أجمع العديد من المسؤولين والخبراء العسكريين في مصر على أن فكرة توجيه ضربة عسكرية إلى سد "النهضة"، الذي تقوم الحكومة الإثيوبية بتشييده على مجرى النيل الأزرق، تُعد "أمراً مستحيلاً"، رغم تأكيدهم على أن هذا السد سيؤدي إلى الإضرار بحصة مصر من مياه النيل. واعتبر وزير الإعلام السابق، أسامة هيكل، أن الوضع حالياً يختلف عما كان عليه في سبعينيات القرن الماضي، عندما وجه الرئيس المصري الراحل، أنور السادات، تحذيراً شديد اللهجة إلى الجانب الإثيوبي بأن إقامة أي مشروعات على مجرى النيل، تلحق ضرراً بالمصالح المصرية ستواجه بكل قوة وحسم. وقال هيكل، في تصريحات لCNN بالعربية، إن المجتمع الدولي أصبح ينظر إلى العلاقات بين الدول من منطلق "المصالح المشتركة"، وليس "فرض الأمر الواقع"، وبالتالي فإن إقدام إثيوبيا على بناء هذا السد لاستغلال مواردها المائية يحظى بتأييد دولي، إلا أنه يجب في الوقت نفسه ضمان عدم المساس بحصتي مصر والسودان من المياه. وشدد الوزير المصري السابق على أنه "لا بديل الآن إلا عن طريق المفاوضات"، وعلى الخارجية المصرية التحرك بشكل عاجل وعلى مختلف المستويات، لشرح تأثير هذا السد على مصر، والتي تعاني نقصاً حاداً في الموارد المائية، قلصت نصيب الفرد من حوالي 2000 متر مكعب عام 1988، إلى أقل من 550 متر مكعب في العام الجاري. وأعرب هيكل عن استغرابه للتصريحات الصادرة من مسؤولين في الحكومة الحالية، والتي تفيد بأن السد الإثيوبي لن يؤثر على حصة مصر، قائلاً إنه "ببساطة شديدة، هذا السد يحتاج إلى تخزين كميات من المياه خلفه إلى المستوى الذي يمكن معه توليد الكهرباء، وهذا بدون شك يعني نقص في تدفق المياه إلى كل من السودان ومصر." كما انتقد أسلوب تعامل الحكومة الحالية مع "الأزمة"، مشيراً إلى أن رئيس الوزراء الحالي، الدكتور هشام قنديل، كان وزيراً للري في حكومة الدكتور كمال الجنزوري، كما أنه عمل طويلاً مديراً لمكتب وزير الري في حكومات سابقة، وعليه أن يكون "أكثر إلماماً" بأهمية هذا الملف. وأشار الوزير السابق خلال الفترة التي تولى فيها المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شؤون البلاد، إلى أن رئيس الجمهورية، الدكتور محمد مرسي، لم يطرح هذا الموضوع مع المسؤولين في أديس أبابا، والتي كان في زيارة رسمية لها قبل يوم واحد من قرار السلطات الإثيوبية بتحويل مجرى النيل الأزرق للبدء في بناء السد. من جانبه، شدد الخبير الأمني والاستراتيجي، اللواء أحمد عبد الحليم، على أن "الحل الدبلوماسي هو الأمثل" في التعامل مع قضية سد النهضة، مستبعداً قيام مصر بأي عمل عسكري، وأكد أن ضرب السد "لن يؤدي إلى النتائج المرجوة منه، ولن يفيد بشكل كبير." كما أشار عبد الحليم، في تصريحات أوردها موقع "أخبار مصر"، التابع للتلفزيون الرسمي، إلى أن هناك "حل آخر"، يتمثل في التوجه القانوني إلى محكمة العدل الدولية، وإلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وإلى المحكمة الجنائية الدولية، للحفاظ على "الحق التاريخي" لمصر في مياه النيل. إلى ذلك، اعتبر نائب رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، اللواء محمد علي بلال، أن توجيه ضربة عسكرية إلى سد "النهضة"، يُعتبر "تحدياً للعالم أجمع"، وقال إن مثل هذا العمل العسكري سيؤدي إلى دخول مصر في "مواجهة مع كل الدول التي لها رعايا يعملون في السد، ومنها الصين وإسرائيل. وأكد المسؤول العسكري السابق، في تصريحات نقلتها فضائية "العربية"، مساء الأربعاء، أن "مصر ليست في وضع يسمح لها الآن بمواجهة كل هذه الدول"، مشيراً إلى أن الولاياتالمتحدة هي من قامت بالتخطيط لهذا السد، وتقوم إسرائيل بتقديم الدعم الفني لعملية إنشائه.