وصل خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) الى قطاع غزة يوم الجمعة بعد أن أمضى 45 عاما في المنفى خارج الأراضي الفلسطينية في زيارة تبرز الثقة المتزايدة التي اكتسبتها الحركة بعد المواجهة العسكرية مع إسرائيل الشهر الماضي. وسجد مشعل لله شكرا لدى مروره من معبر رفح ثم استقبله عشرات المسؤولين من الفصائل الفلسطينية المختلفة. وسيقضي مشعل أقل من 48 ساعة في القطاع وسيحضر احتفالا يقام يوم السبت بمناسبة مرور 25 عاما على تأسيس الحركة أطلق عليه "مهرجان الانتصار" بعد الموجهة التي دارت مع اسرائيل في نوفمبر تشرين الثاني. وترفض إسرائيل زعم حماس أنها انتصرت في الصراع الذي أسفر عن مقتل نحو 170 فلسطينيا وستة إسرائيليين. وقال مشعل للصحفيين إن وصوله إلى غزة يعني أنه يولد من جديد بعد ولادته في الضفة الغربية في عام 1956 ونجاته من محاولة إسرائيلية لاغتياله في عام 1997 . وأضاف "أتمنى ان يكون الميلاد الرابع يوم تحرير فلسطين." وبدا مشعل متأثرا من الترحيب الذي استقبل به في غزة. وأضاف "اليوم في غزة وغدا في رام الله وبعدها في القدس وبعدها حيفا ويافا." وتقع مدينة رام الله في الضفة الغربية بينما تقع المدن الثلاث الأخرى فيما يعرف الان باسم إسرائيل. وفي وقت لاحق يوم الجمعة من المنتظر أن يزور مشعل منزل الشيخ احمد ياسين مؤسس الحركة الذي اغتالته اسرائيل عام 2004 . كما يزور منزل احمد الجعبري القائد العسكري للحركة الذي قتل في غارة جوية اسرائيلية الشهر الماضي. ونفت حماس سعيها لضمانات اسرائيلية عبر اتصالات مصرية بأن مشعل لن يكون هدفا للاغتيال أثناء وجوده في غزة. وتعززت إجراءات الأمن لدى وصوله وجاب حراس ملثمون يرفعون الأسلحة يتبعون الذراع العسكرية لحماس الشوارع في شاحنات ودراجات نارية. ويعتقد على نطاق واسع أن مشعل (56 عاما) لم يزر الأراضي الفلسطينية منذ أن غادر مسقط رأسه بالضفة الغربية عندما كان عمره 11 عاما. لكن كلمته أشارت إلى أنه قام بزيارة عندما كان مراهقا في عام 1975 . وتسيطر حماس على قطاع غزة الذي يقطنه 1.7 مليون فلسطيني منذ عام 2007 عندما اندلع صراع داخلي بين حماس وحركة فتح التي تسيطر على الضفة الغربيةالمحتلة. وسحبت إسرائيل القوات والمستوطنين من غزة عام 2005 . وقال مشعل يوم الجمعة في غزة "هذا وعد من قيادة حماس ان نسير على طريق المصالحة ووأد الانقسام حتى نكون صفا واحدا في وجه الاحتلال الصهيوني." وأدار مشعل حركة حماس من دمشق من عام 2004 إلى يناير كانون الثاني الماضي عندما غادر العاصمة السورية بسبب المعارك الدائرة بين قوات الرئيس بشار الأسد ومعارضيه. وهو يتنقل الآن بين الدوحة والقاهرة. وأضعف رحيله المفاجئ من دمشق مكانته داخل حماس ومنحته العلاقات مع دمشق وطهران أهمية ولكن بعد أن انهارت تلك الصلات بدأ منافسوه المقيمون في غزة تأكيد سلطتهم. ولكن الزعيم المقيم في المنفى استعاد المبادرة في الحرب التي اندلعت في نوفمبر الماضي بالتعاون الوثيق مع مصر لتأمين الهدنة. وسيكون الحدث الأبرز في هذه الزيارة المهرجان الذي يقام غدا وتعلن فيه حماس انتصارها في المواجهة التي استمرت ثمانية ايام مع اسرائيل . وانتهت بتهدئة بوساطة مصر. وأقيم مسرح كبير في مدينة غزة مع نموذج ضخم لصاروخ من طراز (إم 75) الذي أطلق على تل ابيب والقدس في الحرب الشهر الماضي. وينظر إلى ذلك المهرجان باعتباره انفتاحا على الفصائل الأخرى وتلميحا لاستعداد جديد للسعي للمصالحة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي تدير حكومته شؤون الضفة الغربية. ولم تتطرق وسائل الاعلام الإسرائيلية إلى زيارة مشعل لغزة. وتقول إسرائيل إن هجماتها الجوية لم تؤد فقط إلى قتل أحمد الجعبري القائد العسكري لحماس وإنما استنزفت أيضا مخزون الأسلحة لدى الحركة. وقال مسؤول إسرائيلي بارز في القدس لم يشأ ذكر اسمه "يمكنهم الرقص في الشوارع مثلما يريدون لكن قادتهم يعرفون حجم الدمار الذي وقع." ولكن من الواضح أن الحرب عززت مكانة حماس في المنطقة بحصولها على تأييد دول عربية مجاورة بينما أدت إلى تهميش حركة فتح. وعضد دور مشعل في التفاوض على الهدنة مكانته الشخصية داخل حماس رغم أنه يقول إنه يعتزم التنحي عن زعامة الحركة قريبا. ودفعت انتفاضات الربيع العربي في العامين الماضيين بأصدقاء لحماس الى السلطة في أنحاء متفرقة في المنطقة وفي مقدمتهم الرئيس المصري الجديد محمد مرسي حيث تعد جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الزعامة الروحية لحماس. وكان مشعل قال في مقابلة مع رويترز في قطر يوم الجمعة الماضي إن هناك اجواء تسمح بإنجاز المصالحة.