حذر فضيلة الشيخ سلمان بن فهد العودة، الأمين العام المساعد للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الليبيين من الفرقة والشقاق والاختلاف خلال المرحلة المقبلة بعد أن منَّ الله عليهم بالانتصار وإسقاط معمر القذافي. وقال العودة في برنامج فتوى على قناة دليل أمس، في رسالة إلى ثوار ليبيا: "إنني أعرف من الشعب الليبي أنه شعب عظيم، مؤمن صادق الإيمان، نحسبهم والله حسيبهم. هذا هو الغالب عليهم، أصحاب خلوات وصلوات وحب لله ورسوله وللإسلام". وأضاف: "لذلك أرجو أن يكون الله نصرهم وسخر لهم بحيث تحقق لهم ما يأملون، وأن يتم عليهم بخير، وأسأله سبحانه أن يجمع بين قلوبهم ويوحد كلمتهم على الحق، وأن يبعد عنهم عوامل الفرقة أو الاختلاف". وأوضح فضيلته أن ما تحقق خلال الفترة الماضية هو "الأمر الأهون، فقد انتصروا بفضل الله على هذا الطاغية، وزالت مخاوفنا التي كانت تزايلنا وتمنعنا الراحة والنوم وهناءة العيش خوفًا من بطش الطاغية و قوته التي رمى بها بقضها وقضيضها". وأكد د. العودة أن القادم هو الأمر الأعظم والأكبر والأخطر، وهو أن يجاهد الليبيون أنفسهم وأن يستعلوا على المصالح الخاصة؛ قبيلة أو مدينة أو حزبية أو تجمع حول شخص أو اسم . وقال فضيلته: يجب أن يكون الليبيون شديدي الحرص في المرحلة المقبلة على أن لا يستجيبوا لأي نوازع اختلاف أو شتات أو تفرّق فيما بينهم، وأن يكون عندهم قدر من التقارب والانسجام والحوار الموضوعي؛ لأن القبليّة موجودة، والتوجهات ما بين إسلامي وليبرالي موجودة، والمناطقية أيضًا ما بين مناطق الشرق ومناطق الغرب. ولفت فضيلته إلى أنه سيوجد من يدعو إلى انفصال أو حقوق القبائل أو من يتحدث بأنه الأحق.. مشدداً على ضرورة التسامي على كل هذه النزعات وأن يقبل الليبيون الاحتكام إلى المنطق العقل ودولة المؤسسات والحقوق وصناديق الاقتراع فيما بعد، وكل إنسان يعبر عن رأيه بالوسائل السلمية. وأعرب الشيخ سلمان عن أمله في أن يرى ليبيا نموذجًا في المشرق الإسلامي والعربي، وهذا أقرب ما يكون، لأنها دولة مهيأة بسبب قلة عدد السكان (ستة ملايين) ووحدة الهوية، فكلهم مسلمون، سنّة مالكيّة، مع وجود أقلية من الأمازيغ وقلة من الأباضية لكنها منضبطة وملتزمة ومتعايشة ومندمجة مع غيرها، وأيضًا ليبيا بلد نفطي وغني وقابل لأن يكون نموذجًا عربيًا إسلاميًا لبلد ناهض يحتذى به. ودعا الشيخ سلمان العودة الذين يحملون السلاح في بني وليد وغيرها من كتائب القذافي، أن يضعوا أسلحتهم، ويسلموا أمرهم للثورة؛ لأن عملهم فضلاً عن كونه الآن خروجاً على إجماع الشعب الليبي، هو عمل انتحاري لا فائدة من ورائه. وقال: أعتقد أن الثوار عندهم استعداد كبير لأن يتعاملون بواقعية وتقبّل وعفو وصفح عن أولئك الذين لديهم مبادرة سلمية من طرفهم. وجاءت رسالة الشيخ لليبيين عقب مداخلة لإحدى الليبيات سألت فيها الدكتور العودة عن إفطار أحد الثوار في رمضان بسبب انشغاله بالقتال واستشهاده خلال المعارك. وترحم فضيلته على شهداء ليبيا والشهداء في كل مكان ودعا أن يتغمدهم الله بواسع رحمته ويعجل لهم فضله الذي وعدهم.