قال ل "الاقتصادية" مسؤول خليجي إن توجه دول الخليج لدراسة رفع سن التقاعد إلى 68 سنة يأتي لعدة عوامل، أهمها التوقعات التي تشير إلى عيش المواطن حتى سن ال80؛ وذلك في ظل التقدم الصحي وقلة عدد المواليد والوفيات في المنطقة، ما دعا المسؤولين في الجهات الحكومية في دول الخليج لبحث تلك الزيادة، هذا بخلاف رغبة المواطن في التقاعد المبكر الذي يسبب أزمة في صناديق التقاعد التي لا تستطيع الإيفاء بمتطلباتها تجاه المشتركين الجدد. وأوضح صالح بن ناصر العريمي، المدير العام للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية في عُمان، أن توجه دراسة رفع سن التقاعد لمواطني دول الخليج، يأتي لعدة عوامل منها أن الموظفين أصبحوا يتجهون للتقاعد المبكر بشكل كبير، وأصبح عدد المتقاعدين مبكراً عند سن 40- 45 سنة أكثر ممن يتقاعدون عند سن 60- 65 سنة، وهذا ما دعا دول عربية تتجه لرفع السن بطريقة تدريجية. وأشار إلى أنه ليس من الحكمة خفض سن التقاعد في الدول الخليجية، معتبراً أن ذلك سيجعل الصناديق لا توفي بمتطلباتها تجاه المشتركين على المدى البعيد، مشيرا إلى أن توقعات الحياة، التي تُستخدم من قبل علماء الاجتماع لاحتساب معدلات بقاء المواليد على قيد الحياة بحساب تطور الخدمات الصحية والطبية المُقدمة في البلاد، تشير إلى أن متوسط أعمار الخليجيين قد تصل إلى 80 عاما، ففي سلطة عُمان، على سبيل المثال، توقعات الحياة بالنسبة للرجل تصل إلى 74 سنة، أما بالنسبة للمرأة 76 سنة، وهذه التوقعات مرشحة للزيادة في ظل تقدم الطب، وبالتالي فإن هناك توجها لرفع سن التقاعد، ليكون ما بين 65- 69 سنة، في الخليج. واستطرد العريمي: "تحديد سن التقاعد يتعلق بعدد من المؤشرات الخاصة، التي تشير إلى أن دول مجلس التعاون فيها معدلات عالية من صغار السن والشباب، ونسبة المسنين قليلة مقارنة بدول أوروبا واليابان، إذ تعاني التركيبة السكانية هناك بما يعرف ب "Gray of Nation" "جراي أوف ناشن"، لأن الأغلبية العظمى من تركيبة السكان في تلك الدول هم من كبار السن". وتابع: "أما في دول الخليج فالوضع معكوس حالياً، إلا أننا متجهون لنصبح مثلهم، ربما بعد عدة سنوات، وذلك لوجود عدد من المؤشرات التي تدعم ذلك، مثل انخفاض معدل المواليد والوفيات مقارنة بالعقود الماضية في دول الخليج، بسبب تقدم الخدمات الصحية، كما أن أعداد أفراد الأسر في العائلة الواحدة انخفض، ففي الأعوام الماضية كان متوسط أعداد أفراد العائلة يتراوح ما بين 7- 10 أطفال فيما أصبح الآن نحو 3- 4 أفراد، ما يشير إلى أن نسبة المسنين تزداد، وفي المقابل نسبة الأشخاص الذين يدخلون سوق العمل تنخفض". وحول دور خفض سن التقاعد في توفير فرص عمل جديدة للشباب الخريجين، أكد المدير العام للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية في سلطنة عُمان أنه إذا استخدم نظام التقاعد من أجل إحلال الوظائف، فإن ذلك سيؤثر سلباً في صندوقي التقاعد والتأمينات الاجتماعية، وسيجعل الصناديق لا توفي بمتطلباتها تجاه المشتركين على المدى البعيد، إذ إن تلك الصناديق تأخذ اشتراكات من الموظفين ثم تستثمرها، ومن خلالها تصرف معاشا للمتقاعدين، إذا يدفع الموظف تلك الاشتراكات حتى سن ال60، ولو خرج آخرون في سن أقل من ذلك فهذا يعني أن بعض المتقاعدين سيأخذون أموالا من التقاعد أكثر من غيرهم، وذلك بناء على توقعات الحياة التي تشير إلى أن المواطن في دول الخليج قد يعيش حتى سن ال 80، والدولة تستطيع إعطاءه راتبا تقاعديا حتى عمر ال 80، والمتقاعدون مبكراً في عمر ال 40 أو 45 سيتسلمون رواتب تقاعدية من المؤسسة أكثر ممن تقاعد عند عمر ال60، فيما لم يدفع من رواتبه كاشتراكات سوى 20 سنة فقط، بينما من تقاعد في ال 60 يدفع اشتراكات منذ 40 سنة. واقترح العريمي إلزام المواطنين الراغبين في التقاعد المبكر بدفع اشتراكات أعلى للصندوق، من المواطنين الراغبين في التقاعد عند سن ال60 سنة، لضمان وفاء تلك الصناديق بمهامها ومتطلبات الأجيال القادمة. ولفت إلى أن هناك دولا في مجلس التعاون لديها معدلات نمو سكاني منخفضة، عكس بعض الدول الأخرى لديها أعداد كبيرة من كبار السن، إلا أن أغلبية دول المجلس سن التقاعد القانوني فيها في حدود ال60 عاماً، وهناك استثناءات في تحديد سن التقاعد، ويشمل هذا الاستثناء المرأة خصوصا أنها ربة منزل وصاحبة رسالة من خلال أبنائها، والعمل قد يكون مهما بالنسبة لها خلال فترة عمرية محددة من حياتها، وعلى الرغم من أن المنظمات والجهات الحقوقية تمنع التمييز بين المرأة والرجل فيما يتعلق بشؤون العمل، إلا أن للمرأة في دول الخليج وضعا خاصا ولديها رسالة كبيرة، فتعطى التقاعد في سن ال55 وليس ال 60، كما في بعض دول الخليج. وزاد: "في قوانين التقاعد، يفترض أن يكون الرجل قد عمل لمدة لا تقل عن 15 سنة، بينما المرأة يتطلب منها أقل من ذلك للحصول على التقاعد، أي خبرة أقل وسن تقاعد أقل للمرأة بسبب الظروف الاجتماعية التي تحيط بها، والمكانة الخاصة للمرأة في المجتمع".