أن تكون من أهل المدينة، فذلك فضل من الله، يؤتيه من يشاء من عباده، ليجاور سيد المرسلين -عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- بل هي أرض تختار مَن يعيش على ثراها الطيب المبارك، ومَن لا تريد؛ تنفيه بعيدًا عنها، كما قال الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام- وبركتها مضاعفة، وأهلها أوصى بهم رسول الله، وحذّر من أذيتهم: (مَن آذى أهل المدينة أذابه الله كما يذيب الملح في الماء)، أو كما قال رسول الله، فهنيئًا لهم ولمن جاورهم وحرص على حسن الجوار. للمدينة الطاهرة الطيبة المباركة مكانة كبيرة في قلوب المسلمين، ولأهلها أيضًا مكانة، حتى أن حجاج بيت الله والمعتمرين يشعرون بالألفة والمودة في صح بتهم. تذكرت أيامًا خوالي في طفولتي كُنَّا نُؤجِّر بيوتنا للحجاج بمبلغ زهيد لنحظى بشرف استضافتهم، وكنت حريصة على الجلوس معهم أتعلم منهم وأتكلم في شؤون حياتهم، لم أكن أعي في تلك المرحلة من العمر أن هذا ما يُعرف بتبادل الثقافات، ولكنني لاحقًا عرفت أن التنوع الثقافي والفكري والاجتماعي الذي يحظى به أهل المدينة المباركة هو نتاج هذا التواصل الإنساني الجميل. * تأملت في قول أحدهم عندما تحدّث عن حب كل المسلمين للمدينة، واستشعارهم للروحانية والسكينة في أرضها، فقال: أليس في المدينة روضة من رياض الجنة في مسجد الحبيب، وهذه الروضة لا توجد في أي بقعة أخرى على وجه الأرض، والجنة هي دار المقامة ودار الخلد، وهي ما نشتاق إليه في معادنا، لذلك نشعر بالسكينة والأنس بقرب الحبيب وروضة الجنة. * خاتمة القول: - بمناسبة أن المدينة عاصمة الثقافة الإسلامية أقول لمن يعنيهم الأمر: إن كان أبناء جيلي لا يعرفون مواقع تاريخية، كبئر الخاتم وسقيفة بني ساعدة وثنية الوداع، ونتذكّر كالخيال مواقع قديمة في سوق المناخة والعنبرية، وشارع العينية وحارة الأغوات ومسجد أبي بكر وعثمان، والمساجد السبعة وموقعة الخندق، فما بالنا بجيل اليوم الذي لا يعرف لها تاريخًا ولا آثارًا كان يرتادها نبيهم وله فيها ذكر طيب. - يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة).. (ومنبري على حوضي). - آخر كلمة سمعتها من جدي "حمدان" -رحمه الله- وهو يسألني عن حالي في غربتي بعيدًا عن المدينة: يا ابنتي المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون. [email protected] [email protected]