ألقت تصريحات رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، المشير محمد حسين طنطاوي، عن الوضع الاقتصادي، مزيداً من الغموض على الصورة "القاتمة" التي يعاني منها الاقتصاد المصري، منذ تفجر أحداث ثورة 25 يناير/ كانون الثاني الماضي، التي أطاحت بنظام الرئيس السابق حسني مبارك، والتي ما زالت تداعياتها تعصف بالشارع المصري حتى الآن. ففي كلمته إلى "الأمة"، التي سعى من خلالها إلى تهدئة جموع المعتصمين الغاضبين في ميدان التحرير، بعد دخول المواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين، يومها الرابع مساء الثلاثاء، قال طنطاوي إن "الاقتصاد المصري تراجع بشكل ملحوظ"، وأشار إلى أنه "كلما اقتربت الأمور من الاستقرار، وقع حدث يجرنا مرة أخرى إلى الخلف"، في إشارة إلى حالة الاحتقان التي يشهدها الشارع المصري. وتابع رئيس المجلس العسكري، الذي يتولى إدارة البلاد منذ تنحية مبارك في فبراير/ شباط الماضي، قائلاً: "الاعتصامات والاحتجاجات الفئوية وغير الفئوية لا تتوقف، والإنتاج يتعطل، وبالتالي تقل الموارد، وبرغم ذلك كنا نحن، كمجلس عسكري وحكومة، دائماً مطالبون بالمزيد، وهى معادلة غير متزنة على الإطلاق، ونتيجة لاستمرار التوتر هربت استثمارات كثيرة، كانت مصر ولا تزال في أمس الحاجة إليها." ودفعت المواجهات المتواصلة في ميدان التحرير، منذ مساء السبت الماضي، الجنيه المصري إلى التراجع لأدنى مستوياته، أمام الدولار الأمريكي، منذ أوائل عام 2005، وسط تحذيرات مما أسماها خبراء اقتصاديون "أزمة عملة" وشيكة، إذا ما استمر التراجع في قيمة العملة المصرية، الأمر الذي قد يضطر الحكومة الانتقالية إلى فرض قيود على رؤوس الأموال. كما هوت البورصة إلى أدنى مستوى لها في 32 شهراً، رغم لجوء إدارتها إلى تعليق التداولات لمدة ساعة الثلاثاء، بعد أن تعرضت لخسائر فادحة تجاوزت 11 مليار جنيه (قرابة ملياري دولار)، عزاها خبراء إلى أحداث ميدان التحرير، ومخاوف المستثمرين من هبوط القيم السوقية لمستويات قياسية، كما كان الحال في المرحلة التي سبقت سقوط نظام مبارك. وتلقى الاقتصاد المصري، الذي يعتمد اعتماداً كبيراً على السياحة، ضربات متتالية منذ ثورة 25 يناير/ كانون الثاني الماضي، أدت إلى تراجعه بنسبة تصل إلى 7 في المائة، مما يقلص التوقعات بشأن نسبة النمو لتصل إلى 2 في المائة فقط، وفي أبريل/ نيسان الماضي، توقع صندوق النقد الدولي أن تصل نسبة نمو الاقتصاد المصري إلى 1 في المائة فقط. وكانت الحكومة الانتقالية "المستقيلة"، برئاسة عصام شرف، قد كشفت في مايو/ أيار الماضي، أن حجم الاستثمارات التي تحتاجها مصر من الخارج، تصل إلى 12 مليار دولار على مدى العامين القادمين، من بينها مليارا دولار للموازنة الحالية، وعشرة مليارات لموازنة العام القادم.