أكدت إعلاميات وكاتبات سعوديات ل(لعربية.نت) أن حفلات الطلاق التي انتشرت مؤخرا في السعودية تمثل مظهراً للاحتفال بالتخلص من أهم مظاهر "الاضطهاد الذكوري" فالمرأة المظلومة التي تعطلت حياتها بسبب تعنت وظلم رجل لها من المؤكد أنها ستفرح كثيراً وستسعد بتخلصها منه, حسب رأيهن, والجديد في تلك الحفلات هو الإعلان عنها ودعوة الآخرين للمشاركة في الفرحة على نطاق أوسع من الأسرة بل والوصول لمظاهر لا تقل عن مظاهر حفلات الزواج نفسها. وفي السنوات الثلاث الأخيرة انتشرت حفلات الطلاق في السعودية بشكل غير متوقع ، وفيما اختلفت مبرراته مابين منحى علمي أو تفسير اجتماعي, فإن صاحبات تلك الحفلات يؤكدن أن الأمر يستحق الاحتفال مثلما يتم الاحتفال بليلة العمر، وأن خلاصهن مما وصفنه من معاناة وقهر مستمرين في ظل استبداد ذكوري وتطويل في الإجراءات القضائية للدعاوى هو أمر يستحق أن يحتفل بنهايته والحصول على "الحرية" من جديد. حالات محدودة وقالت الكاتبة سوزان المشهدي ل"لعربية نت" الموضوع ليس جديدا فهو موجود منذ القدم فالمرأة المظلومة التي تعطلت حياتها بسبب تعنت وظلم رجل لها من المؤكد أنها ستفرح كثيراً وستسعد بتخلصها منه, موضحة أن الجديد في هذا الموضوع هو الإعلان عنه ودعوة الغير للمشاركة في الفرحة على نطاق أوسع من الأسرة , وقالت إنه بحكم كونها قريبة من بعض الحالات التي احتفلت علناً بتخلصها من حمل ثقيل فإن ذلك يكون بمثابة يوم ميلاد جديد لها وطي لصفحه ماضي عانت منه الكثير. أما الكاتبة بمجلة "ليالينا" ناهد انديجاني فترى أن الأمر لا يشكل ظاهرة "بل حالات نسمع عنها هنا وهناك بين الحين والآخر.. ولا أرى ما يمنع المرأة من الاحتفال بطلاقها الذي قد يعني لها انتصارا على الألم والحزن والاضطهاد الذي قاسته مع زوجها, فالاحتفال ليس للطلاق قدر انه انتصارا كما تراه هذه المطلقة, وبطاقة حريتها وعودة كينونتها وأنوثتها المفقودة إليها, ومن حقها الفرح طالما كانت مقتنعة بقرارها ومن حق من حولها قبول دعوة الحفلة أو لا." وفيما لو تمت دعوتها تقول "عن نفسي لا مانع لدي من الحضور لمثل هذه الحفلات, و في رأيي بأنه لا يدل كما يرى البعض على خفة عقلها وطرافة فكرة حفل الطلاق وبأنه خبر غريب, هي موجودة حتى في الغرب بدليل أنهم باتوا يصنعون أشكالاً مختلفة من الكيك كلها تعبر عن الطلاق والانفصال بين الزوجين بطريقة فكاهية." وتسأل انديجاني "لماذا على المرأة حينما تنفصل عن زوجها أو خطيبها أو صديقها عليها بالبكاء والعويل, ربما كان خيرا لها ما قدره الله بهذا الانفصال, لهذا لا أرى أي صورة سلبية لمثل هذه الحالات, ومن حقها أن تعبر عن فرحها بالطريقة التي تراها."# تصرف غير سوي حول ذلك تقول الكاتبة الصحفية بجريدة الرياض ورئيس تحرير موقع (كل الوطن ) هداية درويش ل(لعربية.نت )"هي تقليعة لا أعلم من ابتدعها, لكنني لا أتوقف أمام لوم المرأة لهذا النوع من الاحتفالات، لأني أرى الصورة من زاوية مختلفة ، قد يكون الطلاق نهاية لمتاعب المرأة وانتهاء لسنوات من الشقاء، لكن في النهاية الطلاق شئنا أم أبينا يعنى انهيار أسرة، وضياع سنوات عمر هي أدعى "للحزن "، الطلاق يعنى شتات أبناء وضياعهم وحيرتهم بين أب وأم افترقا، الطلاق يعنى انتهاء مرحلة عاشتها المرأة بحلوها ومرها ونهاية هذه المرحلة بخراب البيت وضياع سنين من العمر طلاق كانت أم خلع هو نهاية لتجربة فاشلة فهل نقوم بالاحتفال بنهاية تجاربنا الفاشلة؟،". وتضيف درويش "بيننا للأسف من يرون في الخروج عن المألوف والقفز فوق الاعتيادي من السلوكيات شيء مثير للبهجة، هذا النوع من الاحتفال تقليعة لا أعلم من أين جاءت ولا من اخترعها ؟ ولا أعتقد أن المجتمع سوف يتقبلها. قد لا تعجب رؤيتي و أرائي المؤيدات لهذا السلوك وقد يصفنني بالتخلف وببلادة الفكر والتمسك بالتقليدي منه, لا اهتم بكل ما سبق من أراء ، هذا النوع من الاحتفاليات تصرف غير سوى لمن تقيمه. " وقالت موجه حديثها للمشاركات في مثل هذا الفرح "ولمن يشاركن فيه أو يروجن له، لم أتعود الفرح أمام انهيار أسرة وضياع أبناء، أو فشل أصاب تجارب إنسانية، أعلم أن الكثيرات عانين واضطهدن وظلمن من أزواج لا رحمة ولا ضمير لهم, ولا ألومهن للإحساس ببعض بالراحة حين يتخلصن من أعباء الظلم وسنين المعاناة, ولكن الراحة من المعاناة لا تصل إلى حد الاحتفالية بل تستدعى التوقف أمام مرحلة جديدة من مراحل العمر، وإعادة تقييم لتلك التجربة ، فالفشل مرة لا يعنى نهاية الحياة، وبعيدا عن الاحتفاليات لابد للمرأة التي عانت وتعذبت وتعرضت للإهانة والظلم سنوات إلى ان حصلت على الطلاق أن تفكر بالتدقيق فى الاختيار قبل الدخول فى تجربة زواج جديدة، بدلا من أن تفكر في الإعداد لحفل الطلاق و الحصول على صك الخلع".# تصاعد حالات الطلاق يذكر أن المجتمع السعودي يعاني من تصاعد واضح في حالات الطلاق حيث أوصلتها بعض الإحصائيات إلى ما فوق 60% ، حيث ترى الكثير من الأصوات النسائية أن عنجهية الرجل وتسلطه وضعف حصول المرأة على الكثير من حقوقها الأساسية واضطهادها بطريقة أو بأخرى تأتي في مقدمة الأسباب التي تؤدي لطلب الطلاق الذي يحدث أحيانا لأسباب تافهة وقد تكون طريفة أيضا . كما ظهرت الكثير من الكتابات الإعلامية التي تدافع عن حفلات الطلاق التي تراها ردا مستحقا من قبل المرأة المضطهدة مثلما تقول الكاتبة مليحة الشهاب "لا أجد أي عيب في أن تحتفل امرأة بالخلاص من محنة، أيا كانت سواء كانت بالشفاء من سرطان الثدي، أو بالنجاة من موت محقق، أو بالخلاص من سلطة زوج ظالم مضطهد لها. الاحتفال مطلوب إذا كان بإنهاء لمأساة أكلت من العمر أجمل سنواته، وإعلان لاستئناف الحياة بعد تعطلها وبداية جديدة لمرحلة قادمة خالية من ترسبات الماضي. لاشك أن الاحتفال بالحرية من القهر، وبالخلاص من المحنة، هو علاج للروح المصابة يساعدها على الشفاء من جروح زواج فاشل ومرير" . من جهته يؤكد الدكتور سلطان الحسين الاستشاري الاجتماعي أن مثل هذه الاحتفالات لا يجب النظر لها بسلبية كاملة " فهي تمثل ردة فعل يجب احتوائها أكثر من إساءة فهمها " . ويؤكد أن "المرأة بفطرتها تكره الطلاق ولا تريد خسارة حياتها وأطفالها وبيتها ولكن قد تكون خطوط التفاهم قد تعذرت سبل إصلاحها ولذا تبدأ رحلة معاناة طويلة، و للأسف بعض الرجال لا يقدرون عاطفة المرأة وضعفها مما يجعلها تحاول الرد بطريقة أو بأخرى وفي كل الأحوال يجب تفهم الأمر دون المبالغة فيه." وحول الحلول يقول الحسين "التآلف الزوجي مهم أن يؤسس له منذ البداية ، وفي الثلاث سنوات الأولى من الزواج التي تعتبر أحرج مرحلة في العلاقة يجب أن يكون هناك تفاهم وترسية أسس للعلاقة في إطار الاحترام المتبادل والحرص على حقوق الطرفين ، ومن جهتي أتمنى أن لا يترك الطرفان أي وسيلة لتدارك الأمر تفوت ، ومن ذلك السعي للحصول على استشارات الخبراء في العلاقات الزوجية والاجتماعية لأن ما يترتب على بعضها من مشاكل عويص جدا وعلى رأس ذلك الأطفال."