كشف المدير العام لجمعية «كفى لمكافحة التدخين» عبدالله سروجي مواجهة جمعيته مشكلة جديدة متمثلة في تدخين فئات تقل أعمارها عن 11 عاماً، «ساعدتها عوامل قربها من محال البقالة والمطاعم الصغيرة التي تبيع السجائر للطلاب في الخفاء بالتجزئة على اعتبار أنهم لا يستطيعون شراء علبة كاملة لا يملكون ثمنها أو لا يستطيعون الاحتفاظ بها وإخباءها عن الأسرة، فتقدم لهم تلك المحال كمية بحسب مقدرتهم». وطالب مدير الجمعية وأطباء نفسيون وأطباء قلب بتجريم هؤلاء الباعة، متهمين إياهم بتدمير صحة الناشئة بإشباع دمهم ب «النوكتين» الذي يتسبب في إدمان الدم عليه ما يؤدي بدوره إلى حدوث أمراض مسرطنة في الدم والرئة والحنجرة، وعدّوا هؤلاء البائعين «قتلة ومجرمين يستحقون تطبيق أقصى العقوبات»، مؤكدين أن تطبيق القوانين والأنظمة وإدراج غرامات عالية على المدخنين في الأماكن العامة أو الذين دون السن القانونية سيحد كثيراً من نسبة المدخنين. وكشف المدير العام للجمعية ورود شكاوى كثيرة بخصوص تعاطي الأطفال ما دون ال 11 عاماً للتدخين، وقال سروجي ل «الحياة»: «وردتنا (خلال زياراتنا للمدارس) الكثير من الشكاوى ولاحظنا ظواهر تدل على انتشار التدخين بين الأطفال (من 11 إلى 16 سنة)، كما وصل إلى الجمعية عدد مهول من الشكاوى عن هذه الظاهرة التي أسهم في انتشارها بعض أصحاب المتاجر الصغيرة، ومحال بيع الطعام بالقرب من المدارس، الذين يبيعون السجائر لهم من دون اعتبار لسنهم، بعدما تيقنا من بيعهم السجائر لهم في شكل مفرد حتى يتمكن الطالب من دفع ثمنها وإخفائها، ما عدته الجمعية سبباً أول في تفشي الظاهرة»، منوهاً إلى أن الاتفاقية الدولية لجمعية مكافحة التدخين جرمت بيع السجائر ب «الحبة»، بيد أن شركات التبغ احتالت عليها وصنعت عبوات صغيرة تحوي نصف العلبة الأساسية وبسعر أقل». وفي هذا الإطار، أفاد سروجي أن اتباع شركات التدخين لهذه الطريقة سيؤدي إلى دمار فئتين هما صغار السن و الفقراء، إذ يتكبد الفقراء مصاريف كبرى للعلاج من أضرار التدخين فضلاً عن الصرف على شرائه، وتواجه الثانية خطر الإصابة بالسرطانات المبكرة. وأضاف: «حاولنا في محافظة جدة معالجة هذه المشكلة بطرق عدة، فاتبعنا ثلاث طرق، أولاها مخاطبة «الأمانة» لمكافحة مثل هذه الظواهر ومعاقبة مرتكبيها، وتبليغها بأماكن تلك المحال التي لدينا إحصاءات عنها، ونفذنا في الثانية جولات على المدارس لتوعية ومحاربة تلك المحال القابعة جوارها»، واعتبر سروجي الطريقة الثالثة هي الأهم إذ تتمثل في العنصر الأساسي في مهماتهم وهي الأسرة. و في هذا الصدد، زاد سروجي: «يتم ذلك من خلال المقابلات وبرامج التوعية واللقاءات التلفزيونية بتوجيه نداء إلى الأسر بأن يحافظوا على أبنائهم بالتربية السليمة والرقابة الصحيحة، وأن يتلمسوا ما إذا كانوا مدخنين أم لا من خلال الأصدقاء والرائحة، وأن يتحروا الأسباب وعدم السكوت عن أي ظواهر غريبة سالبة»، مناشداً المواطنين تبليغ الجمعية أو الأمانة أو المحافظة عن أي حال أو محال تقدم السجائر للأطفال في الخفاء أو تساعدهم على الحصول عليها، كاشفاً وجود تفاعل وتعاون من المجتمع والجهات المسؤولة لكنه ليس بالحد المطلوب. وفي ختام حديثه، أوضح أن أهم ما تطمح إليه الجمعية هو تطبيق قوانين منع التدخين في الأماكن العامة والمطارات وإيقاع أقسى العقوبات على مرتكبي تلك الجرائم، بغية التخلص من المتاجرين بتلك السموم للأطفال والحد من نسبة المدخنين عموماً. من جانبه، اعتبر المحلل النفسي واستشاري الأسرة الدكتور هاني الغامدي التدخين سلوكاً سيئاً مرفوضاً اجتماعياً ودينياً، وقال ل «الحياة»: «يرجع سبب انتشاره بين الأطفال إلى وجود التأثير بمن حولهم بحكم مشاهدته في حياتنا اليومية في المسلسلات والأفلام أو من الأهل، وبالتالي يرتبط في ذهن الطفل بأن هذا من سلوكيات نضجه وبنائه الشخصي ما يجعله يحاول تطبيق تلك السلوكيات، إضافة إلى الإحساس بالأنا ضمن سلوكياته و شخصيته». ووافق الغامدي سابقه بأن الذين يروجون بيع السجائر ب «الحبة» للأطفال أو المراهقين يعلمون بتلك المشكلات والمشاعر التي تتولد لديهم، إذ إن الطفل أو المراهق لا يستطيع تحمل ثمن العلبة كاملة أو أن يخبئها عن أهله، فإنه يجد في اقتنائها ب «الحبة» أمراً ميسراً أمامه. وأضاف: «من المفترض عدم السماح ببيع السجائر لصغار السن منذ البداية سواء علبة أو حبة واحدة، إذ لا بد من محاربة تامة للتدخين تعمم على جميع مدن المملكة كالذي طبق في مكة و المدينة، ولو أن ذلك سيكون له تأثير سلبي برفع سعر التبغ من شركاته المصنعة، لكن ذلك يقلل (في أسوأ الفروض) من أماكن وجوده.