نظم المركز الثقافي الإعلامي للشيخ سلطان بن زايد آل نهيان بمقر المركز في أبوظبي محاضرة بعنوان (معضلة المياه في الشرق الأوسط) للأستاذ الدكتور غازي إسماعيل ربابعة أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية، بحضور سعادة جمال الشمايلة سفير المملكة الأردنية الهاشمية لدى دولة الإمارات العربية المتحدة وعدد من المسئولين وأعضاء السلك الدبلوماسي ونخبة من الباحثين والإعلاميين . أكّد سعادة الدكتور حمد على المدير التنفيذي للمركز الثقافي الإعلامي ،المستشار الإعلامي للشيخ سلطان بن زايد آل نهيان في تقديمه للدكتور ربابعة على أهمية الماء في الحياة ، مشيراً إلى أن الماء كان خلال الأربعة آلاف سنة الماضية العنصر الوحيد المحدد للبنية التحتية للمنطقة العربية وحوله تمحورت أنماط الحياة الاقتصادية والاجتماعية فيها ، مشيراً إلى أن نقص المياه من أخطر المشاكل التي تواجه المجتمعات . وبدأ الدكتور غازي ربابعة محاضرته بالآية الكريمة ، بسم الله الرحمن الرحيم " وجعلنا من الماء كل شيء حي" صدق الله العظيم ، منوهاً إلى مدي خطورة نقص المياه في منطقة الشرق الأوسط ، متنبئاً بإحتمال قيام حروب في منطقة الشرق الأوسط بسبب هذه المشكلة . واعتبر المحاضر أن قضية المياه واحدة من أهم قضايا التنمية المستدامة في دول العالم، مشيراً إلى ما أفرزه التزايد السكاني الذي شهده العالم وتزايد الأنشطة الاقتصادية ،وارتفاع درجة حرارة الأرض، ومنسوب مياه البحار ، وازدياد نسبة الاحتباس الحراري ، والاستهلاك غير الرشيد لها ، وتلوث المياه وسوء التوزيع للموارد المائية من ضغوطات هائلة على موارد المياه العذبة أدت إلى حدوث نقص حاد فيها، وهو وضع لم يعد يستثني في الوقت الراهن منطقة دون أخرى. وحذّر من أن منطقة الشرق الأوسط تواجه العديد من التحديات في ظل المتغيرات الدولية الراهنة يأتي في مقدمتها قضية المياه التي تتسم بخصوصية في الوطن العربي الذي يتميز بكونه من أكثر مناطق الأرض تصحراً، وأشدّها ندرة للمياه، بالإضافة إلى وجوده في منطقة تحاصرها أطماع شتى مع وجود مخاوف جادة تحيط بهذه الثروة الحيوية، خاصةً أن الأنهار الرئيسية المارة بالمنطقة العربية والبالغ عددها نحو خمسون نهراً تنبع من خارجه. كما تطرق إلى الأطماع الإسرائيلية في المياه العربية وخطرها . ودعا إلى مجابهة تحديات العجز المائي المؤثر على التنمية العربية الحالية والمستقبلية عبر تكوين شبكة عربية لأبحاث ودراسات المياه العربية وتطبيقاتها، والعمل على توحيد نظم جمع المعلومات والبيانات المتعلقة بالثروة المائية والتنسيق بين المؤسسات والمنظمات والمراكز العربية المهتمة بالمياه لوضع إستراتيجية مائية عربية شاملة . وأشار إلى إمكانية الاتجاه إلى الزراعة خارج الوطن العربي كأحد الحلول للحد من الأزمة المائية فقد تنتقل زراعة الحمضيات من بلاد الشام إلى منطقة شرق تركيا لشح المياه، إلى جانب استغلال الأراضي الخصبة في بعض الدول العربية ذات الوفرة المائية مثل السودان ومصر لزراعة المواد الإستراتيجية كالقمح والذرة مما يساهم في دعم الأمن الغذائي العربي ويقلل من قيمة الفاتورة الغذائية. وقدم المحاضر في هذا الصدد مقترحاً يسمح لدول الخليج بالاستفادة من مياه نهر النيل من خلال تقديم الدعم المالي الخليجي لتطوير نظم الري في مصر باستخدام الطرق الحديثة في الري وتطبيق نظم الإدارة وتدريب العاملين في هذا المجال مقابل التزود من مياه النيل. كما أشاد بمشروع قناة البحرين المزمع إنشاؤه لجر المياه من العقبة إلى البحر الميت كمشروع إستراتيجي لإنقاذ البحر الميت المتوقع أن يجف خلال خمسون عاماً، وأشار إلى أن الأردن من أفقر ثلاث دول في العالم في شح المياه . وأوضح الدكتور ربابعة بأن أزمة المياه مازالت لم تأخذ نصيبها من الاهتمام على الصعيد القومي العربي إذ لا توجد استراتيجية عربية موحدة تتعامل مع هذه الأزمة المتفاقمة لوضع حلول عملية وعلمية للمشكلات الداخلية أو التحديات الخارجية، مشدداً في هذا الصدد على أن تحقيق الأمن المائي العربي ممكن طالما وضعت الخطط المناسبة والبدائل القابلة للتنفيذ مع اتخاذ كافة التدابير للحفاظ على هذا المورد الحيوي. من جانبه أشاد سعادة جمال الشمايلة سفير المملكة الأردنية الهاشمية لدي الإمارات في تصريح له بجهود سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان رئيس المركز الثقافي الإعلامي الذي أتاح هذه المشاركة الأكاديمية القيمة الثرية بمعلوماتها الثقافية الراقية في تسليطها الضوء على أسباب أزمة المياه في الشرق الأوسط والتهديدات المحتملة للأمن المائي العربي وانعكاساتها على الشعوب والسياسات، والتصورات المقترحة لمحاولة إيجاد حلول في هذا الشأن. كما أشاد بالعلاقات التي تربط البلدين الشقيقين الإمارات والأردن وشعبيهما ، مشيرا إلى أنها نموذج اخوي متميز . وفي ختام المحاضرة قدم سعادة السفير الأردني شهادة تقدير وشكر مقدمة من المركز للمحاضر / كما قدم سعادة الدكتور حمد علي المستشار الإعلامي المدير التنفيذي للمركز الثقافي الإعلامي درع المركز للدكتور غازي ربابعة تقديراً له .