تناولت صحيفة ''الإندبندنت'' البريطانيّة في تقرير مثير للجدل الأسبوع الماضي مخاوف المسلمين في أنحاء العالم، من نيّة السلطات السعوديّة، لهدم المزيد من آثار القرون الأولى للإسلام، في إطار مشروعات توسعة المسجد النبوي، والتي ستبدأ عقب انتهاء موسم الحجّ لهذا العام حسب تصريحات المهندس محمد العلي أمين هيئة تطوير المدينة المنوّرة لتصل المساحة الإجمالية للمسجد إلى مليون و20 ألفاً و500 متر مربع وتزداد سعته إلى مليون مصلٍّ داخل المباني وستمائة ألف سوف تستوعبهم الساحات. وأضاف التقرير: '' ثلاثة من أقدم مساجد العالم في طريقها للهدم عندما تدشّن المملكة العربية السعوديّة مشروعاً لتوسعة ثاني أقدس البقاع الإسلاميّة بتكلفة تتعدّى مليارات الجنيهات الاسترلينيّة، إذ سيبدأ العمل في توسعة المسجد النبوي في المدينةالمنورة حيث يرقد جثمان النبي محمد فور الانتهاء من شعائر الحج لهذا العام'' ويحذّر التقرير: '' إلا أنّ المخاوف تصاعدت من أنّ هذا التطوير سيؤدّي إلى إزالة مواقع تاريخيّة هامّة، ويأتي هذا في ظلّ غضب متنامٍ أساساً تجاه الاستخفاف البادي من قبل المملكة بالحفاظ على التراث التاريخي والمعماري لمكّة، أقدس مدن المملكة. وستتمّ أغلب أعمال توسعة المسجد النبويّ إلى الجهة الغربيّة من مساحة المسجد القائم حالياً، والتي تضمّ مقابر مؤسس الإسلام (الرسول صلى الله عليه وسلّم) واثنين من أقرب صحابته إليه أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب. وتوجد الآن خارج الحوائط الغربيّة للمجمع القائم مساجد ''أبو بكر الصدّيق'' و ''عمر ابن الخطاب'' ومسجد ''غمامة'' الذي بني على موقعٍ حيث يعتقد انّ الرسول قد أقام فيه أوّل صلاة عيد بالمدينة، ولم يعلن السعوديّون أيّة خطط للحفاظ على أو نقل المساجد الثلاث والتي يعود تاريخها للقرن السابع''. وفي تصريحات للإندبندنت قال الدكتور عرفان العلاوي، مدير مؤسسة أبحاث التاريخ الإسلامي: '' لا أحد ينكر أن المدينة في حاجة للتوسعات، ولكن ما يثير القلق هي الطريقة التي تتبعها السلطات في هذا الصدد، فهناك طرق يمكن أن تتم بها التوسعة مع تجنّب أو الحفاظ على المواقع الإسلامية الأثرية إلا أنهم يريدون هدمها بدلاً من ذلك''. وووفقا لترجمة موقع مصراوي تستطرد الإندبندنت: '' ووقف ناشطو حملات الحفاظ على التراث وكثير من السكان المحليين عاجزين ومبهوتين إزاء هدم العديد من المواقع الأثرية في مكةوالمدينة لإفساح المجال امام مولات التسوّق المبهرة والفنادق الفخمة وناطحات السحاب الضخمة، حيث يقدّر معهد الخليج الكائن في واشنطن أنّ 95% من المباني العائد تاريخها لنحو 1000 عام قد تم هدمها خلال العشرين سنة الأخيرة، ففي مكة يخيّم على مشهد المسجد الحرام، أقدس بقاع الأرض لدى المسلمين والذي يقف فيه الجميع سواسية، مجمع جبل عمر المؤلف من ناطحات سحاب سكنيّة وفنادق وبرج ساعة عملاق. ولكي يتم بناء هذا المجمع قامت السلطات السعودية بإزالة قلعة أجياد التي يرجع تاريخها للعهد العثماني والتل الذي أقيمت عليه، كما فقدت مواقع أثرية أخرى بما فيها موقع ميلاد الرسول –مكانه الآن مكتبة- وبيت زوجته الأولى خديجة والذي قام مكانه حمامات عموميّة.'' وتذكر الإندبندنت أيضاً مخاوف ''العلاوي''، من أن تكون خطّة إعادة تطوير المسجد النبوي جزءاً من هدف أكبر لتحويل الأنظار عن مكان دفن الرسول – صلى الله عليه وسلم- وتلك البقعة تغطيها قبة خضراء شهيرة وتمثل نقطة المركز للمسجد الحالي، ولكن بإتمام المخططات الجديدة ستمثل الجناح الغربي لمبنى أكبر ثمان مرات من الحالي له منبر جديد كما ان هناك خططاً لإزالة المحراب في مركز المسجد، وتمثل تلك المنطقة جزءاً من ''رياض الجنة'' التي حدّث عنها الرسول في حديثه باعتبارها مقدّسة'' - وفقا للإندبندنت، والحديث الذي تحدّث عنه هو: '' مابين قبري ومنبري روضةٌ من رياض الجنة'' أو كما روي أيضاً '' مابين بيتي ومنبري روضةٌ من رياض الجنة''. وتختتم الإندبندنت تقريرها موضحة أنه في منشورٍ طبعته عام 2007 وزارة الشؤون الإسلامية وصدّق عليه الشيخ عبد العزيز الشيخ المفتي الأكبر للملكة تمت الدعوة لإزالة القبة الخضراء وكذلك تسوية مقابر الرسول وصاحبيه أبي بكر وعمر بالأرض، كما كان الشيخ ابن عثيمين أحد أكثر علماء المذهب الوهابي غزارة وتأثيراً في القرن العشرين قد دعا بمطالب مماثلة''. واختتم العلاوي تحذيراته: '' إن الصمت الإسلامي على تدمير آثار مكةوالمدينة شيء كارثي ومرائي، ففي الوقت الذي أثار فيه الفيلم المسيء للرسول الاحتجاجات حول العالم نجد تدمير موضع مولد الرسول حيث أقام صلواته وأرسى قواعد الإسلام مسموحاً باستمراره بلا ثمّة انتقادات''.