علقت الكاتبة الإيراني، شيماء شهرابي، في مقال لها بصحيفة "الديلي بيست" البريطانية، اليوم السبت، على قرار السلطات الإيرانية بمنع النساء من متابعة الرياضات المفضلة لهن، كمباريات كأس العالم، معربة عن قلقها الشديد حيال تلك الانتهاكات التي ترتكب ضد المرأة هناك. وهذا نص المقال طبقا لما ترجمته ونشرته "دوت مصر: عشرات الإيرانيات إحتشدن الأسبوع الماضي أمام بوابات ستاد "أزادي" بالعاصمة الإيرانيةطهران، أملاً في متابعة مباراة منتخب بلادهم لكرة الطائرة أمام المنتخب البرازيلي، إلا أن السلطات منعتهنً من الدخول لأنهن لسن رجالاً. عندما أخبرت إحدى صديقاتي الأمريكيات بهذا الأمر، نظرت إلي وقالت أن "المرأة الإيرانية تعاني كثيراً من أجل تحقيق مطالب بسيطة." في حين أنها عندما نظرت إلى صورة النساء المحتشدات أمام الاستاد، قالت "يا لها من صورة حزينة". لعلي أعترف هنا أن كلمات صديقتي جعلتني حزينة للغاية، للدرجة التي لم أحتمل معها ان أخبرها أن السلطات لم تمنع سوى النساء الإيرانيات من دخول الستاد، إلا أنهم سمحوا للمشجعات البرازيليات بالدخول لتشجيع فريقهن. الجماهير الإيرانية من النساء تعاني كثيراً من جراء العقبات التي تفرضها الحكومة، لمنعهن من متابعة الرياضات التي يحبونها، حتى أن السلطات الأمنية رفضت إقتراح تقدم به عدد من أصحاب دور السينما لتخصيص قاعات سينمائية لمتابعة مباريات بطولة كأس العالم المقامة حاليا في البرازيل، بسبب الإختلاط. إذ ذكر أحد مسئولي الأمن أنه يمكن قبول هذا الإقتراح في حال ما إذا تم تخصيص قاعات منفصلة للجنسين. منع ومنع -------- لم يتوقف الأمر على ذلك، إذ أصدرت السلطات الإيرانية قراراً بمنع مقاهي والمطاعم من عرض المباريات. وهو ما أكده رئيس اتحاد أصحاب المقاهي في تصريح له نشرته وكالة "إسنا "الإيرانية بأنه تم اخطار أعضاء الاتحاد بعدم عرض المباريات خلال بطولة كأس العالم. بدروها، قالت إحدى السيدات اللاتي وقفن أمام بوابات الإستاد لمتابعة مباراة الكرة الطائرة التي جمعت بين منتخب بلادها ومنتخب البرازيل "أنا لا أعرف بالضبط أعداد النساء اللاتي وقفن أمام الستاد، إذ كانت هناك ما يقرب من 50 إمرأة أمام كل بوابة من البوابات، بعضهن يرتدين عباءات وأخريات الحجاب الكامل، وفريق أخر منهن إرتدى غطاء الشعر المعروف، إلا أن جميعهن تقاسمن مطلباً واحدا وهو مشاهدة المباراة. حرمان النساء من متابعة المباريات ---------------------------------- لم يكن منع النساء من متابعة المباريات وليد اللحظة، إذ أن مثل هذه الممارسات ترجع إلى الثورة الإسلامية عام 1979، فقد كان من النادر أن يتم السماح للسيدات الإيرانيات بمتابعة مباريات كرة القدم، إلا أن السلطات كانت تسمح لهن بمتابعة مباريات السلة والطائرة، غير أن الحكومة – على ما يبدو – تتجه في هذه الآونة لحرمانهن من متابعة هذه الرياضة أيضاً. الحجاب الأبيض --------------- مع نهاية التسعينيات من القرن الماضي، قامت عدد من الناشطات الإيرانيات بإطلاق حملة للدفاع عن حقوق المرأة الإيرانية في دخول الإستاد، تحت عنوان "الحجاب الأبيض"، إذ كنّ يرتدين حجاباً أبيض ويحتشدن أمام بوابات الإستاد للاحتجاج، ويرفعن الشعارات المطالبة بقدر من الحرية. يبدو أن تلك الحملة قد أثمرت، إذ سمح للمشجعات الإيرانيات بالدخول لستاد "أزادي" لمؤازرة منتخب بلادهم في مباراته أمام منتخب قطر، في إطار التصفيات المؤهلة لبطولة كأس العالم 2006، إلا أنها كانت في الوقت نفسه المرة الأخيرة، بعد رفض السلطات الإيرانية دخول النساء إلى الملاعب مجدداً. في أوائل عام 2006، بعث الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، برسالة إلى منظمة التربية البدية الإيرانية، مطالباً بالسماح للنساء بحضور المباريات، إلا أن تلك الخطوة قوبلت بردود فعل كبيرة خاصة من جانب رجال الدين الذين أعربوا عن رفضهم الكامل لمثل هذا المطلب، معتبرين إياه انتهاكاً لحرمة الحجاب. ربما تأتي إجراءات المنع دقيقة للغاية، لضمان عدم حضور النساء في الملاعب لحضور المباريات، وهو ما حدث في مباراة الكرة الطائرة الأخيرة للمنتخب الإيراني، فقد كان شراء التذاكر يتم من خلال الانترنت، حيث كانت عملية الشراء لا تتم دون كتابة رقم البطاقة الشخصية، فلو كانت البطاقة الشخصية ترجع إلى سيدة، تظهر على الشاشة، رسالة مفادها أنه غير مسموح للنساء دخول الملاعب، وبالتالي يرفض طلب شراء التذكرة في هذه الحالة. إلا انه على الرغم من ذلك تمكنت العديد من النساء من شراء التذاكر، مستخدمين بطاقات أزواجهم أو اخوانهم، أو حتى تمكن بعضهم من شراء التذاكر عبر السوق السوداء، إلا أن قوات الأمن كانت تمنعهم من الدخول. حماسة نسائية -------------- وعندما سئلوا عن سبب منع النساء من دخول الستاد أحابوا "أن النساء يصلن إلى درجة كبيرة من الحماسة أثناء التشجيع في المباريات، وبالتالي فإنه من الصعب على رجال الأمن كبح جماحهم لأنهنّ نساء"، وهو ما دفع إحدى المتظاهرات للرد بأنه من الممكن تعيين نساء للأمن، موضحة في الوقتا نفسه الانتهاكات الكبيرة التي سبق وأن ارتكبتها قوات الأمن بحق النساء في مناسبات عديدة من قبل. من ناحيته، أعرب الاتحاد الإيراني للكرة الطائرة عن تحفظه على قرار منع الإيرانيات من متابعة المباريات في الملاعب، موضحاً أن الكرة الطائرة هي لعبة عائلية، وحذرت السلطات الإيرانية أنه إذا لم يتم احتواء تلك المشكلة، سوف يتم إقصاء المنتخب الإيراني من بطولة كأس العالم للكرة الطائرة. لم يتوقف الجدل الدائر بين السيدات المحتشدات أمام الستاد ورجال الأمن، بل أنه زاد احتداماً عندما سمح للمشجعات البرازيليات دخول الملعب لتشجيع منتخب بلادهن، إذ قالت إحدى المشجعات "أنه لأمر مهين أن تسمحوا لهن بالدخول، رغم أنكم ترفضون دخولنا" إلا أن أحد رجال الأمن قال أن هؤلاء السيدات يحملن جوزات سفر برازيلية وبالتالي سمح لهم بالدخول. يبدو أن السيدات الإيرانيات إضطررن للرحيل لإنهاء التوتر، خاصة وأنهن لا يرغبن بالإضرار بمصلحة المنتخب الإيراني. لقد كان أمراً قاسياً للغاية أن تشعر المشجعات أنهن قد يتحولن إلى سبب في الإضرار بمنتخب بلادهن، إلا أنه ينبغي في الوقت نفسه الدفاع عن حقوق المرأة المهددة في إيران، ومن بينها حقها في متابعة مبارياتها المفضلة لتشجيع الفرق التي تنتمي إليه.