مكة أون لاين - السعودية كتبت أكثر من مرة عن نظام العمل والقضايا العمالية، التي أخذت تتصاعد كظاهرة تتطاول على مبدأ تكريس الأنظمة للعدالة في ظل صمت الجهات المعنية بالبحث والمراجعة، وفي المقدمة الوزارة التي أحترم محاولاتها لتخطي التحديات. في السابق رجوت وزارة العمل أن تلتفت لتنامي القضايا العمالية من باب حماية نظام العمل نفسه بعصاها، ذلك النظام الذي يُخترق في غالب الأحيان تعسفا من قبل بعض الجهات الرسمية التي تعمل وظيفيا بموجب أحكامه أو مؤسسات القطاع الأهلي وشركاته الخاضعة لهذا النظام بداية وانتهاء. ومما أذكر أنني أشرت إلى ضرورة قطع دابر التأويلات والتفسيرات التي تطول مواد نظام العمل وبنوده، مقابل جهل بعض العاملين تحت مظلة هذا النظام لحقوقهم بصفتهم الحلقة الأضعف في معادلة التعاقد. وإلى هذا سلطت الضوء بشكل عام على أهمية وضوح الأنظمة وأحكامها والسبل المثلى لتنفيذها، مع جعل ذلك في متناول إدراك واستيعاب العاملين كافة من دون إغفال جوانب التأهيل والدراية في الإدارات التنفيذية الدنيا المعنية بمعظم جوانب الحراك، مع أحكام الأنظمة وتطبيقاتها وعلى رأس هذه الأنظمة «نظام العمل» الذي لم يعد التعامل بموجبه كنظام وظيفي مقصورا على مؤسسات القطاع الخاص، حيث أخذ في التوسع ليشمل عديدا من جهات القطاع الحكومي. ومن الملاحظ أن التوسع فيه بلا حدود وهذا النظام بالمناسبة من أفضل الأنظمة الوظيفية متى توفر لمواده وأحكامه التطبيق السليم والحماية القوية، لموازنته بين حقوق الأطراف صاحب العمل / جهة العمل كطرف أول، والعامل / الموظف كطرف ثان. في العموم حماية نظام العمل واجبة لأن سريان أحكامه على جميع الخاضعين له حقوق وواجبات دون إخلال أو تعسف من مكونات الاستقرار النفسي بين العاملين، وهم من المجتمع واستقرار المجتمع لا شك من روافد الاستقرار السياسي، والأخير مطلب حيوي دائم تفرضه الضرورة الوطنية على جميع المسؤولين دون استثناء أو فوارق العمل المستمر لتحقيقه. لم لا؟! قبل بضعة أيام كتبت في هذا المكان عن تكاثر القضايا الوظيفية الحقوقية، والمقصود القضايا العمالية وقضايا حقوق الموظفين الخاضعين لسلم الموظفين العام. ورجوت أصحاب المعالي الوزراء أن يجعلوا هذه الظاهرة نصب أعينهم كأولوية، وقد وصلت المرافعات حد «القلق» الذي لا يخفى معه ارتفاع مؤشر الخلل العدلي، ومع هذا في نهاية المنعطف سوء تبعات المماطلة في تنفيذ الأحكام الصادرة لصالح العاملين، رغم أن جلها يتعلق بحقوق ثابتة، ويبقى السؤال حول هذه الجزئية قائم يتحرش بالواقع!. أخيرا، من بواعث التفاؤل أن وزارة العمل السعودية تلوح اليوم في يدها بعقوبات رادعة ضد المماطلين في تنفيذ أحكام الهيئات العمالية العليا، محددة مدة التنفيذ بما لا يتجاوز 14 يوما داعية الموظفين الذين يتعرضون للمماطلة إلى اللجوء لخيارين هما مراجعة مكتب العمل أو اللجوء لمحكمة التنفيذ. «تمام يا وزارة العمل»، وتبقى المتابعة وتعميم التفاصيل لكافة الجهات ذات العلاقة من الأهمية بمكان. لنا حوار آخر.. وبكم يتجدد اللقاء.