الاقتصادية - السعودية ظهر ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بابتسامة ودودة في صور تداولتها الصحافة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وذلك على ضوء توقيع ست اتفاقيات استراتيجية، على رأسها اتفاقية تعاون في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وتفعيل اللجنة المشتركة للتعاون العسكري والتعاون في مجال الفضاء، إضافة إلى اتفاقيات تعاون في مجال الإسكان والطاقة والفرص الاستثمارية. وفي حين تفاعل بوتين مع ابتسامة الأمير محمد بن سلمان بأكثر من المعتاد له نسبيا في بعض الصور، بدت ابتسامته في الصور الأخرى كالعادة مقننة. ولطالما كانت ابتسامات بوتين محط انتباه الصحافة العالمية، لأنه معروف بابتسامة جامدة لا تتعدى مط الشفة السفلى قليلا مع معالم وجه محايدة. وحين يبتسم بوتين بشكل أكثر من محايد، وهذا نادر، تجري التحليلات لاستعراض ابتسامته سياسيا. هذا ما حدث مع ابتسامات بوتين العريضة النادرة كتلك التي غيرت معالم وجهه تماما رفقة جون كيري. المفارقة أن ابتسامة بوتين الجامدة قابلتها صور ضاحكة إعلاميا لوزير خارجية الحليف الاستراتيجي الإيراني محمد جواد ظريف، هو الذي لا يكف عن الابتسام بل الضحك حتى في خضم النقاشات النووية. ابتسامة بوتين هي ابتسامة روسية تقليدية ولها علاقة بطبيعة الحال بلغة الجسد والاتصال. وقد عرف عن الروس قلة الابتسام. وقلة ابتسام الروس كما يقول بروفيسور اللسانيات والبلاغة الروسي في جامعة فرونيج، يوسيف ستيرنن، لا يعني أنهم غير ودودين أو متجهمين، وهذه قراءة جسد مغلوطة كما هي قلة معرفة بأسباب الابتسام في الثقافة الروسية. متوسط الابتسامة الروسية التقليدية بتأديتها بالشفاه ونادرا ما تظهر الأسنان العلوية كما يفعل الأمريكان مثلا، حين يبتسم السياسيون الأمريكيون فيظهرون كامل طقم أسنانهم العلوية والسفلية. وإظهار طقم الأسنان في العرف الروسي غير محبب ومبتذل ويسمى تكشيرة أو ابتسامة "حصانية". الابتسامة الروسية جهد ومهمة غير عابرة. وفي روسيا، الابتسامة هي ليست دليلا على الاحترام بعكس الثقافات الأخرى ومن بينها العربية والإنجليزية والأمريكية والألمانية والفارسية، إلا أنها ضرورية بطبيعة الحال للتحية وبدء حوار محترم. ولطالما نعت الكتاب الروس ابتسامة الأمريكيين بأنها غريبة ومزيفة تجاه الروس كما فعل مكسيم جوركي الذي قال إن أهم ما يمكنك ملاحظته في وجه الأمريكيين هو أسنانهم. أو كما وصفها ميخائيل زادورنوف بشكل ساخر بأنها "مزمنة" وكأنها مثبتة بسلك إلى القابس الكهربائي. وقد تكون الثقافة الأمريكية أثرت في الابتسام نوعا ما في الثقافة العربية السياسية عامة. كما أثرت في بيئة وثقافة العمل الأمريكية في المؤسسات الخليجية الكبرى، مقارنة بالثقافة العامة المتحفظة للتنفيذيين في المؤسسات البيروقراطية الحكومية. أما الروس فلا يبتسمون حتى في خدمة العملاء، ولا يبتسم النوادل، ولا يرد ضابط الجمارك على أي ابتسامة عند فحص الجوازات، ولا يرد الروس أي ابتسامة عابرة في الشارع على الطريقة الأمريكية. حتى ابتسامة المعارف تدعو إلى التفكير قبل الرد. في الوعي الاتصالي الروسي هناك ضرورة أن الابتسامة ينبغي أن تعبر عن انعكاس صادق للنوايا ومزاج استثنائي وعلاقات إيجابية. وإذا كان هذا عامة، فكيف به سياسيا؟!