أكد الدكتور ناصر بن سليمان العمر أن الحملة المستمرة منذ أسبوعين ضد فضيلة الشيخ عبدالرحمن البراك في الصحف السعودية المحلية على إثر نشره مقالاً عن الاختلاط في موقعه تخرج عن نطاق المناقشة العلمية لفتوى صادرة عن عالم، وتدخل في سياق خطة استراتيجية شاملة تستهدف مكانة العلماء في المملكة العربية السعودية. وأوضح الشيخ العمر، المشرف العام على شبكة "المسلم" في موقعه اليوم : أنه في حين لا ندعي العصمة لأحد، ولا يجد غضاضة في مناقشة أي قضية علمية بشكل علمي ومن متخصصين بغية الوصول للحق، وأن ينبغي أن تتسع الصدور لمثل هذا؛ فإن ما جرى من الهجوم على الشيخ البراك، وقبله الشيخ صالح اللحيدان، والشيخ الشثري من قبل أشخاص استخرج بعضهم قواميس الشتم والاستهزاء في كتاباتهم، يعد تجاوزاً غير مقبول، وهو يستهدف العلماء أنفسهم، وليس فتوى أو قول سواء أكان صحيحاً أم جانبه الصواب. ونبه فضيلته إلى أن "من يرقب هذا الوضع يلحظ أنه يأتي ضمن استراتيجية مبرمجة وتحالف وثيق بين أعداء الله في الخارج وحلفائهم في الداخل (...) فالذي يجري الآن ليس المراد به فتوى الشيخ فقط، ولا شخصه – على مكانته ومنزلته – ، وإنما أريد به تحقيق مشروع علماني ليبرالي متكامل يهدف إلى إسقاط العلماء في هذه البلاد. " وعزا الشيخ العمر ذلك إلى رغبة لدى هؤلاء في فك الرباط الوثيق بين العلماء والأمراء، موضحاً أنه " لابد أن نعيد الأمور إلى أصولها؛ فالدولة نشأت باتفاق استراتيجي وثيق بين الإمامين الإمام ابن سعود والإمام محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله، واستمر هذا التآلف والتلاحم وقيام الدولة على اتفاق الأمراء والعلماء عبر مراحل الدولة السعودية الثلاثة كلها، وكان للعلماء قوتهم وتأثيرهم، عبر الأمراء، فلم ينفرد العلماء بشيء خارج عن ولاة الأمر، بل كانت قوتهم تنبع من علاقتهم وتحالفهم مع الأمراء (ولاة الأمر)، أدرك الغرب وحلفاؤهم أن هذه العلاقة تعيق مشروعاتهم، لذلك ألِّفَت كتبٌ - موجودة على الانترنت واطلعت على بعضها – تقول أنه لا يمكن أن تتحقق المشاريع الغربية في وجود هذا التلاحم بين العلماء والأمراء، فلابد من إسقاط العلماء أولاً، وإلا فأهدافهم ترنو إلى إسقاط العلماء والأمراء معاً، وهم يعرفون أنهم لو أسقطوا العلماء فسيكون الباب مفتوحاً لهم." وأضاف فضيلته بأنهم "قد بدؤوا هذا المشروع منذ سنوات طويلة، لكنهم فشلوا فيه مراراً، إلا أنه في المراحل الأخيرة وبسبب وقوع بعض الأحداث العالمية مثل 11 سبتمبر، وما يُسمى بالحرب على الإرهاب، وأيضاً التفجيرات في المملكة التي ليست من الجهاد في شيء، استغلوا هذه الأمر، وبدؤوا مشروعهم (..) فأي فرصة تسنح لهم بأي فتوى أو مقالة للعلماء ينتهزونها، ولم يقتصروا على من هم (خارج دائرة المسؤولية)، فلم يوفروا جهداً حتى للهجوم على هيئة كبار العلماء". ولفت د.العمر إلى أن "هؤلاء المنافقين والعلمانيين يسيرون ضمن خطة استراتيجية، فيبدؤون بتشويه هذا العالم ثم ذاك، وهم قد بدؤوا يحققون شيئاً من النجاح، إذ استمالوا بعض طلاب العلم، وتمكنوا من حشد بعض التأييد لهم". وانتقد فضيلته منهج الكيل بمكيالين الذي انتهجه "الليبراليون" في السعودية حيال قضيتي الشيخ العريفي، وبهاء الأعرجي العراقي، حيث ارتفعت أصواتهم في الأولى، و"خنسوا وسكتوا" في الثانية، بما يبرهن على الازدواجية في التعامل مع العلماء من جهة والشيعة من جهة أخرى، متسائلاً "أين ليبراليتهم؟!". واعتبر د.العمر أن الهجوم على العلماء من قبل هؤلاء هدفه إرهاب العلماء لإسكات أصواتهم، مشيراً إلى كونه إرهاباً حقيقياً لأنه يغذيه بأفعال العلمانيين والليبراليين التي تفسر وقوع حوادث الإرهاب ولا تبررها، "وفارق كبير بين التفسير والتبرير. ولا أقول ذلك تبريراً بل تفسيراً؛ فموقفي واضح منذ ثلاثين عاماً من الإدانة لها ورفضها والتحذير منها وأن نهايتها مؤلمة، كما يشخص الطبيب المرض؛ فإنه يفسره ولا يبرر". ولاحظ فضيلة الشيخ ناصر العمر أن التحريض على العلماء على النحو الذي يجري في بعض الصحف المحلية من كتاب "ليبراليين" ينقض ليبراليتهم، ويقوض دعوتهم المزعومة عن حرية الرأي حين يطالبون بمصادرة آراء مخالفيهم، وزاد فضيلته: "بعضهم بدأ ينتبه لأن ما جرى سيرتد على مبدئهم العلماني والليبرالي؛ فهم يدعون الحرية، ومع ذلك لم يلتزموها، وصادروا آراء المخالفين، برغم كونه رأي عالم معتبر، ولكن بمقاييسهم، لماذا لا تعتبرونه رأياً وتعطونه الحق في إبداء رأيه. ومن المفارقات أن أحد الصحفيين طلب بالحجر على الشيخ في الصباح وبالمساء أخرج البعض على الانترنت ضده صك بسبب الرشوة؛ فأي الرجلين أحق بالحجر، مع أن المقارنة محزنة". ورأى أن هدفهم من ذلك هو "استعداء الدولة"، وضرب مثالاً بأحد الكتاب في إحدى الصحف السعودية الذي "طالب الدولة بتصنيف العلماء في هذا القضية (الشيخ البراك)؛ وأن تتعامل سلبياً مع المؤيدين والساكتين معاملة واحدة وفقاً لقائمة تضعها"، مضيفاً: "حتى الساكت لم يسلم!!، فحتى الذين قد يكون لهم عذر، كمرض أو نحو، مع أنه (لا ينسب لساكت قول) لا يستثنيهم من القوائم التي يحرض على كتابتها (...) فهذه مبادئ العلمانيين والليبراليين، دعونا نكشفها كما هي". وكشف عن أسلوب "التواطؤ وتوزيع الأدوار" بين الكتاب، مشدداً على أن هذه "ليست قضية فردية"، موضحاً أن ذلك ينم عن وجود "تنظيم سري حقيقي متعامل مع الغرب"، وهو المعروف على نطاق واسع على شبكة الانترنت باسم "زوار السفارات"، والذي "يظهر بشكل واضح من خلال نتائجه وثماره". وأشاد بفضيلة الشيخ الدكتور النجيمي الذي تصدى بشجاعة وصراحة ووضوح لهؤلاء "وله صولات وجولات في هذا الموضوع، ومن باب العدل أن نشكر الشيخ على مواقفه وجرأته وصراحته، وهذا ما ينتظر من كل عالم في مثل هذه الأزمات أن يكون له رأي وقول على حسب رؤيته، بما يفي بالنصرة". وحذر فضيلته أخيراً، من ترك هؤلاء يعبثون بثوابت المجتمع وقيمه بما ينذر بعواقب وخيمة دون الرد عليهم. وطالب "أن يخاطب طلاب العلم العقلاء المعنيين وهم كثيرون، وفضح مناهج لا أسماء هؤلاء المغرضين"، ونوه إلى أنه قد طالب في الأسبوع الماضي في درسه بالسكينة، والصبر، والمجاهدة بالكلمة لا بالتعدي، حيث "التعدي هو تعدٍ على حدود الله؛ فهذا ليس لنا، بل للمحاكم والمسؤولين"، كما دعا إلى الثبات على المبادئ وعدم اليأس، والرجوع للعلماء الصادقين الثابتين، وعذر من سكت منهم.