في وقت ما كان أصعب تحد أمام المحامي السلفي حازم صلاح أبو اسماعيل هو الوساطة في صفقات تجارية وعقد زيجات. والآن يحاول أن يستخدم المهارات التي اكتسبها من عمله في الصراع المحتدم على السلطة في مصر. ويجلس المرشح الرئاسي المحتمل البالغ من العمر 50 عاما بلحيته الطويلة البيضاء في مكتبه بحي الدقي في القاهرة يفكر في وسائل كسر قبضة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على السلطة. ويطمح أبو اسماعيل في خوض انتخابات الرئاسة التي ستجرى في منتصف يونيو حزيران اعتمادا على قاعدة مؤيدي التيار السلفي في البلاد التي يمكن أن تصل الى ثلاثة ملايين مواطن. وأبو اسماعيل خطيب مسجد وعرفه ملايين المصريين من خلال ظهوره المتكرر في القنوات التلفزيونية التي تبث برامج إسلامية لكنه لا يشغل منصبا في الدعوة السلفية أو أي حزب يمثلها. وهو عضو سابق في جماعة الاخوان المسلمين. ويطلق عليه مؤيدوه من شباب السلفيين في ميدان التحرير الذي كان بؤرة الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك في فبراير شباط الماضي لقب "الشيخ الرئيس". وفي حين يستعد المصريون للاحتفال بالذكرى الاولى للانتفاضة يرى كثيرون منهم أن العسكريين الذين حلوا محل مبارك في ادارة شؤون البلاد من بقايا النظام القديم وأنهم يجب أن يتركوا الحكم كما فعل قائدهم. ولكن ابو اسماعيل قال لرويترز ان الانتقال الى الحكم المدني لا يمكن تحقيقه بدون تهدئة مخاوف الجيش الذي يرجح أن يتمسك بالبقاء في السلطة اذا لم يحصل على ضمانات بحصانة. واضاف "الحل البرجماتي هو أن أفك المواجهة بين قوة الشعب الأعزل والسلطة العسكرية التي في يدها السلاح وشبكة من المصالح متصلة بها ومتصلة بقوى دولية." وأضاف "دمي يغلي وأنا أقول هذا... لكن هذه هي الطريقة لتشجيع الجيش على ترك البلد للشعب. خلاف ذلك سيواصل الجيش استعمال الاكراه السياسي. أنا لا أريد إكراها سياسيا على بلدي. أنا لا أريد حربا أهلية في مصر" ويتصاعد الغضب الشعبي على العسكريين المتهمين باساءة ادارة الفترة الانتقالية ويوجه اليهم اللوم عن سلسلة من الاشتباكات العنيفة مع محتجين يطالبون بانهاء الادارة العسكرية لشؤون البلاد فورا. وقتل عشرات المحتجين في الاشتباكات التي وقعت خلال الاحد عشر شهرا المنصرمة. وجاء كل الرؤساء المصريين من الجيش منذ استيلائه على الحكم عام 1952 . ويحرص المجلس العسكري على ابعاد ميزانيته ومصالحه الاقتصادية عن الرقابة المدنية. وقال أبو اسماعيل "المجلس العسكري يخشى ترك السلطة وبعدها يكون خاضعا للمساءلة. اتفاق الخروج الامن ضمانة للعسكريين أنهم ستكون لهم حصانة بعد أن يتركوا السلطة. أنا أتكلم عن العشرين شخصا فقط (رئيس وأعضاء المجلس).. الباقي مسألة تختلف وهي في يد البرلمان... لن تكون لهم سلطة بعد الخروج الامن." ومنح المجلس العسكري حصانة يمكن أن يزيد الشقاق بين المحتجين الشبان والاحزاب السياسية. ويقول محللون ان الاخوان المسلمين والسلفيين الذين يتجهون للفوز بأغلبية الثلثين في مجلس الشعب بعدما تختتم هذا الاسبوع الانتخابات التي اجريت على ثلاث مراحل ربما يسعون الى طمأنة المجلس العسكري لضمان انتقال هاديء للسلطة في وقت لاحق هذا العام الحالي. لكن مثل هذا النهج العملي قد يمثل إهانة لأسر نشطاء قتلوا في مواجهات في الشوارع مع الجيش. واتهم الجيش الذي نسب سقوط القتلي الى "أطراف خارجية" بالاساءة الى ناشطات. وسيعني "الخروج الامن" من الناحية القانونية منح الجيش فرصة للكشف عن ثروته والاحتفاظ بها وكذلك العفو عن أي مخالفات أو أخطاء ارتكبها خلال الفترة الانتقالية. وقال أبو اسماعيل ان أسر نحو مئة شخص قتلوا في الاشتباكات مع الجيش لن يرغموا على قبول الدية وفق الخطة التي يطرحها ويمكنهم اللجوء الى القضاء اذا رغبوا في ذلك. وقال أبو اسماعيل وقد ضم قبضتي يديه "لن نسمح لاحد بأن يكرس الذل علينا مرة أخرى. نحن تحت الاكراه نمرر ما فات من أجل أن نحافظ على ما هو آت." وعرضت الضمانات على المجلس العسكري لاول مرة من جانب حقوقيين وسياسيين في مايو أيار كطريق الى الحكم المدني. وقالوا ان الجيش يظهر كأنه يدافع عن الثورة لكنه يقلص مكاسبها ويحافظ على أعمدة نظام مبارك سليمة ومنها القضاء وقوات الامن. وابو اسماعيل هو أشد الاسلاميين انتقادا للجيش وساعد في حشد محتجين في ميدان التحرير يوم 18 نوفمبر تشرين الثاني للضغط على المجلس العسكري لسحب اقتراح بتعديلات دستورية تحول بصورة دائمة دون اشراف مدني عليه. وقال أبو اسماعيل انه يتوسط لتوحيد الاسلاميين. وتخشى جماعة الاخوان التي تريد أن تقدم نفسها في صورة الجماعة المستعدة للتعاون مع الجميع من ربط نفسها بالسلفيين في مجلس الشعب. وقال "الاخوان والسلفيون يعتقدون أن هناك خلافا بينهم ولكن أرى أن هذا أوهام. هناك طرف متقدم عن الاخر سياسيا ولكن الافضل في نظري أن يشكلوا كتلة في البرلمان." وقال ان الاسلاميين الثلاثة الطامحين للترشح للرئاسة يجب أن يتفقوا على أحدهم لخوض انتخاباتها. وأضاف أنه لم يقرر ما اذا كان سيواصل السباق. وقال "سياسيا الافضل أن يحصل توافق على مرشح واحد." ويقول محللون ان التأييد الذي سيوليه أبو اسماعيل لمرشح رئاسي اذا ترك السباق سيكون حاسما في اقتراع السلفيين في الانتخابات. وفي كل لاحوال يقول أبو اسماعيل ان رئيس مصر الجديد لن يكون أداة في يد المجلس العسكري ويقول انه سيعارض الانتخابات اذا حاول الجيش فرض ارادته على صياغة الدستور الجديد الذي سيوضع قبل انتخابات الرئاسة. وقال "لن يكون رئيسا دمية. هذه لحظة فارقة. لن يمكن ذلك حتى ان حدثت معركة شوارع. أنا مستعد أن أتصدى لذلك. الرئيس له حق تعيين وزير دفاع مثل ما يحدث في الولاياتالمتحدة أو فرنسا."