اعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما رسميا الجمعة اختياره السناتور جون كيري وزيرا للخارجية خلفا لهيلاري كلينتون محييا فيه "مرشحا كاملا" لقيادة دبلوماسية اول قوة عالمية. وقال اوباما مخاطبا كيري الواقف الى جانبه "اعرف انك ستكون وزير خارجية رائعا" وذلك بعدما اكد ان سيرة سناتور ماساتشوسيتس (شمال شرق) كلها اهلته لهذا المنصب. واضاف اوباما ان جون كيري (69 عاما) قام خلال وجوده في مجلس الشيوخ "كرئيس للجنة الشؤون الخارجية بدور مركزي في كل النقاشات الكبرى بشان السياسة الخارجية منذ نحو 30 عاما". وكيري الذي لم يحالفه الحظ في انتخابات الرئاسة الاميركية عام 2004 امام جورج بوش والبطل الحاصل على وسام في حرب فيتنام قبل ان يصبح مناضلا مناهضا للحرب هو سناتور ماساتشوسيتس (شمال شرق) منذ عام 1985. وقد بلغ مؤخرا التاسعة والستين من العمر. وبحكم ترؤسه منذ اربع سنوات للجنة الشؤون الخارجية المهمة في مجلس الشيوخ خلفا لنائب الرئيس الحالي جو بايدن، لدى كيري بالفعل دراية واسعة بالملفات الدبلوماسية وكان مبعوثا لاوباما في ملفات حساسة وخاصة في باكستان. وقال اوباما "يمكن ان نقول بلا شك ان قلة من الاشخاص يعرفون مثل كيري كل هذا العدد من الرؤساء او رؤساء الوزراء او لديهم ما لديه من دراية بالسياسة الخارجية وهذا يجعل منه مرشحا مناسبا لقيادة الدبلوماسية الاميركية في السنوات القادمة". وقال الرئيس ايضا "لن يكون في حاجة لكثير من الاعداد لمنصبه" معتبرا ان كيري "كسب احترام وثقة زملائه في مجلس الشيوخ من ديموقراطيين وجمهوريين على السواء". وخلص "لذلك، جون، اقدر لك قبول هذه المهمة وانا على ثقة بان مجلس الشيوخ سيؤكد تعيينكم سريعا"، مشيرا الى ان كيري هو الذي جعله يعتلي المنصة للمرة الاولى مع تكليفه بالقاء خطابا مهما خلال المؤتمر الديموقراطي في بوسطن (ماساتشوسيتس) الذي رشح كيري للرئاسة عام 2004. كذلك قام كيري بتدريب اوباما على المناظرات التلفزيونية امام منافسه ميت رومني خلال الحملة الرئاسية. كما اشاد اوباما بكلينتون التي اعلنت عدم رغبتها في الاستمرار في منصبها بعد ان تنتهي ولاية اوباما الاولى في 20 كانون الثاني/يناير المقبل. ولم تحضر كلينتون التي تتعافى من ارتجاج في المخ نجم عن سقوطها اعلان الجمعة الا ان اوباما اكد انه تحدث اليها اليوم وانها "في حالة معنوية جيدة". وقرار اوباما هذا كان متوقعا منذ ان اعلنت السفيرة الاميركية في الاممالمتحدة سوزان رايس الاسبوع الماضي عدولها عن الترشح لهذا المنصب. وقد تعرضت رايس، المقربة من اوباما، لانتقادات حادة من نواب جمهوريين بسبب تصريحاتها بعد اعتداء بنغازي الذي قتل خلاله اربعة اميركيين بينهم السفير الاميركي في ليبيا كريستوفر ستيفنز في 11 ايلول/سبتمبر الماضي. فقد اكدت في 16 ايلول/سبتمبر لشبكات تلفزيونية ان الهجوم "ليس بالضرورة اعتداء ارهابيا" وانما نجم على الارجح عن "تظاهرة عفوية تطورت". وعلى الاثر اعترفت الادارة بان الهجوم كان عملا مخططا. واشتبه النواب في ان رايس والبيت الابيض تعمدا تضليل الاميركيين بشان الطابع الارهابي لهذا الهجوم لعدم التاثير على صورة اوباما قبل اسابيع قليلة من الانتخابات الرئاسية في 6 تشرين الثاني/نوفمبر التي فاز بها في نهاية المطاف. ومن هؤلاء النواب البارزين السناتور جون ماكين والسناتورة ليندسي غراهام الواسعا النفوذ والقادران على عرقلة تعيين رايس وزيرة للخارجية. ويخضع تعيين شاغلي المناصب الحكومية الاميركية لموافقة مجلس الشيوخ حيث يملك الديموقراطيون اغلبية بسيطة وليس اغلبية موصوفة لازمة لمنع اي عرقلة محتملة من المعارضة. ومن هذا المنطلق فان كيري بخبرته الطويلة في الكابيتول يعتبر اوفر حظا من رايس لخلافة هيلاري كلينتون. وقد رحب ماكين وغراهام بالاعلان عن تعيين كيري وقال ماكين "اثق في قدرة جون كيري على القيام بمهامه" فيما حيت غراهام "مرشحا شديد الصلابة". واضافة الى كلينتون اعلن العديد من وزراء اوباما الرئيسيين رغبتهم في ترك مناصبهم مع بدء ولاية اوباما الثانية في 20 كانون الثاني/يناير المقبل مثل وزير الخزانة تيموثي غايتنر ووزير الدفاع ليون بانيتا. وبالنسبة لوزارة الدفاع ينوي اوباما تعيين السناتور الجمهوري السابق لنبراسكا (وسط) تشوك هيغيل في هذا المنصب. وهيغل برلماني من نفس جيل كيري وحاصل مثله على وسام بطولة في حرب فيتنام. وانتماء هيغيل الى الحزب الجمهوري يمكن ان يسهل اقرار تعيينه من قبل رفاقه السابقين في مجلس الشيوخ رغم ان هذا السياسي المعتدل لم يتبن ابدا المواقف الرئيسية لحزبه في مجال السياسة الخارجية منتقدا خصوصا استراتيجية الرئيس السابق جورج بوش في العراق ومبديا رايا مختلفا بشان الملف الاسرائيلي.