عكاظ - السعودية ليس هناك أسوأ من أن تقابل شخصا وضع في موقع المسؤولية الإدارية وتجده مترددا ومتخوفا في اتخاذ قرارات هامة تتعلق بالعمل وحياة ومصلحة المواطنين، وفي الحقيقة قابلت كثيرا من هؤلاء يعجبك في هندامه منمقا في حديثه متظاهرا بالعلم والمعرفة يشعرك أنك أمام من صقلته التجارب وأضناه التفكير في التطوير، لكن هذا المظهر الأخاذ يخفي خلفه إما شخصا خاوي الوفاض غير ملم بالقوانين والأنظمة التي تتعلق بعمله، وربما وضع في هذا المنصب لعلاقاته الشخصية دون النظر لمؤهلاته العلمية وخبراته العملية التي تشفع له اتخاذ قرارات صائبة وسريعة فيحيل المنشأة إلى حالة أشبه بالدمار والعبثية بتعطيل مصالح الناس ومعايشهم. وفي المقابل تجد مسؤولا آخر عارفا بالقوانين والتعليمات ولكنه معقد لا يتمتع بالمرونة الكافية يحاول أن يسخر ما حباه الله من معرفة في إيجاد الثغرات ليس لصالح التسهيل وتطبيق روح النظام بل على العكس تماما، يطوع هذا العلم لتعقيد الأمور وإيهام المسؤولين الأعلى منه بأنه الأحرص على مصلحة العمل، وأن ممانعته وتأخره في اتخاذ القرارات ماهو إلا للتدقيق ومنعا من التجاوزات النظامية وهو يخفي خلف ذلك السلوك شخصية مضطربة نفسيا. لو تتبعنا أغلب الإخفاقات وعدم الرضا عن أعمال الكثير من الإدارات الحكومية وما تنشره الكثير من الصحف من نقد لأدائها لابد أن ينسب إلى قرارات لإحدى هاتين الشخصيتين إلى جانب البيروقراطية العقيمة التي نعيشها وتعيق إنجاز الأمور في وقتها. يقول علماء النفس إن الجبن والتردد في اتخاذ القرار له مسببات نفسية مثل الإصابة بمرض الاكتئاب، والذي من أعراضه كثرة التردد وعدم القدرة على التركيز أو اتخاذ القرار بشكل سريع، أو الإصابة باضطراب الشخصية الانضباطية (الوسواسية) وهذا المريض يميل كثيرا إلى التردد في الإقدام على أي عمل أو اتخاذ أي قرار خوفا وحذرا من الوقوع في الخطأ ويتسم صاحب هذه الشخصية بكثرة الاهتمام بالتفاصيل بشكل مبالغ فيه وبطريقة تؤدي إلى عدم القدرة على إتمام المهام الموكلة إليه وعدم المرونة في التعامل مع الآخرين, كما أن التردد قد يكون مرده أيضا الإصابة بأحد المخاوف المرضية لاسيما الرهاب الاجتماعي. من الضروري أن يكون اختيار الأشخاص في المناصب القيادية بناء على لياقتهم الذهنية والنفسية والصحية العالية وليس فقط على الشهادات والخبرات، فالوطن والمواطنون ليسا حقلا للتجارب، وليس هناك وقت أمامنا نضيعه فالأمم من حولنا تنهض وتتقدم بسرعة وليس هناك مجال أبدا في المواقع الإدارية للمترددين والمتخاذلين والمتقاعسين..