ينتظر عشاق ومحبي الرحالة والمؤرخ الكبير الشيخ محمد بن ناصر العبودي في معرض الرياض الدولي للكتاب هذا العام كتابا طال انتظاره وكثر السؤال عنه منذ سنين عديدة، خاصة وهو يتحدث عن علامة كبير وعالم جليل وقاض فطن صارت أخباره وأحاديث قضائه ونوادر فطنته وذكائه أحاديث تتلى وصار بعضها أشبه بالأساطير التي تروى، إنه سماحة العلامة عبدالله بن محمد بن حميد "رحمه الله" الذي ملأ البلاد في سعة علمه وفقهه وفطنته ودهاءه . والكتاب الذي صدر عن دار الثلوثية للنشر سيكون بصحبة عدد من الإصدارات الجديدة للعلامة العبودي والتي سوف يتم نشرها للمرة الأولى بمعرض الكتاب الدولي بالرياض يمتاز بالملكات المبكرة في التميز والإبداع والذائقة الأدبية التي وهبها الله الشيخ محمد العبودي من خلال حسه المبكر في أهمية تدوين الأخبار والأحداث خصوصاً تلك المتعلقة بشيخه الأول، ثم إنه يهتم بشيء آخر وهو أن تكون عباراته ذات وقع مناسب عند من يقرؤه كتابه لئلا يظن بعضهم أنه قد بالغ فيما كتبه أو يظن آخرون أنه قد نقص منه. ويبرز هذا الكتاب صوراً من العلاقة الودية والعلمية والوشائج التي تربط بين الشيخ ابن حميد وتلاميذه، بما يثير مسائل الصلة التي ترويها كتب الأخبار والتراجم عن علماء الأمة الإسلامية، حيث إن علاقتهما تجاوزت حدود الدرس إلى التواضع والتبسط والتودد الذي كان يبديه الشيخ لتلميذه؛ بل إن الشيخ عبدالله بن محمد بن حميد ومن خلال تلك العلاقة والوشائج العلمية والأخوية بينهما يتنبأ بالمستقبل لهذا التلميذ النابه وما سيكون عليه لاحقاً، وقد كان يخصه بعطفه وتعليمه ومباسطته مما يعبر بشكل واضح عن مدى الحس العقلي والفطنة التي منحها الشيخ عبدالله بن محمد بن حميد ليعوِّل على هذا التلميذ الذي صدق فيه حدسه وثبتت فيه فراسته. معالي الشيخ العبودي في ترجمته للعلماء الكبار ككتابنا هذا، فإنه يترجم للأسر كما في معجمه الصخم ( معجم أسر بريدة) ويترجم للجهود الشخصية لكبار الشأن كما كتب عن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله كما سيصدر لاحقاً تراجم لسلسلة من العلماء والقضاة والشخصيات التي كان لهم علاقة معه وتعرف إليهم عن قرب كما أنه يترجم للعلماء والقضاة غير المعروفين، ويترجم لمن اشتهروا بمختلف الملكات، وضابط ذلك كله هو ما يتصل بمنهج الشيخ في الترجمة، وذلك بالعناية الظاهرة بتلمس أوجه التميز في الشخصية المدروسة والمتحدث عنها . فيما يقول الناشر الدكتور محمد المشوح إن: العلامة محمد بن ناصر العبودي يأتي في طليعة أولئك الموسوعيين الذين أثروا المكتبة بالجديد والمفيد في علوم ومعارف شتى، وما زال حفظه الله يبتكر طرائق التأليف وينشط فيها، حتى صرنا نترقب مع المثقفين والباحثين ما يقوم معاليه بنشره، وباتت مسارات التأليف التي يترسمها حاضرة في أذهان المتابعين، وعلى رأسها عنايته الكبرى بالتراجم والتأليف فيها، وذلك بما تضمه من معارف تاريخية ورؤى ثقافية. و أضاف: يمتاز الشيخ العبودي بالمداخل المبتكرة في الترجمة، حيث يعنى بتحليل الشخصيات وبيئتها وثقافتها، ويمتد في ذلك حتى وجدنا في تراجمه رابطا بين سيرة المترجم له والارتباط الشعوري معه، وقد قيض الله له تلميذه النجيب العلامة محمد العبودي الذي زف هذا الكتاب الفريد في طريقته المتميزة؛ أسلوباً ومنهجاً ليبرز بشكل دقيق صفحات مطوية كادت تنسى من حياة العلامة الشيخ عبدالله بن محمد بن حميد، وذلك بأسلوب سردي أدبي جميل ارتكن فيه على آلية اليوميات التي كان يدونها الشيخ محمد العبودي "التلميذ" لشيخه " عبدالله بن محمد بن حميد" خلال سنين الطلب والدرس في طلائع سنوات قدوم الشيخ عبدالله بن محمد بن حميد إلى بريدة قاضياً على القصيم في عام 1363ه . معاجم فريدة من نوعها وأصدرت دار الثلوثية قبل أيام عدداً من الإصدارات الحديثة لمعالي الشيخ محمد العبودي والمتمثلة في عدد من المعاجم التي تمثل استمراراً للإبداع العلمي في التأليف والتدوين الذي نهجه الشيخ محمد العبودي في تنوع مؤلفاته وحسن اختيار موضوعاته، حيث يبتكر معاليه الإطار ويسبق غيره في جمع مواده والتأليف في موضوعات خاصة به ، وهو إلى اهتمامه بالجديد فإنه معني بدرجة كبيرة بما يتصل باهتمامات المجتمع بمختلف شرائحه، وهذه المعاجم أنموذج لهذه الرؤية، فالحديث عن الدين والمطر والأنواء والفصول والصيد والقنص هي من صميم مفرداتنا اللغوية المحلية، وتجد اهتمام الجميع. وتمثل هذه المعاجم حفظاً للموروث الشعبي لوطننا عبر شرح وإيراد الألفاظ والعبارات مقرونة بالشواهد الشعرية مرتبة على حروف المعجم مبرزة الدقة في الرصد والتأليف والمنهجية في العمل العلمي وكاشفة عن العشق المعرفي الذي تحمله جوانح الشيخ تبعا لهذا الحشد الهائل من الألفاظ والعبارات. وهذه المعاجم التي صدرت عن دار الثلوثية هي: 1-معجم الديانة والتدين في لغة العامة ومأثوراتها. 2-معجم ألفاظ المطر والسحاب في لغة العامة . 3-معجم الأنواء والفصول. 4-معجم ألفاظ الصيد والقنص في المأثور الشعبي . يقول صاحب دار الثلوثية الدكتور محمد المشوح متحدثا عن أهمية هذه المعاجم الفريدة من نوعها: هذه المعاجم تمثل حركة التأليف في المعاجم ركنا رئيسا في التراث العلمي العربي وغيره؛ إذ إنها بمثابة البنية التحتية للفكر والثقافة، وتستقي العلوم جميعا من إطارها ورؤاها. ويضيف: تقع المعاجم والتأليف فيها موقع القلب من مؤلفات معالي الشيخ محمد بن ناصر العبودي، حيث تمتد عناية معالي هبها منذ بدايته التأليفية، وتعتمد الدراسات الحديثة في الجغرافيا والتاريخ الخاص بجغرافية الجزيرة العربية وتاريخها على كتابه الرائد (معجم بلاد القصيم) الذي ألفه في وقت مبكر، وما زال معاليه يجتهد في هذا الباب ويصدر المؤلَّف تلو أخيه حتى تكاملت في مختلف التخصصات. وسبق لدار الثلوثية أن نشرت في العام الماضي 1431ه "معجم أسر بريدة " و " معجم النخلة" للمؤلف وقد لقيا قبولاً رائعاً ومتميزاً من الباحثين والمهتمين .