صعّدت السلطات العمانية من وتيرة الاعتقالات واستداعاءات بحق عدد من الناشطين بعد حملة مداهمة منازلهم خلال يوميّ الأحد والاثنين؛ لأسباب يعتقد أنها تتعلق بنشاطهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ست حالات توقيف خلال يومين ------------------------------------- وقد تم اعتقال ستة من النشطاء، هم: صالح العزري وعلي المقبالي وطالب السعيدي ومختار الهنائي وأحمد البلوشي، فيما تم الإفراج عن الأخير بعد تحقيق معه دام أربع ساعات. ويعتبر هؤلاء من المدافعين عن حقوق الإنسان، وقد تكرر اعتقالهم في السنوات الماضية، ولهم سجل في القضايا بالمحاكم مثل "إهانة السلطان قابوس". صالح العزري، الذي يعمل طبيبًا في وزارة الصحة، قد كتب كثيرًا عن الفساد في المنظومة الصحية العمانية. وألقي القبض عليه من 14 وحتى 19 أبريل/نيسان 2013، وكان مدافعًا عن حرية المعتقلين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. علي المقبالي، مدافع عن حقوق الإنسان، كتب على شبكات التواصل الاجتماعي حول الفساد والدفاع عن معتقلي الرأي. وقد سبق أن تم اعتقاله في عاميّ 2011 و2012. فيما كان طالب السعيدي يرصد ويوثق قضايا النشطاء الموقوفين والمحتجزين، وقد أوقف في 13 يوليو/ تموز 2014 وتم التحقيق معه لدعوته إلى مسيرة سلمية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، كما ألقي القبض عليه خلال العام الجاري في 23 أيار/ مارس وأفرج عنه في 13 أبريل/ نيسان. وكان الثلاثة جميعهم قد تلقوا اتصالات هاتفية ظهر الأحد للمثول من أجل التحقيق أمام القسم الخاص في القيادة العامة لشرطة عمانبمسقط؛ إلا أنهم رفضوا الحضور، وطالبوا بورقة استدعاء رسمية وفق ما ينصّ عليه القانون. ولكن، ما إن وصلت الساعة التاسعة مساءً حتى داهمت قوّات المهام الخاصة منازل النشطاء الثلاثة واقتادتهم إلى جهة مجهولة، ولم يتم السماح لهم بمقابلة المحامين أو مواجهتهم بالتهم التي على إثرها تم اعتقالهم، بحسب المرصد العماني لحقوق الإنسان. أما مختار الهنائي فقد تم اعتقاله يوم الاثنين، عندما كان متوجهًا إلى الإمارات، وخلال عبوره نقطة تفتيش لقوات المهام الخاصة، تم إيقافه واقتياده هو وأحمد البلوشي الذي كان بصحبته حينها، وأفرج عنه لاحقًا بعد الحقيق معه؛ بينما لا يزال الهنائي محتجزًا بمعزل عن العالم الخارجي في القسم الخاص الواقع بمنطقة "القرم" في العاصمة مسقط. والهنائي ناشط حقوقي وصحفي سابق، حكم عليه في 16 سبتمبر/ أيلول 2012 في قضيتي "إهانة السلطان والتجمهر" بالسجن سنة واحدة على كل قضية، مع الغرامات، من خلال نشر "كتابات مسيئة ومخالفة لقانون تكنولوجيا المعلومات". ونتيجة لهذا الحكم؛ أمضى بعض الوقت في السجن وأُفرج عنه في 22 مارس/ آذار 2013 بعد عفو صدر من السلطان قابوس، ولا زال يواجه صعوبة في العمل حتى الآن بعد أن كان يعمل سابقًا كمحرر في جريدة "الزمن" العمانية. وفي السياق، أكد أحد الناشطين العمانيين لموقع "مهارات نيوز" أن حملات الاعتقال التي تعرض لها الناشطون جاءت بشكل مهين؛ إذ تعرضوا للشتم أثناء اعتقالهم، إضافة إلى تفتيش منازلهم ومصادرة أجهزة الحاسوب والهواتف الذكية. حملة "ناصروهم" ------------------ وبحسب معلومات المرصد العماني، فإن التحقيق تطرق إلى نشاط البلوشي في مواقع التواصل الاجتماعي وحول هاشتاق "#ناصروهم" وعلاقته بالناشط محمد الفزاري وشقيقه المعتقل محمود الفزاري. "ناصروهم"، حملة وطنية عمانية تهدف للدفاع والتضامن مع معتقلي الرأي العمانيين بكل الوسائل القانونية والسلمية المتاحة، وتعتمد رؤيتها على "صوت لكل معتقلي الرأي"، ورسالتها أن "الجميع للفرد والفرد للجميع". وحمل البيان الأول للحملة توقيع "شباب عمان"، ولفتت الحملة إلى أن أبرز الأدوات التي ستستخدمها لمناصرة المعتقلين هي عمل وسم في "تويتر" و"فيس بوك" لكل معتقل، وتوفير محام له وحضور المحاكمات. وأشارت حملة "ناصروهم" إلى أن أهم ما يميز فريقها هو عدم وجود مركزية أو قيادة واضحة لها ولا صفحات خاصة بها؛ أي إن الكل للفرد والفرد للكل في مناصرة أي معتقل رأي، لافتة إلى أن هذه الآلية في العمل ستعطي فكرة الاستمرارية أكثر. محمود الفزاري تعرض للضرب ----------------------------------- في حين لا يزال محمود الفزاري معتقلًا منذ 22 يوليو/ تموز ويخضع للتحقيق، وتعرض للضرب المبرح؛ على خلفية استجوابه لخروج شقيقه الحقوقي محمد الفزاري من عمان، الناشط الحقوقي والمدون ورئيس تحرير مجلة "مواطن" الإلكترونية المستقلة الذي غادر البلاد إلى بريطانيا يوم 17 يوليو/تمّوز 2015، برغم مصادرة جواز سفره وبطاقته الشخصية وخضوعه لقرار من السلطات العمانية بمنعه من السفر منذ ديسمبر/ كانون الأول 2014. وبحسب "أمنستي"، فإن محمود الفزاري تعرض لخطر التعذيب أو غيره من أشكال سوء المعاملة؛ فبعد بعد القبض عليه نُقل إلى مركز شرطة روي، في مسقط أيضًا، وتمكن من إبلاغ أسرته بأنه محتجز هناك. وسُمِح لوالده بمقابلته في زيارة قصيرة يوم 52 يوليو/ تموز، ورأى كدمات في جسده. وخلال الزيارة، هدد أفراد الشرطة والده قائلين إنه إذا لم يعترف ابنه بمساعدة شقيقه على الهرب خارج البلاد، فسيتم استدعاء أفراد آخرين من أسرتهم، من بينهم إناث، إلى "القسم الخاص" لاستجوابهم. وأُعِيد محمود الفزاري إلى "القسم الخاص"؛ حيث لا يزال محتجزًا دون تهمة. وكان الناشط محمد الفزاري قد أعلن مغادرته للبلاد وتواجده في لندن كلاجئ سياسي، ناشرًا صورته الشخصية في بريطانيا، وصرّح في حوار مطول لموقع "شؤون خليجية" الإخباري -في أول حوار له بعد لجوئه السياسي لبريطانيا- بأنه يريد "العيش بسلام والاستمتاع بتجربتي الجديدة ومواصلة دراستي، ولا توجد أهداف موضوعة للنشاط السياسي حاليًا". وقال محمد إن قرار اللجوء لم يكن بالشأن الهيّن "حيث تترتب عليه عدة تضحيات. ولم أقم به إلا مجبرًا بعد ما شعرت أن السلطة تسلك طريقًا لا رجعة فيه في التضييق بشكل أكبر وأوسع، والمحاولة لإحكام السيطرة والعودة للمربع الأول ما قبل الثورة العمانية 2011، بعدما أجبرت على تقديم تنازلات كبيرة في 2011، بعد ضغط الشارع الكبير". أمنستي: محتجزون يتعرضون للتعذيب ---------------------------------------------- وكانت منظمة العفو الدولية (أمنستي) تحدثت عن حالات احتجاز تعسفي وبمعزل عن العالم الخارجي لفترات مطولة في عُمان في عامي 2013 و2014. ووردت كذلك أنباء تفيد بتعرض بعض المحتجزين للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة على أيدي موظفي الأمن الرسميين. وأفاد بعض النشطاء ومن يتعرضون للحكومة بالانتقاد بأنهم تعرضوا للضرب، وتغطية الرأس، والإيهام بالإعدام، والحرمان من النوم، والحبس الانفرادي لفترات طويلة، وأشكال أخرى من التعذيب وسوء المعاملة. يذكر أن حملة المداهمات والاعتقالات مستمرة في عمان منذ 2011 للعديد من الناشطين والمدوّنين والكتّاب، وأدين الكثير منهم بتهمة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لإهانة السلطان قابوس، وصدرت أحكام بحق آخرين على خلفية المشاركة في تظاهرات مطالبة بإصلاحات. وكانت سلطنة عمان شهدت عام 2011 في خضم أحداث ما يعرف ب"الربيع العربي" سلسلة تظاهرات محدودة نسبيًا طالبت بمكافحة الفساد والبطالة. كما ينشط المغردون العُمانيون على موقع "تويتر" بإنشاء العديد من الهشتاقات المطالبة بإطلاق سلاح الناشطين، ورفض الاعتقالات التعسفية بسبب الآراء على وسائل التواصل الاجتماعي.