بالرغم من الإنجازات المحققة في هذا المجال، إلا أن معدلات التوظيف مازالت أقل من المستويات المأمولة والمستهدفة؛ وذلك نتيجة وجود عدة معوقات منها: ضعف الحوافز، وغياب الاستقرار الوظيفي. وضعف تأهيل العمالة المحلية، بالإضافة إلى عدم ملاءمة مخرجات التعليم لاحتياجات السوق، و ضعف إنتاجية العمالة المحلية، وطول فترة ساعات العمل اليومي، والإجازات، واختلاف بيئة العمل مقارنة بالقطاع الحكومي إلى جانب ضعف الحوافز والرواتب، وتكلفة العمالة المحلية والنظرة الدونية لبعض الوظائف، وقد جاء ذلك وفق ما كشفته ندوة «توطين الوظائف في القطاع الخاص وأثره على الاقتصاد الوطني» التي نظمتها «عكاظ» في الرياض، وقد أعدت الصحيفة التقرير المفصل التالي: شارك في الندوة كل من هدى بنت عبدالرحمن الجريسي، رئيس اللجنة النسائية في مجلس الغرف السعودية، رئيس اللجنة الوطنية النسائية لسيدات الأعمال، رئيس لجنة الاستثمار في غرفة الرياض، والدكتورة هند آل الشيخ المديرة العامة للفرع النسائي في معهد الإدارة العامة، وعضو مجلس أمناء منتدى الرياض الاقتصادي، والأستاذة سارة الغدير مدير إدارة الإعلام والموارد في الغرفة التجارية، و الدكتورة نورة آبا الخيل سيدة أعمال وعميدة كلية البنات في جامعة الأمير سلطان سابقا. وأوضحت المشاركات أن عملية إحلال العمالة الوطنية مكان الأجنبية لابد أن يكون وفق خطة زمنية محددة. وأشارت الندوة إلى أن هذا الإجراء يعد هدفا وطنيا بالإضافة إلى أنه مطلب اقتصادي إذ أن هدف أية أمة معاصرة هو تحقيق الرخاء والازدهار الاقتصادي لجميع أفرادها، كما تم تحديد الأهداف التي يسعى نظام السعوده إلى تحقيقها. في البداية تحدثت هدى الجريسي فقالت «من أبرز معوقات توطين الوظائف، صعوبة المواصلات، وتفاوت أوقات الدوام والإجازات بين القطاعين الحكومي والخاص، مضيفة: أن عملية التدريب و التسرب وتدني الرواتب عوامل تلعب في صالح العماله الوافدة، مشددة على ضرورة دعم الرواتب في القطاع الخاص، وترى أنها غير كافية خصوصا في بداية التوظيف مشيرة إلى أن القطاع الخاص يتحمل أعباء كبيرة قبل الحصول على الدعم والمساندة» . أما نورة أبالخيل فترى أن المعوقات عديدة منها ماهو اقتصادي و إداري تنظيمي واجتماعي، موضحه أن الأسباب الاقتصادية بدأت منذ أن استعان القطاع الخاص بالعماله الوافدة إبان ازدهاره حتى أصبح شبه أسير لها، ساعده في ذلك ضعف التكلفة، منتقدة ضعف الإدارة والتخطيط الاستراتيجي المنظم.. مشيرة إلى أن كل قطاع يخطط لنفسه. قائلة: منذ صدور الخطة الخمسية ونحن نسمع السعودة والقضاء على البطالة فكم خطة مرت حتى الآن والبطالة في مسار متصاعد. وتقترح أبالخيل أن يكون هناك تخطيط مشترك في كل خمس سنوات يتم تقييمه من جانب التعليم والتدريب مقارنة باحتيجات سوق العمل.. مشيرة إلى أن عدم وجود التخطيط الاستراتيجي أدى إلى عدم توفر الأيدي الماهرة المدربة. فالمعاهد المهنية التي تصرف عليها الدولة مليارات الريالات لانرى عائدها على أرض الواقع، وأضافت أبالخيل: يتضح مما سبق أن من المعوقات ما هو تعليمي وتدريبي فما كرر في التعليم وجد أيضا في التدريب. فالتخصصات المكررة في الجامعات سببت تكدس مخرجات المعاهد التدريبية التي لا تتناسب مع احتياجات السوق مما يجعلنا نقع تحت وطأة إهدار اقتصادي ومالي، وعدم وجود توازن بين مخرجات التعليم والتدريب وسق العمل . إلى ذلك تحدثت هند آل الشيخ مديرة معهد الإدارة فقالت «إن البطالة والتوظيف مشكلتان يعاني منهما جميع راسمي السياسات في العالم، مشيرة إلى أن هناك ثلاثة أهداف يجب أن توضع في الحسبان وأولها إيجاد فرص عمل، ثم تعادل الفرص يليها نوعية الوظائف، موضحه أن توفير الوظائف ليس هدفا، بل توفير الوظيفة النوعية هو الهدف لأن ذلك ينعكس على مستوى الرفاهية الاجتماعية للفرد، ومن ثم على الاقتصاد الكلي، مؤكدة آل الشيخ أن رفع مهارة الأفراد ونوعية الوظائف سوف يزيد من الإنفاق وبالتالي يزيد من الرفاه الاجتماعي الذي بدوره ينعكس على الاقتصاد المحلي». وأوضحت الدكتورة نورة أبا الخيل أن مصلحة الإحصاء أوردت في آخر تقاريرها أن عدد العاطلين من الشباب والشابات وصل مايقارب 12 في المئة، وتصل نسبة العاطلات من الجامعيات إلى 70 في المئة. وقالت آل الشيخ أن نسبة إحصائيات وزارة العمل تتعارض مع إحصائيات التأمينات الاجتماعية التي بدورها تختلف أيضا عن مصلحة الإحصاء، مؤكدة أن حافز كان له دور كبير في الكشف عن العدد الحقيقي من طالبي العمل، وقالت «إن عدد الوافدين الذين يشغلون وظائف وصل حسب الإحصائيات الأخيرة 9 ملايين وافد» . وترى هدى الجريسي أن نجاح حافز في توظيف السعوديين كما نجح في عملية الإحصاء للعاطلين، مؤكدة أن الوصول لطالبي العمل إنجاز في حد ذاته، مشيرة إلى أن أغلبية المسجلين في حافز أخذوا الإعانه ولا يرغبون في العمل مضيفة أن البرنامج أوضح أنه يوجد تجاوزات، وأن عملية التوظيف لم تصل بعد إلى المأمول منها فيما أوضحت آل الشيخ أنها مع سياسة حافز بشكل كبير على شرط أن يدار بطريقة احترافية، ويطرح وظائف نوعية تناسب مؤهلات المتقدم تماما. فهنا تكون البطالة «اختيارية» أما أن تكون المتقدمة جامعية، وتمتلك مهارات عالية والوظيفة المقترحة لها في مزرعة «حلابة بقر» فهذا غير منطقي من وجهة نظرها. وأشارت هدى الجريسي في المرحلة الحالية إلى أن السعودة في القطاع الخاص شكلت عبئا، متوقعة أن يخف هذا العبء في الفترة المقبله. وقالت: إن التكاليف المطلوبة حاليا بالتزامن مع برامج وزارة العمل الجديدة قد يجعل الموظف السعودي أوفر بالنسبة للقطاع الخاص في حين خالفتها الرأي الدكتورة آل الشيخ بأن التوطين لا يشكل عبئا أبدا، حيث إن القطاع الخاص ينظر للتكاليف المباشرة للسعودة ولا يقارنها بالتكاليف غير المباشرة على الأجنبي، حيث يحتاج الأجنبي أجور استقدام، وتأمينات، وتأمين صحي، وقد يحدث تسرب، وبذلك تكون تكاليفه أكبر بالنسبة للتدريب. وأضافت هدى الجريسي: أن السعودي لا يتقبل الوظائف الدونية حتى لو بمرتب مرتفع. فالسعودية لا تتقبل أن تكون عاملة نظافة لو تجاوز الراتب 4000 ريال بسبب العرف المجتمعي . بينما انتقدت الدكتورة هند آل الشيخ التوجه للوظائف الدونية أولا للسعوديين حيث قالت «إنه من المفترض إشغال الوظائف المتوسطة والعليا في القطاع الخاص. وتشير سارة الغدير إلى أن الكثير من الشركات المحلية تدرب وتهئي العمالة الوافدة أكثر من العمالة الوطنية، ليصبح الأجنبي مديرا على الوطني فتحدث اختلالات في الهيكلة الوظيفية. وأوضحت الدكتورة نورة آبا الخيل بقولها بأنه يجب تحقيق استراتيجية، وأن يتم التعاون بين الأجهزة وتضافر الجهود ما بين وزارة التعليم العالي، و معاهد التدريب، وأن تكون مخرجات التعليم ومخرجات التدريب تتناسب مع الاحتياجات الفعلية والمهارات الفنية والإدارية المطلوبة في سوق العمل. في حين قالت الدكتورة هند آل الشيخ: يجب أن يكون هناك تخطيط شمولي يبنى على الإحصائيات الصحيحة من التأمينات، ووزارة العمل، مع وزارة التخطيط وأن نضع آليات لتخطيط القرارات، بحيث تكون شاملة للمواصلات، والأجور، وبيئة العمل. وتمنت أن تترجم الخطط الخمسية إلى خطط تنفيذية، ويكون لها مؤشرات لقياس نجاحها، وتنقل إلى جميع الجهات الخاصة والحكومية لتنفيذها وتقويمها لمعرفة الاستمرارية في الخطة، أو الوقوف قبل مضيعة الوقت، ونبدأ في عمل سياسات وخطط أخرى تتناسب مع جميع المنشآت والقطاعات هذا وأيدت هدى الجريسي ما تطرقت إليه زميلاتها وزادة بضرورة إيجاد خطة استراتيجية شاملة تتناسب مع كل المنشآت الصغيرة والكبيرة حتى لا تهدر الأموال في التدريب والتوظيف وبدون رؤيه . وترى الدكتورة هند آل الشيخ تعديل الأجور، وتخفيض ساعات العمل، والإجازه حلول ناجعة لإيقاف التسرب الوظيفي في القطاع الخاص، موضحة أنه عند قياس نظام الأجور لدى الموظف في القطاعين الخاص والحكومي نجد أن أقل حد لراتب الموظف الحكومي 3 آلاف بينما الوظائف غير الرسمية في القطاع الخاص أقل بكثير بالإضافة إلى المكرمات والزيادات التي لم يحققها القطاع الخاص، مؤكدة أنه في حال زاد القطاع الخاص أجوره سيحدث العكس وتتجه الرغبة إليه. وقالت بالنسبة لساعات العمل يصعب على الموظفة فترة المساء والمنتهية الساعة12 ليلا في الأسواق مثلا فلو تم التنسيق مع ساعات الدوام، وجعلها كلها فترة نهارية لنجح الأمر فالقطاع الحكومي يحقق الأمن الوظيفي فيستحيل فصل أي موظف حتى لو لم يؤد دوره على الوجه المطلوب. من جانبها قالت هدى الجريسي: إن القطاع الحكومي يتميز بكثرة الإجازات فمثلا اليوم الوطني للموظف في القطاع العام ويومان إجازة، والخاص يوم فقط والزيادات للقطاع العام أكثر ولا يستطيع أن يوازي الخاص بالحكومي في ذلك لأنه سيتعرض لخسائر فادحه. بينما قالت سارة الغدير: إن المجتمع يعد مجتمعا رعويا تعود على أن يأتيه كل شيء بيسر وسهولة، ولذلك يتجه المواطنون للقطاع الخاص حتى لا يطالبوا بإنتاجية أكثر، وترى الغدير ضرورة أن تكون هناك رقابة، وإشراف أكثر صرامة على موظفي القطاع الحكومي في عمليات الالتزام بالدوام والإنتاجية.