رسّخت "دبي" مفهوم النهوض الحقيقي في عصر تفاوتت فيه أزمات منطقة الشرق الأوسط، لتكون المنبر على أرض الواقع، فقدمت الصورة المشرقة للتطور والتمدّن. عصر جديد من بصمات التاريخ المعاصر تدشنه "دبي" مع افتتاح "مترو دبي" الذي يعد الأول من نوعه في الجزيرة العربية. ففي تمام التاسعة مساءً، بتوقيت الإمارات، اهتزت سماء دبي على وقع الألعاب النارية التي انطلقت من أحد أشهر الأسواق التجارية في دبي، معلنة تدشين أول مترو في الخليج العربي، يقطع مدينة دبي في 29 محطة خلال المرحلة الأولى. وفي تظاهرة حاشدة، افتتح الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، " المترو" رسميا، بحضور نخبة من المسئولين والإعلاميين من مختلف الدول العربية والعالمية، ليؤكد الشيخ محمد بن راشد أن عجلة التطور في دبي لن تتوقف، وأنه ماضٍ في تنفيذ رؤيته المعاصرة والبعيدة الأمد لمدينة دبي. البطاقة الخاصة بالشيخ محمد بن راشد وبعد إطلاق "المترو" تقدم الشيخ محمد بن راشد الجميع ليكون صاحب التذكرة الأولى، وبرفقته عدد من المسئولين والإعلاميين، تطاردهم عدسات المصورين وكاميرات التلفزة ليجولوا في ست محطات بدأت في محطة مول الإمارات، وانتهت في محطة " الراشدية". رئيس تحرير إيلاف عثمان العمير، وبعد أن رافق محمد بن راشد في جولته على المحطات الست، حقق سبقا شخصيا حين حصل التذكرة الأولى التي تحمل شعار المترو وصورة الشيخ محمد كهدية من حاكم دبي لإيلاف. دبي .. عزيمة وحلم رغم ما يتناقله الكثيرون، من أن "دبي" تُعاني من تبعات الأزمة المالية العالمية، وأن تلك الفترة ما تزال تؤثر على اقتصاد دبي، إلا أن هذه الأحاديث لم تخذل أو تُثني الإماراتيين عن رؤيتهم، ولا عن نظرتهم العالمية التي تفوقت في مسيرتها على أحدث التقنيات الأوروبية نفسها؛ بتدشينها هذا المشروع العملاق بتكلفة بلغت 28 مليار درهم – 7,6 مليارات دولار-. الحديث عن "مترو دبي" كان سيد النقاشات طوال الأيام الماضية، ما جعل قضية "المدنيّة الإماراتية" حديث الساعة، وقضية المتابعين للتطور العالمي الذي تنهض به الإمارات على الرغم من بداياتها المتواضعة في مطلع سبعينيات القرن الماضي، مقارنة بغيرها من دول الجوار. دبي صنعت منبراً جديدا للتعايش السلمي، واستطاعت بجدارة أن تجذب كافة الأعراق، وجميع قاصدي الترحال والحياة بفضل تنوع خدماتها وشموليه اقتصادها وقوة تعايش جميع الجنسيات فيها، مما جعلها ترسم خطوط جديدة مثل خطوط الطول والعرض تحيط بالكرة الأرضية وتنبع من "دبي". ففي غضون سنوات قليلة، نهضت هذه الإمارة لتكون الراعية البهيّة لتطلعات حاكمها الشيخ محمد بن راشد، والذي منذ أن تولى أمرها وهو يطوّعها لتكون قافلته إلى التمدن العالمي في منطقة أنهكتها الصراعات ودوختها الأزمات، حتى تتحول إلى نقطة تواصل ولقاء فاخر بين الحضارات، برؤية لم تتجاوز التقاليد، ولكنها على صعيد التطور فاقت أجواز الفضاء. مترو دبي ... وقفه مع الأرقام * من المتوقع أن يجلب مترو دبي إيرادات تزيد عن 17 مليار درهم عبر السنوات العشر القادمة، وفقا لما أوردته صحيفة الإمارات اليوم. * عمل في المشروع نحو 154 شركة للمقاولات و30 ألف عامل ينجزون الخط الأحمر والأخضر، ويعتبر المترو أطول نظام أوتوماتيكي صديق للبيئة في العالم بكلفة (الخط الأحمر والأخضر) تزيد عن 28 مليار درهم بعد التغييرات في التصاميم التي طرأت عليه. * المدة الزمنية التي استغرقها إنجاز مترو دبي بخطه الأحمر لم تتجاوز 49 شهراً من العمل المتواصل. * تم الانتهاء من تنفيذ 41 كيلومترا من إجمالي طول الخط الأحمر البالغ 52 كيلومترا، و10 محطات من أصل 29 في فترة زمنية قصيرة مقارنة بقطارات المترو في العالم. * 90٪ من محطات الخط الأحمر التي لن يتم تشغيلها خلال الافتتاح الأول، والبالغ عددها 19 محطة، أصبحت جاهزة للعمل، ومنها محطة جبل علي ومول دبي، إلا أن تأخر اكتمال المشروعات العقارية في المناطق التي تخدمها المحطات حال دون افتتاحها وإدخالها الخدمة. * ستفتتح جميع المحطات تدريجياً في فبراير 2010م. * الميزانية التي رصدت للمشروع في بدايته 15 مليار درهم. * في المرحلة الأولى سيتم تشغيل 10 محطات رئيسة، منها الراشدية ومبنى رقم1 للمطار، وسيتي سنتر والرقة ومول الإمارات والمركز المالي، إضافة إلى محطة الجافلية وخالد بن الوليد والاتحاد المشتركتين بين الخطين الأحمر والأخضر. * نفذ المشروع كونسورسيوم تقوده مجموعة "ميتسوبيشي هيفي انداستريز" اليابانية. * مشروع مترو دبي يعتبر الأول من نوعه في دول الخليج العربية. أخيراً، مترو دبي يأتي في خطة واسعة هي باكورة نشاط حثيث للإمارات في تقديم عمق مدني متطور في المنطقة، حتى تكون دبي مدينة المستقبل فعلاً.