يتطلب منح الضوء الأخضر لإنشاء دور للسينما في السعودية موافقة أربع جهات حكومية على الأقل للتنسيق والتشاور فيما بينهم، بحسب ما علمته "الاقتصادية" من مصادر مطلعة، مؤكدة في السياق ذاته تردد تلك الجهات في أخذ زمام المبادرة وطرح الموضوع على طاولة مشتركة، مشيرة إلى وجود تحفظ لدى البعض منها خوفا من ردود أفعال المناوئين ومعارضي الفكرة برمتها، حيث لم تتخذ أي خطوات تذكر حتى الآن لمناقشتها. وقال المصدر فضل عدم ذكر اسمه "إن الجهات المعنية في اتخاذ قرار السماح بإنشاء دور السينما هي الهيئة العليا للسياحة والآثار بحكم اختصاصها فيما يتعلق بالجانب الترفيهي، والهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع لعلاقتها المباشرة بالجوانب الإعلامية ومنح التراخيص، ووزارة الداخلية، وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كجهات استشارية فيما يخص الجوانب الأمنية والدينية وغيرها"، مضيفاً أنه لا بد من وجود تعاون وتنسيق بين الجهات الأربع للاتفاق حول الموضوع. وأوضح أن هيئتي السياحة والآثار و"المرئي والمسموع" هما المعنيتان بشكل مباشر، بينما ينحصر دور الجهتين الأخريين في الجوانب الاستشارية والتنسيقية فقط، مضيفاً أنه لا بد من وجود تعاون وتنسيق مشترك بين الجهات المعنية لحسم الأمر سواء بالموافقة أو الرفض. ووفقاً لمعلومات حصلت عليها "الاقتصادية" فقد أبدت جهة في القطاع الخاص لهيئة الإعلام المرئي والمسموع رغبتها في الدخول للاستثمار في إنشاء دور عرض سينمائية في خطوة اعتبرت مرحلة "جس نبض" للاستفسار عن إمكانية إنشائها. جاء ذلك بعد طلب بالحصول على ترخيص يسمح للمستثمر بإنشاء دور عرض سينمائية، في الوقت الذي أكدت فيه الهيئة دراستها للموضوع على الرغم من عدم اتخاذها أي خطوات تذكر في المبادرة لمناقشة الموضوع مع الجهات المعنية. يذكر أن أول من أدخل دور العرض السينمائية إلى السعودية هم الموظفون الغربيون في شركة أرامكو في مجمعاتهم السكنية الخاصة بهم في خلال فترة الثلاثينيات الميلادية وحتى بداية السبعينيات حيث أصبحت متاحة للمواطنين السعوديين عبر الصالات السينمائية للأندية الرياضية السعودية، التي أغلقت بداية الثمانينيات الميلادية تزامناً مع أحداث احتلال الحرم المكي، إلا أنه كان عرضا عشوائيا يفتقد التنظيم والتهيئة اللازمة للمشاهدة والتسويق المناسب، والاختيار الجاد، وذلك حسب الموسوعة الحرة "ويكيبيديا". وتعود قضية السينما في السعودية للظهور مجدداً على المستوى المحلي، حيث تناول عديد من وسائل الإعلام أخيراً أنباء تؤكد أن السماح بإنشاء دور سينمائية وفق ضوابط تراعي التقاليد الإسلامية أصبح أقرب من أي وقت مضى، ولا سيما في ظل توجه المخرجين والمنتجين السعوديين إلى عرض إنتاجهم الفني خارج السعودية، كما حصلت أعمالهم على عديد من الجوائز العالمية إثر المشاركة في مختلف المهرجانات الدولية. وتشهد الدول الخليجية المجاورة إقبال أعداد هائلة من جمهور الصالات السينمائية من السعوديين خلال الإجازات الرسمية، محققة بذلك عوائد مالية ضخمة، حيث أعطى مؤشرات ودلالات واضحة للمستثمرين في القطاع الخاص بجدوى إنشاء دور العرض، وما يعزز ذلك ضعف وقلة الاهتمام بصناعة الترفيه بمختلف أنواعه سواء في غياب السينما أو المسرح وغيرهما. وتناولت وسائل الإعلام طوال السنوات الماضية العديد من الآراء التي تؤيد إنشاء دور سينمائية في السعودية، لتشجيع السياحة المحلية ودعم الحركة الفنية، إضافة إلى الحد من هجرة الكوادر الوطنية إلى الخارج. في حين يبدي عدد من المعارضين عدم تقبلهم الفكرة معتبرين أن الحديث عن إنشاء دور سينمائية في السعودية بمثابة "خط أحمر" لا يمكن تجاوزه بأي حال من الأحوال، مستندين إلى آراء عدد من المشايخ وطلاب العلم الذين يرفضون فكرة وجود دور عرض سينمائية سعودية من حيث المبدأ، ويرون أن للمجتمع السعودي خصائص مختلفة عن بقية المجتمعات الخليجية والعربية الأخرى، وتمنع عاداته وقيمه وتقاليده أمورا كهذه. ويعتبر الفيلم الروائي "وجدة" للمخرجة السعودية هيفاء المنصور آخر أهم الأفلام السعودية حيث حصل على ثلاث جوائز عالمية خلال مهرجان البندقية ال69 والجوائز هي جائزة سينما فناير وجائزة الاتحاد الدولي لفن السينما وجائزة إنتر فيلم. كما اختير فيلم وجدة في عام 2013، ليصبح أول فيلم سعودي ضمن الأفلام المرشحة لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية يصل إلى هذه المرحلة المتقدمة في أهم محفل سينمائي على مستوى العالم. والفيلم "وجدة" تم إنتاجه من قبل شركة "روتانا" ومجموعة "ريزور فيلمز" ومجموعة "هاي لوك"، وهو من تأليف وإخراج هيفاء المنصور، وتدور قصته حول فتاة في العاشرة تعيش في مدينة الرياض ورحلتها لامتلاك دراجة هوائية. ووصف نقاد السينما العالمية الفيلم ب"العصري"، وهو أول فيلم روائي طويل يتم تصويره بالكامل في السعودية، إضافة إلى كون جميع طاقم الفيلم والعاملين فيه، من السعوديين.