تكتل عدد من رجال الأعمال السعوديين للمطالبة بإنشاء سوق مالية ثانوية تدرج فيها الشركات العالية لتداول أسهمها وفق أنظمة وتشريعات جديدة وأكثر مرونة وسهولة لتتوافق مع إمكانيات هذه الشركات، على ألا يتجاوز حجم مبيعات الشركات العائلية لحظة إدراجها في السوق الجديدة 15 مليون دولار سنويا، مؤكدين أنهم رفعوا طلبا بهذا الشأن للمقام السامي. وعلل المهندس صبحي بترجي، رجل الأعمال ورئيس مجموعة مستشفيات السعودي الألماني، ل«الشرق الأوسط»، وجود هذه السوق، بالمحافظة على استمرار الشركات العائلية في السوق السعودية واستمرارها لسنوات طويلة، وذلك بعد أن شهدت السنوات الأخيرة نشوب الكثير من النزاعات المالية بين المساهمين، الأمر الذي ينعكس سلبا على الاقتصاد المحلي، وخاصة أن سوق الأسهم لا تسمح بدخول الشركات المتوسطة والتي في غالبيتها عائلية. ووفقا لآخر الإحصائيات المعلنة في ملتقى حوكمة الشركات العائلية المنعقد في جدة، فإن حجم الأموال المستثمرة في الشركات العائلية في السعودية تقدر بنحو 93 مليار دولار، وتمثل ما نسبته 12 في المائة من الناتج المحلي، في حين تقدر آخر الإحصائيات حجم الأموال المجمدة في الشركات العائلية بسبب النزاعات الداخلية بنحو 3.2 مليار دولار في العام الماضي. وفي سياق متصل، طالب مشاركون في الملتقى بضرورة أن تحال جميع قضايا الشركات المالية المحالة لهيئة القضاء، الأمر الذي يساعد على بقاء هذه الشركات بعيدا عن النزاعات المالية التي تحدث في المجالين الثاني أو الثالث، مع ضرورة إنشاء مركز للخدمات العائلية داخل الغرف التجارية يسهم في حل الخلافات. وبالعودة للسوق المالية الثانوية، قال صبحي بترجي، إنهم بصدد الرفع للمقام السامي حول مقترح إنشاء سوق ثانوية تدرج فيها الشركات العائلية، وتكون هدية من خادم الحرمين الشريفين للشباب السعودي، لافتا إلى أن السوق الجديدة هي على غرار «سوق الاستثمار البديل» (AIM) الموجودة في بريطانيا وتضم نحو ثلاثة آلاف شركة متوسطة بشروط حوكمة أقل صرامة من شروط سوق المال الرئيسة. وأردف بترجي أن السوق الجديدة ستسهم بشكل مباشر في الحد من الخلافات العائلية داخل هذه الشركات، وإيجاد طريقة للمخارجة في حال تفشى النزاع، وذلك من خلال طرح الأسهم في السوق للتداول، إضافة إلى أن الشركات ستستفيد من طرح أسهمها في السوق، وتعزيز اسم الشركة، والحصول على مورد مالي إضافي في حال وجود عشرات مالية، موضحا أن سيكفل من خلال مراقبة هيئة السوق استمرار الشركة وإن تغيرت الإدارة، أو خرج المؤسسون لهذه الشركة. وحدد بترجي الشركات التي يمكن إدراجها في السوق الجديدة، بتلك الشركات التي يكون حجم مبيعاتها السنوي ما بين خمسة و15 مليون دولار، وهي غير قادرة للدخول في السوق المالية المعتمدة حاليا، الأمر الذي سيحافظ على عصب الاقتصاد السعودي، وهي تشكل نسبة كبيرة من الشركات العاملة في المملكة، الأمر الذي يتطلب المحافظة عليها واستمرارها من خلال السوق الجديدة التي تحفظ لكل الأطراف في حال التنازل كامل الحقوق التي يُتنازع عليها حاليا والمتمثلة في الملكيات ورأس المال للشركة. وتناولت جلسات ملتقى حوكمة الشركات، أول من أمس، جملة من القضايا في مقدمتها ضوابط تداول المعلومات المالية ونتائج الأعمال ومناقشتها مع أفراد العائلة، وكذلك التعامل مع الخلافات وتسوية النزاعات العائلية وفصل الملكية عن الإدارة، إضافة إلى تعزيز دور المرأة في الشركات العائلية. واستعرض يوسف خلاوي، رئيس مركز خدمة العمل العائلي بمجموعة خبراء التطوير، ضوابط التعامل مع الخلافات العائلية، عادا أنها عملية دقيقة وشديدة الحساسية ولا بد أن يكون هناك توافق تام، وارتياح متبادل مبني على خبرات ومعارف عميقة تراعي احتياجات العائلة وطبيعتها وخصوصيتها، موضحا أهمية أن يكون هناك تأهيل مستمر لأبناء العائلة التي تمتلك الشركة والاستعانة بالقياديين منهم لتقديم ممارسات مهنية احترافية متخصصة لمساعدتها على ضبط الأعمال وجمع كل الملفات والشؤون المختلفة. ودعا خلاوي القضاة لإحالة القضايا العائلية التجارية للصلح الملزم، مطالبا الغرف التجارية بإنشاء مركز للخدمات العائلية يتضمن خدمات التوفيق وتقديم النصح لكل أفراد العائلة عند وفاة مورثهم، مع أهمية ضبط وتنظيم عملية نقل التركة وتقسيم الإرث وتحويل الملكية للورثة فورا، عبر عمل متدرج على مرحلتين على ألا تتجاوز الأولى منهما ستة الأشهر، وهو ممكن من خلال الربط الإلكتروني بالرقم المدني. من جهته، قال نزيه عبد الله موسى، مدير عام مكتب نزيه عبد الله موسى للاستشارات القانونية، إن قصة تحول الكيان العائلي بعد رحيل المؤسس بقوة النظام إلى شراكة قسرية لم يختر الشركاء فيها بعضهم البعض، حيث يجد فيها الشركاء أنفسهم مضطرين إلى الجلوس على طاولة واحدة، مبينا أن هذه هي لحظة تدمير الكيان، مشيرا إلى حاجة المنتسبين لهذه الشركات لثقافة العدالة والاحترام والتي يجب أن تزرع في الآباء والأبناء، على ألا تنصب الصلاحيات الممنوحة من المؤسس في اتجاه الكبير، فضلا عن توزيع الأموال بين الجنسين بعدالة. وعن حوكمة الشركات قالت فاتن عبد البديع اليافي، رئيسة اللجنة العلمية لملتقى حوكمة الشركات العائلية، إنها تحتاج إلى مجموعة من المقومات لدعم تطبيق قواعدها ومبادئها الأساسية، ومن ذلك توفر القناعة الكاملة لدى إدارة المنظمات بقبول قواعد ومبادئ الحوكمة، وتوفر القوانين واللوائح الخاصة بضبط الأداء الإداري للوحدة الاقتصادية، مع وجود لجان أساسية منها لجنة المراجعة تابعة لمجلس الإدارة لمتابعة أداء الوحدة الاقتصادية، وأهمية وضوح السلطات والمسؤوليات بالهيكل التنظيمي للوحدة الاقتصادية. كشفت اليافي عن أن الشركات العائلية تمثل 35 في المائة ضمن أكبر 500 شركة عالمية، مشيرة إلى أن الإحصائيات تفيد بأن 85 في المائة من عدد الشركات المسجلة عالميا هي شركات عائلية، وهي تشكل العصب الرئيس لاستثمارات وأعمال القطاع الخاص في العالم، كما أنها تضم أعدادا كبيرة من العمالة وتمد السوق بكميات كبيرة من المنتجات، وتستوعب قدرا كبيرا من الادخارات الوطنية وتسهم بجانب كبير من التجارة الخارجية، طبقا لتقرير "الشرق الأوسط".