قررت وزارة العدل في مصر منح ضباط المخابرات العسكرية والشرطة العسكرية سلطة اعتقال المدنيين في حالات معينة، وهو ما أثار ردودا غاضبة في الأوساط السياسية والحقوقية والبرلمانية خاصة أنه يأتي قبل أيام قليلة من جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة وما يرافقها من سجالات. فقد نشرت جريدة الوقائع المصرية الرسمية اليوم نص قرار إداري صادر عن وزير العدل عادل عبد الحميد له قوة القانون يعطي ضباط المخابرات العسكرية والشرطة العسكرية سلطة القبض على المدنيين واعتقالهم. وقالت مصادر قضائية للجزيرة إن القرار نشر بالجريدة الرسمية بتاريخ اليوم ليبدأ تطبيقه رسميا من يوم غد الخميس. وأفاد مراسل الجزيرة في القاهرة عبد الفتاح فايد أن القرار صدر في الرابع من الشهر الجاري بعد جدل طويل حول الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، لكنه بقي طي الكتمان إلى غاية نشره اليوم وهو ما شكل مفاجأة لجميع الأطراف في الساحة المصرية. وبررت وزارة العدل ذلك القانون بكونه إجراء مؤقتا إلى حين صدور دستور جديد يضع ضوابط واضحة لاختصاصات السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية. ووصف مراسل الجزيرة القرار بأنه استثنائي بكل ما تحمله الكلمة من معنى وقال إنه يأتي بمثابة بديل لقانون الطوارئ، ونقل عن مصادر تشريعية قولها إن القرار الجديد يعتبر التفافا على عدم رغبة البرلمان في التمديد للعمل بقانون الطوارئ. ويسمح القرار المذكور لضباط المخابرات الحربية والشرطة العسكرية باعتقال مواطنين على خلفية التسبب في تعطيل المواصلات والاعتداءات على المنشآت وتعطيل العمل وهو ما من شأنه أن ينطبق على المشاركين في الاعتصامات وما شابه ذلك من احتجاجات عن الأوضاع السائدة في البلاد. ويأتي قرار وزير العدل المصري في وقت تعيش البلاد تطورات سياسية لافتة حيث تم أمس اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، وينتظر الرأي العام قرار المحكمة الدستورية غدا الخميس بشأن قانون العزل السياسي وقانون الانتخابات وذلك قبل أيام قليلة من جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة. وتعليقا على ذلك القرار وصف أبو العلا ماضي رئيس حزب الوسط قرار وزير العدل المصري بأنه تجاوز على سلطة البرلمان. وأضاف أبو العلا في مقابلة مع الجزيرة أن البرلمان سيدرس القرار ويناقش أوجه تعارضه مع السلطة التشريعية بوصفها الجهة الوحيد التي تسن القوانين. وقال رئيس الشبكة العربية للمعلومات وحقوق الإنسان جمال عيد إن هذا القرار يعطي للمؤسسة العسكرية سلطة لم تكن متاحة لها في ظل قانون الطوارئ الذي كان ساريا في البلاد لعدة عقود. وأضاف عيد في حديث مع الجزيرة أن هذا القرار أعاد مصر إلى الحالة التي كانت سائدة لدى عدد من الدكتاتوريات في أميركا اللاتينية. ورأى عضو البرلمان عمرو حمزاوي أن القرار تهديد لدولة القانون، وأكد أنه سيقدم طلب إحاطة عاجل للبرلمان غدا في هذا الصدد. في المقابل هون رئيس مركز الجمهورية للدراسات والأبحاث السياسية والأمنية اللواء سامح سيف اليزل من تلك الخطوة وقال إنها مؤقتة وتفرضها طبيعة المرحلة الانتقالية وتهدف لتوفير الأمن في خضم الأجواء الانتخابية وذلك لحين صدور دستور جديد. واستبعد سيف اليزل في حديث مع الجزيرة أن يكون الهدف من ذلك القرار هو تعزيز سلطة المجلس العسكري الحاكم الذي يتولى مقاليد الحكم في البلاد وجدد التأكيد على أن المجلس ملتزم بتسليم السلطة للمدنيين في نهاية يونيو/حزيران الجاري.