واجه الثوار مقاومةً شرسةً أثناء محاولة اقتحام بلدة "بني وليد" بعد فشل المفاوضات لدخول البلدة، التي تُعَدّ أحد آخر معاقل أنصار العقيد الليبي الهارب، معمر القذافي، تزامنًا مع وصول رئيس المجلس الوطني الانتقالي، مصطفى عبد الجليل، إلى طرابلس، لأول مرة منذ بدء ثورة 17 فبراير. وصدّ أنصار القذافي زحف الثوار نحو البلدة بإطلاق صواريخ "جراد"، مما دفع بعضهم للتقهقر وسط أزيز تحليق طائرات يعتقد أنَّها مقاتلات حلف الناتو، الذي يقود حملةً عسكريةً على ليبيا منذ أواخر مارس الماضي، بهدف حماية المدنيين، ومراقبة الحظر الجوي الذي فرضه مجلس الأمن الدولي. وأعاد الثوار تجميع صفوفهم، فيما دعا أحد الثوار مقاتلات حلف شمال الأطلسي لإجلاء الطريق أمامهم نحو المدينة هاتفًا: أين أنت يالناتو؟" من جانبه، أكَّد الناتو قيام طائراته بعمليات قرب بني وليد، دون الإشارة إذا ما قامت بقصف مواقع لأنصار القذافي بالبلدة، وقال الناطق باسم الحلف، العقيد رولاند لافوي: "لا ننسق الهجمات مع المجلس الوطني الانتقالي." وكانت مفاوضات دخول "بني وليد"، وهي بلدة تقع على بعد 150 كيلومتر جنوب شرقي طرابلس، قد تعثرت، ويرجّح المجلس الانتقالي أن بعض أبرز رموز النظام الليبي السابق، من بينهم اثنان من أنجال القذافي، ربما تحصنوا بداخلها. وقال كبير مفاوضي المجلس الانتقالي، عبدالله كنشيل: إنه يتوقع سقوط المدينة بأيدي الثوار قريبًا، بيد أنه أقرّ بالمقاومة التي يبديها الموالون للقذافي، وانتشار القناصة على أسطح المنازل. وأشار كنشيل إلى أنّ المهلة النهائية، المحددة بالسبت، لتسليم المدينة سلميًا حقنًا للدماء، انتهت مع إطلاق أنصار القذافي لصواريخ "جراد" على الثوار، الجمعة. ويتمركز الثوار على مشارف "بني وليد"، التي يطوقونها من ثلاثة محاور، طيلة فترة المفاوضات منذ قرابة أسبوعين. ونفى عبدالرحمن بوسن، الناطق الرسمي باسم المجلس الوطني الانتقالي، علم المعارضة بأعداد الموالين للقذافي داخل البلدة، الذين يعتقد أنهم مدججون بالأسلحة الرشاشة والصواريخ. في الغضون، وصل رئيس المجلس الوطني الانتقالي إلى طرابلس، التي يزورها للمرة الأولى منذ بدء الثورة ضد العقيد القذافي، حيث فوض القادة الميدانيين حريةَ إطلاقِ الهجوم على معاقل المواليين للقذافي مع انتهاء مدة الإنذار، قائلاً: "الوضع الآن بين أيدي المقاتلين الثوار.. لقد تحدثنا إليهم عبر قادتهم ونترك لهم خيار تقرير (الهجوم) متى يشاءون". وحذّر عبد الجليل من أن معمر القذافي لا يزال يمثل خطرا، وفق ما نقلت وسائل إعلام ليبية. ويشار إلى أن "بني وليد" هي واحدة من ثلاث بلدات ليبية لا تزال عند ولائها لنظام طرابلس السابق، بجانب "سرت" مسقط رأس العقيد القذافي، و"سبها" جنوب غربي ليبيا. وتحدثت مصادر من المجلس الليبي عن تقارير استخباراتية تشير قيام أنصار القذافي بنقل عدد من أسرى الثوار إلى بلدة "قصر بو هادي"، التي تقع على بعد 10 أميال شرقي "سرت"، لاستخدامهم كدروع بشرية.