يستعين المؤذن في المسجد النبوي بالراية الحمراء والتي استبدلت بالإضاءة بذات اللون، في المئذنة الرئيسة التاريخية التي يبلغ ارتفاعها 60 مترا، وعمَّرها السلطان المملوكي الأشرف قايتباي، كلغة يوجهها لحظة الآذان لمن يقف بجانب المدفع على جبل سلع، فأصبحت إرثا تاريخيا في رمضان. اللمبة الحمراء ------------------- الباحث في معالم المدينةالمنورة، وتاريخ مؤذني الحرم النبوي محمد بخش أكد في حديثه ل»مكة» أنه بالرغم من توفر الأجهزة الحديثة في تحديد مواقيت الأذان إلا أنه ظل لتلك الطريقة التقليدية القديمة نكهتها الخاصة العالقة في أذهان كثير من الأجيال، حيث كان يستخدم قديما في التوقيت لرفع الأذان ما يسمى ب»المزولة» التي لم تعد تستخدم اليوم، وكان قبلها يضاء قنديل أحمر من المنارة أو يتم وضع راية حمراء اللون وهي إشارة وعلامة لمن هو عند المدفع فوق جبل سلع. آلية إشعالها ---------------- وحول طريقة إشعال هذه اللمبة ذهب بخش إلى أنه كان في السابق يصعد مؤذن الحرم النبوي «الريس» على الطوف الأول في المئذنة الرئيسية التي بجوار القبة الخضراء، ويترقب وقت الأذان إلى أن يحين ويبدأ بالأذان ثم بقية المآذن الأربعة ومع التكبيرة الأولى لأذان المغرب يتم إشعال قنديل أحمر في المئذنة الرئيسية، فيشاهدها المسؤول عن المدفع في جبل سلع التاريخي الذي ورد ذكره في السيرة النبوية، ويبعد عن الحرم قرابة كيلو متر فيطلق طلقة صوتية من المدفع الأول باتجاه الحرم، وأخرى في جنوبالمدينة من المدفع الثاني وكذلك مدفع قلعة قباء التاريخية يطلق المدفع مع سماع تكبيرة أذان المغرب. ظل هذا الحال لقرون إلى أن وضعت «اللمبة الحمراء» في أعلى المئذنة الرئيسية تحت الهلال مباشرة وأصبحت تضاء من قبل المؤذن من المكبرية مع تكبيرة أذان المغرب في رمضان، ويشاهدها المسؤول عن المدفع ويطلق طلقتين منذ رؤيته للإضاءة الحمراء من أعلى المئذنة الرئيسية التي بجوار القبة الخضراء، وكذلك يطلق طلقة المدفع وقت السحور قبل أذان الفجر بساعة حيث يفطر الصائمون على صوته ويمسكون، وتكون أكثر تنبيها. وارتبطت تلك الإضاءة بتاريخ الحرم النبوي ومدفع المدينة التاريخي لما يشكلان من تناسق وتناسب رائع، وتظل تلك الإضاءة الحمراء مشعلة منذ تكبيرة أذان المغرب في رمضان، وحتى قبيل العشاء فيما تستغرق نحو ساعة وخمسا وأربعين دقيقة. إعادة المدفع ---------------- وأشار بخش إلى أن ليلة رمضان الأولى عادة ما يكون فيها الإعلان بصوت طلقات المدافع، مع ترقب أبناء المدينة لما يحمله هذا الصوت من خبر ينتظره الكبير قبل الصغير وهو دخول رمضان. وثمن الموافقة الصادرة من المقام السامي بإعادة استخدام المدفع الصوتي في المدينة بدءاً من رمضان هذا العام، وذلك لما يملكه المدفع الصوتي من إرث تاريخي ظل لقرون، وتناقلته الأجيال ويبعث الفرح والسرور لمن يسمعه في المدينةالمنورة جيلا بعد جيل. «كان الأذان قديما في الحرم النبوي -بحسب محمد بخش- يرفع من المآذن الخمس بدءا من المئذنة الرئيسة التي بجوار القبة الخضراء، ومئذنة باب السلام ومئذنة باب الرحمة، وكذلك المئذنة الشكيلية والمئذنة السليمانية، حيث كان ينطلق منها النداء حتى مطلع عام 1400ه، حيث تم توحيد الأذان على مؤذن واحد فقط، وذلك من مكبرية الحرم النبوي الشريف، وهذه المآذن هي الأطول في المدينةالمنورة، وتشاهد من أماكن بعيدة جداً، بما فيها المئذنة الرئيسية التي تعلوها اللمبة الحمراء» «اعتاد أهل المدينةالمنورة على رؤية الإضاءة الحمراء التي توضع أعلى المنارة الرئيسية للمسجد النبوي الشريف جوار القبة الخضراء المعروفة كمعلم من معالم المدينة الرئيسية، ولهذا التقليد أكثر من 300 عام، حيث كانت مدافع الإفطار توضع على جبل سلع، بالإضافة إلى قلعة قباء، إذ تطلق مدافع الإفطار من تلك المواقع إيذانا بغروب شمس نهار رمضان، وقد وضع مفتاح خاص لتلك الإضاءة التي تصدر إشارتها لمدفع الإفطار في مكبرية المؤذنين بالمسجد النبوي، حيث يقوم المؤذن بإصدار تلك الإشارة قبل شروعه في الأذان، وذلك مع غروب الشمس ودخول وقت الإفطار. محمد ماجد حكيم - مؤذن المسجد النبوي «تعد الإشارة التي يصدرها مؤذنو المسجد النبوي للقائمين على مدفع الإفطار بمثابة العلامة والإذن لدخول وقت إفطار الصائمين، ويعتمد المؤذنون في توقيتهم على تقويم أم القرى المعتمد رسميا من الدولة، وبدأ هذا التقليد في زمن الدولة العثمانية، قبل أن يتوقف في عهد الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز رحمه الله، وذلك للاستغناء عنه بالتقاويم وانتشار المساجد وبرامج الأذان وتكاثر التقنية، إلا أنه عاد هذه السنة، باعتباره موروثا حضاريا وتاريخيا للمدينة المنورة، وكانت إشارة المدفع تصدر من المئذنة الرئيسية، وفي هذا العام من آخر مئذنة من الجهة الغربية الشمالية للمسجد النبوي». سامي ديولي - مؤذن المسجد النبوي