مكة أون لاين - السعودية نقلت صحيفة سبق يوم الجمعة الماضي 26 رجب 1436ه إحصائية مزعجة، وردت ضمن خبر أوردته الصحيفة مفاده أن مسؤولة العلاقات العامة والإعلام بجمعية كفى للتوعية بأضرار التدخين والمخدرات بجدة فاطمة الشيخ أكدت في كلمتها على هامش مشاركة القسم النسائي بجمعية كفى في فعالية الأمراض المعدية وطرق الوقاية منها التي أقامتها وزارة الصحة بقطاع شمال غرب جدة وافتتح الفعالية مساعد مدير وزارة الصحة الدكتور خالد بن عبيد باواكد أن عدد المدخنات في المملكة العربية السعودية وصل 1.5 مليون امرأة مدخِّنة من أصل 6 ملايين مدخِّن في المملكة . هذا الرقم المخيف يؤكد أن المجتمع لدينا يشهد تحولا مختلفا؛ إذ لم يكن من المعهود قيام المرأة لدينا بالتدخين، إلا في أضيق وأندر الحدود والمجتمعات، وهذا لا يعني أننا ثقافيًّا أو اجتماعيًّا نجيز التدخين للرجل؛ فوجود 4.5 ملايين رجل مدخن في المملكة شيء مزعج ومؤلم جدًّا . وهذا الرقم -أقصد عدد المدخنات في المملكة- يؤكد أننا ثقافيًّا واجتماعيًّا أصبحنا مختلفين، وأن هذا التحول والاختلاف في طريقهما إلى التطور والنماء بمستوى يدخلهما بمرور الوقت ضمن الأمور والظواهر العادية، وأن علينا أن نواكب المرحلة رصدًا وقراءة ومعالجة، وبطرق وأساليب ووسائل تختلف عما كان في السابق، في زمن تعددت وتنوعت فيه مصادر الثقافة وعوامل التأثير الاجتماعي والثقافي، وأصبح ابن وبنت القرية النائية يستطيعان أن يشاهدا ويواكبا أحدث الظواهر والموضات على مستوى العالم. وإذا ما صرفنا النظر عن الأثر الصحي لوجود هذا العدد من المدخنات وهو أثر بالغ الخطورة، واتخذنا من ذلك مدخلا لإعادة قراءة واقعنا الاجتماعي والثقافي، فإن كثيرًا من مشكلاتنا الاجتماعية المسؤول عنها -في نظري- الأسرة نفسها؛ إذ القليل من الأسر التي ما زال التواصل والاهتمام والمتابعة والمصارحة بين أفرادها موجودة، والكثير من الأسر يعيش ويفكر الفرد فيها منفردًا ومستقلا، ولا يجمع أفراد هذه الأسر -للأسف- إلا وجودهم في منزل واحد، وما سوى ذلك كل يختار نمط حياته بحسب ما يريد، وكذلك الأمر في اختيار السلوكيات المناسبة، واختيار الأصدقاء الخاصين، وكذلك تصور الحياة بالنسبة لكل فرد من أفراد الأسرة، وانحسرت أوقات الاجتماع واللقاء ومساحة المفاهمة والمصارحة والمناقشة والنصيحة، حتى صار كل فرد من أفراد البيت الواحد يشق طريق حياته على النحو الذي يريد، ودون أن يعلم أي فرد من أفراد تلك الأسرة عن سلوكه وأصدقائه وحياته، وتطورت دلالة مفردة «خصوصيات» لدينا حتى شملت كل شيء. هذا النمط الحياتي الذي تسير في ضوئه أكثر الأسر السعودية، مع الذوبان في الحياة المادية بشكل واضح، والتأثير الفعال للمجتمع والإعلام ووسائل الاتصال، وانحسار تأثير الأسرة الإيجابي، وأحادية التفكير من قبل الشاب والشابة، مسؤولة عن كثير من مشكلاتنا الاجتماعية.