اختتمت أول انتخابات تعددية في السودان منذ 24 عاما مع إغلاق مكاتب الاقتراع في السادسة مساء (15,00 ت جرينتش) الخميس، وسط أجواء من الترقب لإعلان النتائج المتوقعة في العشرين من الشهر الجاري ويخشى أن ترافقها حالة احتقان بسبب اتهامات بارتكاب تجاوزات. وبانتهاء هذه الانتخابات التي ضمن الرئيس عمر البشير الذي يحكم البلاد منذ 21 عاما الفوز فيها، يصبح السودان مهيئا للانتقال إلى المرحلة التالية من اتفاق السلام التي ستفضي إلى تنظيم استفتاء تقرير المصير في الجنوب مطلع 2011. وبالإضافة إلى مقاطعة أحزاب المعارضة الشمالية الرئيسية وانسحاب الحركة الشعبية لتحرير السودان من انتخابات الشمال، شابت اليومين الأولين مشكلات لوجستية واتهامات بتجاوزات، ما استدعى تمديد الاقتراع ليومين إضافيين ليصبح مجموع أيام التصويت خمسة أيام من الأحد إلى الخميس. وبعد يوم شهد نسبة إغلاق ضعيفة وفق موظفي بعض مكاتب الاقتراع في الخرطوم، بدا موظفو المفوضية القومية للانتخابات سعداء وهم ينهون إجراءات التصويت لمن تبقى من الناخبين وراء الأبواب المغلقة. وقال أزهر نور محمد، مدير مركز اقتراع داخل مدرسة، "انتهينا. نحن جميعنا سعداء"، وقال محمد إن نحو 70% من الناخبين المسجلين في المركز أدلوا بأصواتهم. وتبدأ عملية فرز الأصوات مبدئيا صباح الجمعة وقد يبدأ إعلان النتائج الأولية في اليوم نفسه، كما ألمحت المفوضية القومية الخميس، مؤكدة أن النتائج ستعلن بحلول الثلاثاء المقبل. وبلغ عدد الناخبين المسجلين 16 مليونا ولم تعلن المفوضية بعد أرقاما حول نسبة المشاركة، عدا عن أرقام جزئية عن اليومين الأولين تراوحت بين 40 و67%. وعدا عن "الأخطاء الفنية" كما أسمتها مفوضية الانتخابات والتي تسببت بتأخر بدء التصويت في بعض الولايات مع تأخر وصول مواد الاقتراع أو خلط أوراق الدوائر والمرشحين، فإن ما يلقي ظلالا على هذه الانتخابات هو عدم مشاركة أحزاب المعارضة الرئيسية مثل حزب الأمة التاريخي بزعامة الصادق المهدي وحزب الأمة-الإصلاح والتجديد بزعامة مبارك الفاضل. وبالمثل سحبت الحركة الشعبية لتحرير السودان المهيمنة في الجنوب مرشحها للرئاسة ياسر عرمان لكنها قاطعت الانتخابات فقط في شمال السودان. وبذلك انحصرت المنافسة بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم الذي بات ضامنا الفوز، وحزبين معارضين رئيسيين هما الحزب الاتحادي الديمقراطي بزعامة عثمان الميرغني وحزب المؤتمر الشعبي بزعامة حسن الترابي. ودفع ذلك الأحزاب المقاطعة إلى التشكيك في مصداقية الانتخابات وإعلان رفضها مسبقا لنتائجها. ولكن المؤتمر الوطني أعلن أنه سيعرض على المعارضة، رغم مقاطعتها، المشاركة في حكومة موسعة في حال فوزه، ثم عاد وأعلن أن المشاركة مرهونة بالاعتراف بنتائج الانتخابات. وتشارك الحركة الشعبية لتحرير السودان في الحكومة المنتهية ولايتها. ويشغل المؤتمر الوطني والحركة الشعبية 80% من مقاعد المجلس الوطني المنتهية ولايته، منها 52% للحزب الحاكم. وعلى الصعيد الأمني، وفي حين لم تشهد الأيام الخمسة الماضية حوادث أمنية تعكر سيرها في مختلف الولايات وحتى في إقليم دارفور المضطرب، فإنه يخشى أن يشهد الوضع احتقانا مع إعلان النتائج وخصوصا في الولايات العشر جنوب البلاد. واتضح الخميس وجود خلافات شخصية وراء مقتل تسعة أشخاص الثلاثاء في ولاية غرب بحر الغزال خلال تبادل إطلاق النار بين عناصر من الجيش الشعبي لتحرير السودان ومن الحزب الوطني. كما نفى كول ديم كول المتحدث باسم الجيش الشعبي لتحرير السودان قبل يومين مقتل اثنين من أعضاء الحركة الشعبية - الإصلاح والتغيير المنشقة عن الحركة الشعبية لتحرير السودان برصاص الجيش الشعبي في ولاية الوحدة الجنوبية في حادث أعلن عنه لام أكول المرشح لرئاسة حكومة جنوب السودان والمنافس الوحيد لرئيس حكومة الجنوب سالفا كير.