يقدم الكاتب والأكاديمي السعودي عبد المحسن هلال، في حوار خاص ل"شؤون خليجية"، رؤية شاملة عن الأوضاع في المملكة العربية السعودية، فيما يخص الوضع السياسي والاقتصادي والحقوقي الداخلي وأزماته وكيفية تجاوزها، وطبيعة النظام القضائي، وكيفية مواجهة الفساد فيها، وتطورات العلاقات البينية بين السعودية ودول الخليج وعلاقاتها الإقليمية، ورؤيته لحل الأزمة اليمنية، ومتغيرات العلاقة بين السعودية والدول الغربية والولاياتالمتحدة ومستقبلها، والمخططات التي تستنزف الأمة وقدراتها. عبد المحسن هلال، تخرج في كلية التجارة جامعة الرياض عام 1970 م حاصل على الدكتواره في العلاقات الدولية الحكومية عام 1980 م، عمل أستاذاً بجامعة أم القرى في الفترة من 1980 وحتى 2011، ويعمل كاتبا صحفيا منذ عام 1982 م . وإلى تفاصيل الحوار.... ** يعمل بدول الخليج ومنها السعودية ملايين من العمالة الأجنبية الوافدة فهل تشكل خطرًا على التركيبة الديموغرافية والهوية؟ * تختلف نسب العمالة الأجنبية الوافدة للدول الخليجية، بعضها يصل إلى أكثر من 90 % من عدد المواطنين كما في دولة الإمارات العربية، وبعضها يصل لنحو 50 % كما هو الحال في السعودية، وبين النسبتين تقبع بقية دول الخليج، وجميعها نسب خطرة تؤثر في التركيبة السكانية واللغة والهوية الثقافية. كثير من هذه الدول استنامت لدولة الرفاه لدرجة حرفته عن مفهومه الاقتصادي، فدولة الخدمات والرفاهية لا تعني الاعتماد على أيد أجنبية، وما لم تقم هذه الدول بتشجيع أبنائها على خوض تجربة العمل ستظل تعتمد على الأيدي الأجنبية، ولن تجد مفرًا من الرضوخ للترتيبات الأممية التي تعطي العامل الأجنبي حق التجنس والمواطنة بعد عمله عددًا محددًا من السنوات، وحينها قد تفقد هذه الدول معنى وجودها العربي، وتتيه في زحمة هويات وافدة تشكل مستقبلها السياسي فضلًا عن الاقتصادي. ** لماذا لم تحقق الفوائض النفطية النهضة الاقتصادية المرجوة في السعودية، وكيف تتفادى الدولة سلبيات أزمة هبوط أسعار النفط؟ * لم تتحقق النهضة أو التنمية الاقتصادية في السعودية، لأن نظامها الاقتصادي لم يزل ريعيًا منذ نشأته، السطوة النفطية مسيطرة على القرارات الاقتصادية، بمعنى سيطرة التفكير النفطي، حتى أن هدف الخطة الخمسية الأولى بتنويع مصادر الدخل قبل نحو نصف قرن لم يتحقق حتى الآن، وظل الاقتصاد يعتمد على النفط بنسب تتجاوز ال 90 %، ولم تنشأ صناعات بديلة من عائداته سوى مشاريع بتروكيميائية مرتبطة به، وما لم يتشكل الاقتصاد وتتنوع قاعدته الإنتاجية سيظل أسيرًا لأسعار النفط العالمية. ** كتبتم على تويتر "بعض من يرد على تغريدتي عن المصالحة الوطنية وسجناء الرأي يزايد بحب الدولة والوطن، لا مجال للمنافسة هنا جميعنا نحبهم فكفوا آذاكم ومزايدتكم"، ماذا تقصدون؟ * مع بداية العهد السعودي الجديد كتبت تغريدة متفائلة بعفو يشمل جميع معتقلي الرأي ممن لم تتلوث أيديهم بالدم، ودعوت أن تتبنى الحكومة مبادرة للمصالحة الوطنية تلم كافة أطياف المجتمع من تشرذم العصبيات والطوائف والفئات المستشرية، لاقت التغريدة استحسان كثيرين، أقلية رأت فيها عفوًا عمن أجرم بحق الوطن بالتحريض على العنف وإن لم يحمل سلاحًا. الطريف أن كثيرين منهم لم يلتفتوا للجزء المتعلق بالمصالحة الوطنية، بل أكدوه ومارسوه بالقول أنني أدافع عن محرضين وقتلة ومعارضين لسياسة الدولة، فكانوا ملكيين أكثر من الملك، بل بعضهم كما أجبت في تغريدة أخرى وجه تهمًا لسجناء الرأي لم يجرأ المدعي العام الحكومي ذاته على توجيهها، ثم تجاوز بعضهم بالنيل من شخصي والتشكيك في مواقفي، مما دعاني لكتابة التغريدة المشار إليها. ** أشرتم إلى أهمية الإصلاح السياسي لتقوية تماسك الجبهة الداخلية أمام ضراوة الهجمات الخارجية، كيف يتحقق ذلك؟ * أكدت على ذلك خاصة مع تنامي الهجمات الداعشية في كل من العراقوسوريا، حتى وصلت حدود المملكة شمالا، فكتبت منوهًا إلى أن ما يشجع البعض لسماع الخطاب الداعشي هو تراخي حركة الإصلاح داخليًا، التي كانت قد بدأت قوية مع تولي المرحوم الملك عبد الله، ولكنها ما لبثت أن تراخت، فدعوت لإعادة تقويتها وتنشيطها لتجسير العلاقة بين الحاكم والمحكوم، إذ هي الضمانة الوحيدة لاستمرار العلاقة الجيدة بينهما ولمصلحة الوطن قبلهما. وهذا ما حدث مع بداية الملك سلمان، إذ شهدنا حركة إصلاح قوية وتغييرات إدارية جذرية، الأمل أن تستمر وتتعمق أفقيًا ورأسيًا للقضاء على الفساد المستشري والمحسوبية وهدر المال العام، وتنويع القاعدة الاقتصادية وتحسين الخدمات العامة وأمور أخرى كثيرة تنتظر الإصلاح والتغيير. ** كيف ترصدون دور مؤسسات مكافحة الفساد في المملكة.. وهل تحتاج إلى إعادة هيكلة أو تطوير للأداء؟ * نعم تحتاج هذه المؤسسات تغييرًا، ولعل مؤسسات مكافحة الفساد هي أوهن مؤسسات الدولة، ذلك أن الفساد في نمو وتغول، ما زلنا نتبوأ مكانة متقدمة في سلم الفساد حسب احصاءات منظمات الشفافية الدولية، وبالتالي فهي أولى مؤسسات الدولة بالمراجعة وإعادة الهيكلة والتطوير، للقضاء على سوء الظن بالنظام القضائي والمحاسبي في الدولة، الذي يقف مكتوف الأيدي أمام هذه التجاوزات، التي تمس سمعة الدولة نتيجة عجز هذين الجهازين. ** هل ترون ضرورة لتطوير النظام القضائي بالمملكة.. وكيف؟ * الحقيقة أن تطوير النظام القضائي كان قد بدأ قبل سنوات، لكن يبدو أن هناك مقاومة للتطوير من بعض رجال القضاء المتزمتين، حيث تم رفض أكثر من مفردة تطوير كتقنين الأحكام، وظهور قضاء مستقل للأحوال الشخصية ولقضايا المرأة والأسرة، فضلًا عن نظم قضائية متخصصة أخرى كالتجارية والمرورية وخلافه، للتخفيف من حجم القضايا المنظورة، وتقليل أمد التقاضي. ** كيف ترصدون التغيرات في الخطاب السياسي السعودي ومنهجية التعامل مع المواطن والرأي العام بالداخل؟ * لعل هذه من أبرز المتغيرات في الخطاب السعودي الجديد، حسن التعامل مع المواطن والرأي العام الداخلي، أقيل وزراء ومسؤولين بناء على مناشدات وطلب من الرأي العام، أوقف أمراء وعوقب آخرون استجابة لضغوط الرأي العام، سواء في وسائل التواصل الاجتماعي أو تبليغ الرأي المباشر، أكثر من وزير صار لهم حسابات بهذه الوسائل، وللديوان الملكي بل للملك نفسه حساب يتلقى فيه وجهات نظر المواطنين تجاه الأحداث والتظلمات. بل إن ذلك امتد للسياسة الخارجية أيضًا، فموقف الملك سلمان من أمريكا، بعد تنامي الغضب الشعبي من مواقف واشنطن المتناقضة، أدى لإلغاء الملك زيارته لواشنطن، وأناب ولي العهد في حضور اجتماعات قمة كامب ديفيد. ** كيف تقيم السياسة الخارجية السعودية في عهد الملك سلمان، خاصة تجاه دول الخليج، ومصر وسوريا على وجه الخصوص؟ * لاشك أن الوقت مازال مبكرًا للحديث عن سياسة الملك الجديد، لكن ما تم خلال المئة يوم الأولى يشي بكثير من التحولات. خليجيًا: يمكن الاستنتاج من كثرة اللقاءات الجماعية والفردية بين قادة الخليج، أن هناك رغبة لتنسيق القرارات المتخذة أكثر من السابق، لكن حتى اللحظة فإن النتائج لا ترقى لطموح أبناء المنطقة، مازال هناك تباين في وجهات النظر، تبدى ذلك في درجات تأييد عاصفة الحزم، بعض أيد وبعض تحفظ، وقليل أبدى تشككًا. مصريًا: يبدو أن الملك سلمان أقل تحفظًا تجاه حركة الإخوان المسلمين، وأكثر تحفظًا تجاه المنح المالية أو الشيكات على بياض التي كان يقدمها الملك السابق عبد الله، رحمه الله، والموقف من الإخوان والمنح المالية يكاد يكون محور العلاقة بين البلدين، مع أن المصالح المشتركة كثيرة، منها على سبيل المثال الموقف في مضيق باب المندب، فالمتصور أنه مصلحة عليا للدولتين، دونه تغلق قناة السويس وهي مصدر الرزق الكبير لمصر، لكن تردد مصر في المشاركة الفعلية في عاصفة الحزم لمنع سيطرة الحوثيين ومن خلفهم، أعطى القيادة السعودية مؤشرًا سلبيًا أثر وسيؤثر على علاقة البلدين. سوريا: هنا خطوط كثيرة تشابكت، محلية وإقليمية ودولية مما أطال أمد مأساة الشعب السوري، وما سيترتب عليه عودة الدولة السورية، الشعب والأرض، عشرات السنين للخلف بعد تضميد الجراح، وخطت المملكة خطوة كبيرة بالتفاهم مع تركيا لتقليص نفوذ الرئيس بشار الأسد وإصلاح ما أفسدته السياسات السابقة، دخول إيران على الخط عقد المشكلة أكثر، ووجود روسيا زاد الطين بلة، لكن تردد أمريكا وتناقضاتها سبب الكثير من التشويش وضيق كثيرًا من المخارج. المؤمل من القيادة الجديدة في المملكة تفهم احتياج الشعب السوري، سواء في المخيمات أو داخل المدن السورية، والحد من سطوة الميليشيات المختلفة المتنازعة لفرض سيطرتها على الشعب والأرض. ** كيف تساهم السياسة الخارجية الجديدة في السعودية في مواجهة أخطار تواجه الأمة العربية والإسلامية؟ وكيف ترون أهمية تطوير تحالف سني كبير تقوده السعودية؟ * إذا أذنتم لي سأختلف مع خلفية السؤال، تقسيم المنطقة وتقسيم المسلمين إلى سنة وشيعة إضعاف للدول العربية وللدور السعودي وسياسته الخارجية، وتقوية لإيران وتنفيذًا لرغباتها، الشيعة في كل العالم الإسلامي لا يزيدون على نسبة 10 إلى 15 %، فإذا ركزنا على إحياء جبهة سنية ضد أطماع إيران في المنطقة سنلعب بنفس أدواتها التي تجيدها، هي تريد تصوير الصراع على أساس أيديولوجي، وتريد استغلال غضب شيعة العرب للتهميش الذي يواجهون، والإقصاء من بعض النظم العربية. هو صراع مصالح ومناطق نفوذ، وعلينا القفز فوق لعبة إيران، وتفويت الفرصة لتصويره أنه صراع مذهبي تستمد فيه عطف العالم لفئة قليلة تريد إظهارها مستضعفة تطالب بحقوق أساسية وأنها تناصرها، المفترض أن نهتم بالشيعة في كل بلد عربي على أساس المواطنة والعدل في المعاملة، والرد على إيران بمحاربة مصالحها ورغبتها في التمدد على حساب الأقطار العربية والأرض العربية، هذا ما أرى أن تكون عليه السياسة الخارجية السعودية والعربية. إن كان لا بد من تحالف عربي فليكن على أساس اقتصادي وليس مذهبيًا، علينا التصالح أولًا مع جهاتنا السنية، سواء مع حركة الإخوان المسلمين بمصر أو الإصلاح في اليمن أو النهضة بتونس، وغيرهم من أحزاب سنية ثم شيعية، المملكة مركز العالم الإسلامي ككل وقبلة العالم الإسلامي، والمفترض أن تكون الحاضنة للكل. ** كيف تنظر للدور الأمريكي في دول الخليج وبخاصة تجاه السعودية، وهل تمارس سياسة اللعب على كل الحبال؟ * الدور الأمريكي على الدوام مزدوج، منذ لقاء الرئيس روزفلت بالملك عبد العزيز، الذي شكل بدايات السياسة الأمريكية قبل أكثر من ثمانين عامًا، لكن، والحق يقال، أمريكا واضحة، هي تركز على النفط ورعاية مصالحها، قد تكون تحررت قليلًا من حاجتها النفطية، وهي فكرت قبل سنوات قليلة في التخلص من مشاكل المنطقة وتركها لمصيرها، غير أن ظهور المنظمات الإرهابية والخوف على مصالحها الأخرى في المنطقة ومستقبل (إسرائيل) أعادها ثانية للمنطقة. مازالت تلعب ذات الدور المزدوج وتحاول إرضاء الكل للحصول على ما تريد هي. نحن من يحتاج لتحديد موقفه، يجب أن نتخلص من الوهم بحاجتنا لأمريكا لحفظ الأمن في المنطقة وحفظ الكراسي، الشعوب هم مصدر الأمن والأمان، أحداث الربيع العربي أثبتت ذلك، شراء الذمم وشراء المواقف السياسية واستئجار الجيوش لن ينقذ أحدا إذا الشعب لم يرض، ورضا الشعب غاية تدرك، بقليل من التضحية وكثير من بعد النظر. ** يرى محللون أن الولاياتالمتحدة ودول غربية تريد استنزاف الدول الخليجية في حروب مفتوحة لاستنزاف جيوشها وتفكيكها فما رأيكم؟ * استنزاف جيوبها نعم، حيث لا جيوش هناك، حتى كلمة تفكيك أراها غير دقيقة، معظم دول الخليج محميات غربية تسقط بمجرد رفع الدعم الخارجي، جميعنا يتذكر سياسة البترودولار القديمة، الغرب عمومًا وأمريكا خصوصًا يريدون تدوير ثروات النفط لتشغيل الأيدي العاملة في بلدانهم، لمنع الركود الاقتصادي، ومنع غضب جموعهم وتفجر ثورات مماثلة لما يحدث في بلدان العالم الأخرى من البطالة، من هنا تأتي كلمة استنزاف لمداخيل الدول الخليجية بشراء معدات وأسلحة، تبقى أحيانا في "كراتينها" وصناديقها حتى تصدأ وتتآكل أو يلقى بها في البحر، ولا يصاحبها برامج تدريب على هذه المعدات والأسلحة، الفقاعة تفجرت في حروب عدة، لم تتمكن هذه الجيوش من خوضها لنقص الأسلحة والمعدات، ومؤخرًا اتضح نقص الرجال جندًا وضباطًا وخبراء. التفكيك حاصل وله طرفان، تخويف القائد من شعبه، وإعطاء بعض الأمل للشعب من خلال اصطفاء بعض نخبه وإغرائهم، لاحتمال استخدامهم مستقبلًا ضد قادتهم وشعوبهم إذا ما ثار الشعب، ما حدث في مصر وتونسوسوريا وليبيا يشي بذلك. ** سيناريوهات حل الأزمة اليمنية من وجهة نظركم.. وكيفية يمكن ردع إيران وأذرعها العسكرية بالمنطقة ومواجهة التمدد الشيعي؟ * تمدد إيران لم يكتف بشمال جزيرة العرب، بل أحاط بدول الخليج إحاطة السوار بالمعصم، وإيران تستخدم مسمى الشيعة وتصبغ تمددها بصبغة دينية، مستغلة سوء ظروف الشيعة العرب داخل بلدانهم العربية، لم يكن ثمة شيعة يذكرون باليمن، هناك زيدية وهم أقرب للسنة منهم للشيعة، إهمال دول الخليج لليمن كل هذه السنوات، قذف بهم للحضن الإيراني فتشيعوا بالخضوع للحوثي وتعليماته، ثم بخيانة المخلوع صالح، وهو ربيب دول الخليج الذي فضلوه على نصرة ثورة سلمية للجياع في اليمن. السعودية لم تذهب لليمن لتحريره ولم تذهب لمحاربة الشيعة ولا الحوثيين، ذهبت لمنع تهديد حدودها بل مدنها، وجميعنا يتذكر تهديد الحوثي بتطهير مكةالمكرمة التي تبعد آلاف الأميال عن اليمن، وذهبت استجابة لطلب حكومة شرعية هناك ضد من سلب سلطتها. وأرى أن اليمن يحرره أبناؤه، والحل يكمن في مساعدتهم وتسليحهم تمامًا كما فعلت إيران مع الحوثيين، وربما تكون "عاصفة الحزم" حيدت وعدلت ميزان القوى هناك، وعلي المملكة تسليم اللواء لأبناء اليمن، علينا تجاوز الخلافات، سواء مع القاعدة أو الإخوان المسلمين وحركة الإصلاح، وعدم الانصياع للخوف الأمريكي من وجود القاعدة هناك، طالما لدينا قدرة حماية حدودنا من أي اختراق فلا يهمنا، وحقيقة ليس شأننا من يحكم اليمن، علينا تحسين علاقتنا بالشعب اليمني الذي سيقرر أية حكومة وأي حاكم سيختار. مجلس التعاون الخليجي لم يعد جزرة نلوح بها لليمنيين، علينا إعداد مشروع مارشال لانتشال اليمن من البؤس الذي يجعله مرتعًا للقاعدة وغيرها من منظمات العنف والإرهاب. ** ما استراتيجيات التصدي لمخططات تفتيت وتقسيم الدول العربية.. وكيف تتحقق الوحدة العربية.. وهل تؤيد توسعة مجلس التعاون الخليجي ليضم دولًا أهمها اليمن؟ * لابد من استعادة مفاهيم عدة سقطت من ذاكرة العرب، الأمن القومي العربي كمثال، أما مجلس التعاون الخليجي لم ينجح خليجيًا حتى نفكر في توسيعه، صرخة "إنه الاقتصاد" قد يكون فيه المخرج، لنبدأ بسوق واحدة ثم بعملة واحدة، لنبدأ بتسهيلات جمركية مشتركة وتجميع لعناصر الإنتاج، أما البديل تجزئة المجزأ وتقسيم المقسم. ** لماذا تعثرت برأيكم ثورات الربيع العربي.. وكيف يمكن إعادة إحيائها من جديد ومواجهة قوى الثورة المضادة؟ وهل تتوقعون تغير موقف السعودية تجاهها في عهد الملك سلمان؟ * كان حراكًا شعبيا عفويًا آتي أكله سريعًا، وللأسف أتى التحرك الخارجي أسرع وتم احتواء وامتطاء موجته والعبث بمخرجاتها، وسرعان ما التف العامل الخارجي مع الداخلي ليشكلوا نواة الثورة المضادة، التي التفت على كل شيء وشوهت كل شيء، كان الأمل ومازال في تونس التي استعادت قيادتها الخارجية بسرعة، وكان من حكمتها أن ارتضت الصف الثاني والجلوس في مقعد الانتظار حتى ينضج الوعي الشعبي، الذي تفاجأ بالتغيير وخشي من تولي إسلاميين ليس لهم تجربة، أو أن تجربتهم السابقة مشوهة. بالنسبة للموقف السعودي بدأ تغيره منذ اللحظات الأولى، رأينا تقاربًا مع تركيا مع حماس في غزة، بل رأينا تغيرًا في الموقف من الإخوان المسلمين، وربما نرى المزيد من الانفتاح مع مضي الأيام. ** كيف ترون ملف الحقوق والحريات العامة في دول الخليج، خاصة في ظل تقارير حقوقية ترصد تراجعها؟ * شهد هذا الملف تراجعًا خطيرًا خلال السنتين الأخيرتين في كافة دول الخليج، وشهدنا بالفعل بعض حالات الحبس والتوقيف فيما يختص بحرية التعبير، وكان صدور قانون مكافحة الإرهاب والطباعة والنشر نذير شؤم، غير أنه والحق يقال شهد في السعودية مع العهد الجديد بعض التحسن.