فجّر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق دان حالوتس قنبلة من العيار الثقيل، حينما أقر بأن إسرائيل تفضل أن يظل بشار الأسد رئيساً لسوريا، ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة معاريف العبرية، أوضح حالوتس أن الولاياتالمتحدة باتت ضعيفة ومهترئة النفوذ في منطقة الشرق الأوسط، وينبغي على إسرائيل الاستعداد لليوم الذي تنحسر فيه سيطرة واشنطن عن الشرق. تل أبيب تملك الإطاحة بالأسد لكنها ترغب في بقائه كما تطرق المسؤول العسكري الإسرائيلي السابق للتواجد الأميركي في العراق، مشيراً إلى أنه ورطة وضعت الولاياتالمتحدة أقدامها فيها، ولم تجلب الديمقراطية التي تتحدث عنها في هذا البلد أو في غيره من البلاد. وفي ما يتعلق بالمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، فألقى حالوتس على الجانب الفلسطيني مسؤولية تعثر التوصل لاتفاق على الجانب الفلسطيني، وفقاً لوجهة نظره. وفي مستهل حديثه المثير، أسهب حالوتس في الحديث عن الملف السوري، مشيراً إلى أن إسرائيل لا ترغب في زوال حكم الأسد، وان لديها الآليات التي يمكن من خلالها الإطاحة بنظامه خلال فترة وجيزة جداً، لكنها ترفض ذلك تماماً، إذ تعلم حكومة تل أبيب أن انهيار نظام الأسد سيفرض خياراً أصعب، وهو هيمنة تنظيمات راديكالية متطرفة تنتمي في معظمها لتنظيم القاعدة الإرهابي على كل كبيرة وصغيرة في سوريا، ولا يعني ذلك إلا زعزعة أمن واستقرار إسرائيل. وطرح المسؤول العسكري الإسرائيلي السابق سؤالاً مفصلياً حول من هو أفضل لإسرائيل، هل هو نظام الأسد، أم نظام جديد أكثر تطرفاً؟، وقال: "النظام في سوريا يقتل مواطنيه اليوم تلو الآخر، غير أنه من الضروري الاعتراف بأن المعارضة السورية تتألف في معظمها من عناصر إسلامية متطرفة مثل تنظيم القاعدة، وأمام ذلك الواقع يجب على إسرائيل أن تحدد موقفها بدراسة واعية وجدية غير مسبوقة، هل نرغب في تغيير نظام سيئ نعرفه بنظام أكثر سوءاً لا نعلم عنه شيئاً؟". بديل النظام السوري يهدد أمن إسرائيل والمنطقة وأبدى معد التقرير العبري دهشة بالغة من تصريحات المسؤول العسكري الإسرائيلي السابق، مشيراً إلى أن الأخير شذّ عن قاعدة المستوى الرسمي في تل أبيب، ففي حين تردد إسرائيل يومياً أنها ليست معنية بالتدخل في شؤون سوريا الداخلية أو أية دولة من دول ما يعرف بالربيع العربي، إلا أنه كان صريحاً أمام الجميع وأعلن موقفه بجرأة أثارت ردود أفعال غاضبة لدى الأوساط الرسمية في إسرائيل. ومضى حالوتس في الكشف عن مفاجآته، حينما أكد أن العبوة الناسفة التي انفجرت للمرة الأولى منذ أربعين عاماً على حدود بلاده مع سوريا منذ أيام، ما هي إلا دليل بسيط على الواقع الذي ستواجهه إسرائيل فور زوال نظام بشار الأسد، ووصول التنظيمات الراديكالية إلى سدة الحكم، وأضاف: "بدأ المجتمع الدولي يستوعب أنه بات من الصعب إسقاط النظام السوري، طالما أضحى البديل مجهولاً، فالجميع لا يرى خياراً آخر كبديل عن الأسد إلا تلك التنظيمات الراديكالية المتطرفة، التي ستشكل خطراً على إسرائيل وعلى المنطقة جمعاء". وتطرق حالوتس لملف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، مبدياً تشاؤماً بالغاً من إمكانية التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين، وقال: "العالم كله يتعامل مع إسرائيل على أنها لا تبذل جهداً كافياً من اجل التوصل لحل القضية الفلسطينية، لكن المشكلة أكثر تعقيداً من ذلك، فإسرائيل ترغب في ضمان مستقبلها، وما يترتب عليه ذلك من توقيع اتفاقات أمنية مع الفلسطينيين، فهذه الاتفاقات هي حجر زاوية الخلاف الحقيقي بين الطرفين. ومن تجربتي مع الفلسطينيين يمكنني الاعتقاد بأن التوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين سيكون صعباً جداً، ولن تكون إسرائيل في هذه المرة سبباً لهذا الفشل". تقليص المساعدات الأميركية لمصر خطأ كبير أما على الصعيد الأميركي، فشنّ حالوتس هجوماً عنيفاً على الولاياتالمتحدة وانتقد سياسة الإدارة الأميركية مع مصر، وتقليصها المعونات العسكرية للقاهرة بعد الإطاحة بنظام محمد مرسي عبر ثورة جماهيرية هي الأكبر من نوعها في تاريخ المنطقة، بحسب تعبير المسؤول العسكري الإسرائيلي السابق، وأضاف: "إنني ارغب في أن يتفهم العالم بقيادة الولاياتالمتحدة، أن ما يجري لا يمت للديمقراطية بصلة، فمن المستحيل أن يتم إرساء الديمقراطية خلال العقود القليلة المقبلة، وأتمنى أن تستوعب واشنطن ذلك جيداً". وأقام حالوتس دليلاً على اعتقاده، حينما ساق حديثاً جرى بينه وبين مسؤول أميركي رفيع المستوى عام 2003، عندما سأله: ما مهمة الولاياتالمتحدة في العراق؟، فأجاب المسؤول الأميركي: مهمتنا هي تغيير العراق وتحويله إلى بلد ديمقراطي في غضون عدة سنوات، فردّ عليه حالوتس: إن مهمتكم ستتطلب وقتاً ربما يزيد عن 2000 عام. فالعراق على حد قول حالوتس يقتل مواطنيه بشكل يومي، ولا يتحدث عن ذلك أي من الدوائر السياسية في مختلف دول العالم، ولا حتى الولاياتالمتحدة عينها. وفي ما يخص العلاقات الإسرائيلية الأميركية، التي وصلت إلى نفق مسدود في أعقاب الاتفاق النووي مع إيران، قال حالوتس: "إن الولاياتالمتحدة باتت ضعيفة وواهنة، وأنه يجب على إسرائيل الاستعداد بجدية لليوم، الذي تفقد فيه واشنطن نفوذها في الشرق، وأضاف: "يُحظر المساس بالعلاقات الأميركية الإسرائيلية، إلا أنه في الوقت عينه ينبغي الالتفات وتفهُم أن الولاياتالمتحدة لا يمكنها مواصلة مساندة إسرائيل أو حتى مساعدتها إذا تعارضت مصالحها مع هذا الدعم".