يفرن (ليبيا) - أ ف ب - «أزول (السلام عليكم)، سأعلمكم لغة أجدادكم». هكذا بدأت المؤرخة سارة عبود أول درس باللغة الأمازيغية لأطفال في يفرن، وبكلمات كانت لتفضي بقائلها إلى السجن عندما كان معمر القذافي يهيمن على جبال غربي ليبيا. ومنذ أن تحررت قرى الأمازيغ في جبل نفوسة من سيطرة القذافي، ازدهرت ثقافتها في الإذاعات والجمعيات والمتاحف والأغاني ودروس الأمازيغية. وتقول تغريد عبود (22 سنة) بحماسة: «كانوا يعتبروننا مواطنين من الدرجة الثانية في حين أننا سكان هذا البلد الأصليون». وكان ممنوعاً التحدث علناً باللغة الأمازيغية، ولا الكتابة أو القراءة بها، في زمن الزعيم الليبي الذي ارتاب من هذه المجموعة الموجودة في البلاد منذ ما قبل الفتح الإسلامي في القرن السابع للميلاد، والمعروفة بمقاومتها الشرسة للاحتلال الإيطالي بداية القرن العشرين. وعلى مر السنين فقد الأمازيغ أبجدية لغتهم التي كانوا يتكلمونها خلسة، خوفاً من السجن، لأنهم لم يطبعوها. وقالت عبود (27 سنة) إن «كثيرين من هؤلاء الناس لا يعرفون تاريخهم». ومن جادو إلى يفرن يتردد الأطفال على المدارس مرات عدة في الأسبوع. ويعود الكهول إلى دفاتر الدراسة. وفي مبنى قديم كانت تستعمله أجهزة الاستخبارات وتحوّل متحفاً، يكثّف رسام من يفرن الرسوم بالأمازيغية على لوحات كبيرة رسم عليها معمر القذافي في شكل جرذ أو مصاص دماء. ويقول الفنان (47 سنة) الذي طلب عدم الكشف عن اسمه «لا أريد أن أتوقف عن الكتابة! أشعر كأنني أولد من جديد». ويعكف أمازيغ بزوخار، الذي قضى ثلاثة أشهر في السجن لنضاله من أجل الأمازيغية قبل أن يحرره الثوار، على تدوين الأساطير التي يتناقلها الأمازيغ شفوياً ويسجل حكايات أمراء وأميرات يتحلون بالحكمة ويحرسون التقاليد. وفي يفرن، كل الوثائق مكتوبة بالعربية أو الأمازيغية، بينما يتطلع الجميع إلى الاعتراف باللغة الأمازيغية لغة رسمية في ليبيا. وقال سليم أحمد، المذيع في إذاعة جادو التي تبث برامج باللغتين، إن «الدم العربي والأمازيغي امتزج في ميدان المعارك ضد الطاغية، إننا نخوض معركة واحدة».