حيث صورت اقتحام الجنود وإطلاقهم الرصاص الحي بشكل عشوائي عليهم مما أدى إلى هذا العدد الكبير من الشهداء والجرحى. وحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية فإنّ إسرائيل تخشى من تدهور الأوضاع سواء في الأراضي الفلسطيني عقب هذه العملية، أو حتى داخل الوسط العربي في إسرائيل بعد توارد أنباء عن إصابة الشيخ رائد صلاح رئيس الحكومة الإسلامية فرع الشمال. وذكرت وسائل الإعلام العبرية أنّ الشرطة الإسرائيلية تنشر حاليًا آلافًا من عناصرها في الوسط العربي وفي المناطق الشمالية خشية وقوع مواجهات مع الفلسطينيين.