منذ أن كان خطاط المصحف الشريف عثمان طه في سن السابعة والمولود عام 1934م، يهتم بموهبته في الخط العربي ويقضي وقتا طويلا في ممارسة أشكال الفنون المتعلقة بهذه المهنة، تلقى عتابا من والده الذي حضه على الانشغال بالدراسة بدلا من الخط؛ لأنه مهما اجتهد لن يكون مثل الخطاط التركي الشهير حافظ عثمان الذي كان يكتب المصحف الشريف قبل قرنين من الزمان. يقول طه: لقد ولدت لي هذه العبارة قوة تحد كبيرة وشغفا للوصول إلى مستوى هذا الفنان الراحل، وبعد سنين طويلة تمكنت من الحصول على عدد من الشهادات العليا في الخط العربي من كبار الخطاطين في العالم العربي، ثم بدأت عملي في وزارة الأوقاف السورية عام 1970م بكتابة المصحف الشريف، ولن أنسى الرهبة الكبيرة التي انتابتني قبل الشروع في هذا العمل الجبار بسبب خوفي ألا أكون جديرا بهذا العمل الجليل. كان الخطاط عثمان قد واصل دراسته الجامعية التي صقلته علميا وجعلته مؤهلا تأهيلا جيدا لخوض هذه التجربة الكبيرة .. يقول: أنا من عائلة محافظة، وكان والدي يعمل في الإفتاء آنذاك، فاستعنت بالله وكتبت أول مصحف طبع باسم رئيس الجمهورية، كان مخصصا للهدايا، طبعت منه ما يقارب 40 ألف نسخة في أول الأمر، ثم كتبت مرة أخرى للدار الشامية، ثم انتشر هذا المصحف في العالم الإسلامي أجمع؛ لتتم طباعته في مجمع الملك فهد في المدينةالمنورة، بعد ذلك طلب مني المسؤولون في المجمع الحضور إلى المملكة برفقة عائلتي للعمل في المدينةالمنورة خطاطا للمجمع وكاتبا للمصحف الشريف، وكلفت بكتابة مصحف برواية ورش لأهل المغرب أنهيته خلال عامين، قضيت فيه ليلي ونهاري، وزع في العالم الإسلامي، ثم آخر برواية حفص كتب بدون أرقام للآيات، خصص لكبار السن، يعرف بمصحف مطبعة الشمرلي، لكنه لم يطبع ووافق أخيرا وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح آل الشيخ على طباعته، وسوف أنجز هذه المهمة قريبا إن شاء الله، ويعتمد هذا المصحف على أسلوب الخط القديم، ثم كتبت مصحفا ثالثا برواية قالون لأهل ليبيا ونيجيريا وتشاد، وطبع ووزع في العالم الإسلامي، ثم مصحفا برواية حفص عن عاصم، وآخر خاصا بالمملكة، له عشر سنين، وضعت فيه كافة خبراتي، وخلاصة مجوداتي، ويعتبر هذا المصحف مدرسة للخطاطين وكتابا فنيا لمحبي الخط العربي، إذ أنه كتب بخط جميل وواضح، إضافة لمصحف برواية الدوري لأهل السودان وما جاوره. قبل كتابة المصحف أعمل على تهيئة مواد الكتابة من حبر جيد وورق فاخر خاص قابل للمسح دون أن يترك أثرا لذلك، ثم تزخرف الصفحة وتسطر 15 سطرا صغيرا باللون الأخضر لا يظهر في الطباعة، ثم تعكف اللجنة العلمية برئاسة الشيخ الدكتور علي بن عبد الرحمن الحذيفي وعضوية عدد كبير من العلماء الكبار على مراجعة المصحف جيدا، والتأكد من سلامته من الأخطاء تمهيدا لطباعته، هذه المخطوطات موجودة في غرفة الأرشيف، وهي غرفة مغلقة لها مواصفات خاصة، ولا تفتح إلا بواسطة أمين المجمع الدكتور محمد بن سالم بن شديد العوفي، ورئيس اللجنة العلمية وإمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ الدكتور علي بن عبد الرحمن الحذيفي، ويلجأ للمخطوطات في حالة رغبة المجمع في طباعة المصحف مرة أخرى. ويتميز المصحف الجديد الذي كتبه الخطاط طه عام 1972م بسعة المسافات بين السطور والكلمات بقدر الإمكان، ويعكف حاليا على كتابة مصاحف بروايات نادرة ومتعددة. وبرغم كبر سن الخطاط عثمان طه إلا أنه يتميز ببنية جسمانية قوية ونظر حاد، يقول: إنا مستعد لكتابة عشرات المصاحف، مضيفا لأن توفر الآلات الحديثة والتقنيات المتطورة ساهم في تسهيل عملية الطباعة، ويعد أحمد أصغر أبناء الشيخ عثمان طه، حيث يتميز باحترافه الخط والرسم، وقد ساهم في زخارف المصحف الشريف.