الاقتصادية - السعودية من المقرر لدى فقهاء القانون ورجال الاقتصاد أن فشل الشركات المساهمة وسوء إدارتها لا يقف ضرره عند المساهمين فحسب، بل يطول أصحاب المصالح جميعا من دائنين وعملاء وعمال والمجتمع بأسره، ولعل ما حدث من تآكل رؤوس أموال شركات كبرى في بعض الدول وما اكتنف ذلك من مخاطر جسيمة على الدولة إلا أن شركات بذاتها خير ما يصف حجم المشكلة، التي من أهم أسبابها سوء الإدارة وما تضمنته من ممارسات كالتلاعب بالأرباح ومنح حوافز ومكافآت مبالغ بها للمديرين مع تعارض لمصالح الذي قد يحول استراتيجية الشركة لخدمة المصالح الخاصة مما بدت معه الحاجة ملحة لقانون يحد من هذه الممارسات. يصف Derek French في كتابه قانون الشركة الهدف من حوكمة الشركات بقوله "الهدف من حوكمة الشركات التيسير الفعال وتنظيم المشاريع والإدارة الحكيمة لتحقيق أطول مدة من النجاح"، كما حدد ركائز الحوكمة الجيدة بأربع "المساءلة – الشفافية – النزاهة – التركيز على تحقيق أطول مدة من النجاح"، وهذا ما قررته لائحة حوكمة الشركات السعودية، فبالنظر للفقرة (أ) من المادة الأولى من لائحة حوكمة الشركات السعودي ونصها "تبين هذه اللائحة القواعد والمعايير المنظمة لإدارة الشركات المساهمة المدرجة في السوق، من أجل ضمانة الالتزام بأفضل ممارسات الحوكمة التي تكفل حماية حقوق المساهمين وحقوق أصحاب المصالح" إذا فمحل الحوكمة هو الشركات المساهمة المدرجة في السوق والهدف هو ضمان الالتزام بأفضل ممارسات الحوكمة حماية لحقوق المساهمين وأصحاب المصالح الذين تم تحديدهم بالمادة الثانية من اللائحة "كل شخص له مصلحة مع الشركة مثل المساهمين، والعاملين، والدائنين، والعملاء، والموردين، والمجتمع"، وبما أن الهدف من الحوكمة هو حماية أصحاب المصالح من أي ممارسات خاطئة، فإن اللائحة اتصفت بالمرونة فجعلت سلطة التنفيذ سلطة تقديرية لأعضاء مجلس الإدارة بشرط أن يشرح للمساهمين في تقريره السنوي سبب عدم تطبيق أي حكم من اللائحة، واشترطت اللائحة أن يضم مجلس الإدارة عددا من الأعضاء المستقلين وذكرت اللائحة سبع نقاط تتعارض مع الاستقلالية، وجعلت النقاط على سبيل المثال لا الحصر لمزيد من الضمانات وتوسيع جانب المساءلة، ولم تقيد اللائحة دور مجلس الإدارة، بل نصت في مادتها العاشرة على أهم الوظائف الأساسية لمجلس الإدارة، وبذلك يكون تقدير المصالح مفتوحا أمام مجلس الإدارة وكل من يطعن باستقلاليته من المساهمين، وما قد يترتب على ذلك من أحكام قضائية ترتبط بالوقائع والملابسات لتحديد المسؤولية من عدمه، وبالنظر إلى اللائحة بأبوابها الخمسة فإنها تدور بمجملها على تحقيق النقاط الأربع المشار إليها آنفا "المساءلة الشفافية النزاهة التركيز على تحقيق أطول مدة من النجاح" ومع كل هذه القيود، فإن اللائحة في تحديدها حقوق المساهمين وهم من أهم أصحاب المصالح جعلت لهم الحق في مراقبة أعمال مجلس الإدارة ورفع دعوى المسؤولية على أعضاء المجلس، ما يعني تعدد السلطات الرقابية، الذي يسهم حتما في الحوكمة الجيدة إذا ما تم استغلاله وتفعيله بشكل جيد.