يستعد مجمع الفقة الإسلامي لعقد أضخم تجمع لعلماء المسلمين في يونيو المقبل في إسلام أباد، لإعادة فتح ملف شلل الأطفال الذي زادت من تعقيداته الأوضاع السياسية لأربع دول إسلامية لا يزال يستوطنها الوباء بعد القضاء عليه في بقية دول العالم، وهي: أفغانستان وباكستان والصومال ونيجيريا. وتفصيلا بحسب "مكة أون لاين"، تحول هذا الملف إلى ورقة تستخدمها جماعات متطرفة ضد حكومات تلك الدول، بذريعة أن أفراد الفرق الطبية هم عناصر مخابرات دولية، إضافة إلى فتاوى تحرم لقاح شلل الأطفال باعتباره أحد محددات النسل المحرمة شرعا. مواجهات فكرية --------------- ويسعى علماء المسلمين لمواجهات فكرية مباشرة مع مصدري الفتوى المتطرفين، في حملة دينية مكثفة يتزعمها مجمع الفقه الإسلامي وجامعات إسلامية ويشارك فيها أئمة الحرمين الشريفين ومشيخة الأزهر وعلماء الجامعة الإسلامية الباكستانية. وقرر المؤتمرون أن يدعوا شيوخ الجماعات الإسلامية المتشددة في باكستان إلى حضور المؤتمر الذي احتوى جدول أعماله أسماء شيوخ مؤثرين، وأن يرافق بعضهم الفرق الطبية خلال تأدية عملها. ويأتي ذلك في حين حذرت منظمة الصحة العالمية قبل يومين، من أن مرض الشلل الذي يصيب الأطفال دون الخامسة، عاد إلى الظهور مجددا في عدد من الدول، مشيرة إلى أن باكستان إحدى أهم الدول التي تشكل تهديدا حقيقيا في انتشار المرض. مناظرة المفتين ---------------- وقال مدير إدارة الفتوى في مجمع الفقه الإسلامي الدكتور عبدالقاهر قمر ل"مكة" إن المؤتمر سيعقد بالتعاون مع الحكومة الباكستانية، وهناك محاولات تجريها جهات داخل باكستان تحديدا لجمع العلماء الذين أفتوا بحرمة اللقاح لمناقشتهم ومناظرتهم على يد كبار علماء الحرمين الشريفين من المملكة العربية السعودية ومشيخة الأزهر الشريف والجامعة الإسلامية. وأضاف: المؤتمر المقبل سيكون حاسما في هذا الجانب، لمحاولة ثنيهم عن مثل تلك الفتاوى والتوصل إلى اتفاق حول مشروعيته. استغلال الوعظ -------------- وأكد أن يونيو سيشهد عقد مؤتمر كبير داخل باكستان بالتعاون مع الحكومة الباكستانية ينظمه البنك الإسلامي بالتعاون مع مجمع الفقة الإسلامي ومنظمة المؤتمر الإسلامي وسيحضره 80 من علماء باكستان وآخرون من خارجها. ويتناول المؤتمر الذي يستمر يومين، محاور تصب كلها في ضرورة التعاون واستغلال الوعظ الديني لنشر الوعي الصحي بين الناس لاستئصال المرض والتعاون المباشر من قبل العملاء أنفسهم لمرافقة الفرق الطبية خلال قيامها بعملها. وقال: الهند استطاعت القضاء على المرض بفعل هذه الطريقة، إذ كانت قبل أن تبدأ حملات التطعيم في المنازل تستعين بأئمة المساجد ورجال الدين من الأديان الأخرى لإلقاء محاضرات وعظية عن أهمية اللقاح والتعاون، ثم يرافقون الفرق الطبية خلال عملها..ونحن سنتفق مع أئمة المساجد أن يلقوا موعظة سواء في الجمعة أو بعد الصلوات، على أن يرافق أئمة المساجد فرق التطعيم لزيارة المنازل. علماء الحرمين ------------ ولفت قمر إلى أنه قبل شهرين استهدف 11 شخصا من الأطباء والفرق الطبية المكلفة بالتطعيم وقتلوا، فالموضوع كبير، ونحن نسعى خلال مؤتمرنا إلى الاستعانة بكل علماء الدين في الحرمين الشريفين وعلى رأسهم رئيس مجمع الفقه الإسلامي الشيخ صالح بن حميد وعلماء آخرين من الحرم المدني للمساعدة في هذا الملف، وكذلك سيحضر عدد ممن تزعم تحريم اللقاح من زعماء وعلماء الجماعات في باكستان وأفغانستان، فنحن نهدف للمناقشة والتفاهم والمواجهات الفكرية للوصول إلى تفاهم حول مشروعية اللقاح، وستصدر بيانات تترجم إلى اللغات المحلية، وما سنخرج به من بيانات سيعمم على كل الدول الإسلامية ويوزع عليها. جهل وأوهام ------------ وكشف الفريق الطبي المعني بقضية شلل الأطفال في منظمة المؤتمر الإسلامي، أن الصعوبات التي واجهت الفرق الطبية المكلفة بتطعيم الأطفال في المجتمعات القبلية في كل من نيجيرياوباكستان وأفغانستان والصومال، هي التي دفعهتم لتوجيه دعوة للعلماء لمشاركتهم في مكافحة هذا الداء، بعد أن استهدفت جماعات دينية متطرفة الفرق الطبية ومنعتها من الوصول للأطفال جراء "أوهام" شرعية حول اللقاح، لذا تم اختيار منظمة العالم الإسلامي لتكون مظلة لهذا التجمع. وقال الأمين العام للطب الوقائي عضو الفريق الطبي المعني بالملف الدكتور يعقوب المزروع: أهم المشاكل التي تواجه خطط مكافحة فيروس شلل الأطفال في العالم الإسلامي؛ الجهل والأوهام التي تكتنف مجتمعات إسلامية تمنع تلك الفرق من أداء عملها لإنقاذ آلاف الأطفال. تغيير الواقع ------------ وأضاف: مشكلتنا الآن في 3 دول هي باكستانونيجيريا وأفغانستان، وللأسف الشديد أضيفت إليها سوريا والصومال خلال العام الماضي وبالتالي وعند الحديث عن الثلاث دول الأولى فإلى الآن لم تنته من مشكلاتها مع شلل الأطفال لعدة أسباب أمنية ودينية واجتماعية. وأكد المزروع أن التطعيم واللقاحات موجودة ومتوافرة، لكن الوهم والجهل اللذين يحيطان بآثار اللقاح لا يزالان يشكلان عائقا أمامنا للقيام بالدور الوقائي الملائم للأطفال المحتاجين له، وهذا الأمر دعانا إلى التنسيق مع المشايخ والعلماء ومجمع الفقه الإسلامي والبنك الإسلامي تحت مظلة منظمة المؤتمر الإسلامي لمحاولة الوصل إلى حلول شرعية لإزالة هذا اللبس. وتابع: نحاول الآن تحت مظلة المؤتمر الإسلامي، التنسيق والوصول إلى حل لهذه المشاكل ونأمل من الخطة المعتمدة أن تغير الواقع الفعلي، ونستطيع الوصول إلى الأطفال خصوصا أنه تم اعتماد الخطة لفترة 6 أشهر مقبلة. إعلان جدة ----------- وكان اجتماع علماء المسلمين الذي عقد في جدة مؤخرا، شدد على التصدي لوباء شلل الأطفال ودعم الجهود العالمية لاستئصاله، مؤكدا أنه يتوافق مع المبادئ الإسلامية والأحكام الشرعية. ولفت إلى أن 95% من الأطفال المصابين يعيشون في الدول الأعضاء للمنظمة، ويتوزعون في باكستان والصومال ونيجيرياوسوريا وأفغانستان. وأعلن العلماء وعلى رأسهم إمام المسجد الحرام ورئيس مجمع الفقه الإسلامي الدولي الشيخ الدكتور صالح بن حميد، أن الحماية من الأمراض واجبة ومقبولة وفقا للشريعة الإسلامية، وأن أي أعمال لا تدعم هذه التدابير الوقائية وتتسبب في أضرار للإنسان منافية للإسلام. واعتمد العلماء "إعلان جدة" الذي دعا إلى اعتماد القرارات المتعلقة بصحة الطفل واستئصال شلل الأطفال، والتي اعتمدتها مؤتمرات القمة الإسلامية، واعتماد إعلان الأزهر الشريف حول التضامن مع أطفال الأمة الإسلامية.